للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَدَقَتِهِ.

فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ ثِقَةً لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فَاسِقًا فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ بَقِيَ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ كَمَا فِي الْحُرِّ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي أَتَى بِهِ غُلَامًا صَغِيرًا أَوْ جَارِيَةً صَغِيرَةً حُرًّا أَوْ مَمْلُوكًا لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ قَبْلَ السُّؤَالِ، فَإِنْ قَالَ: إنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ عَدْلًا، فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ التَّحَرِّي، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ هَذَا الصَّغِيرُ أَرَادَ أَنْ يَهَبَ مَا أَتَى بِهِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنْ لَا يَقْبَلَ هَدِيَّتَهُ، وَلَا صَدَقَتَهُ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُ، فَإِنْ قَالَ: إنَّهُ مَأْذُونٌ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَالْقَابِضُ يَتَحَرَّى وَيَبْنِي الْحُكْمَ عَلَى مَا يَقَعُ تَحَرِّيهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ التَّحَرِّي، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَإِنَّمَا يُصَدِّقُ الصَّغِيرَ فِيمَا يُخْبِرُ بَعْدَ مَا تَحَرَّى وَوَقَعَ تَحَرِّيهِ أَنَّهُ صَادِقٌ إذَا قَالَ: هَذَا الْمَالُ مَالُ أَبِي أَوْ مَالُ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مَالُ مَوْلَايَ، وَقَدْ بَعَثَ بِهِ إلَيْكَ هَدِيَّةً أَوْ صَدَقَةً، فَأَمَّا إذَا قَالَ: هُوَ مَالُنَا، وَقَدْ أَذِنَ لَنَا أَبُونَا أَنْ نَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْكَ أَوْ نَهَبَهُ لَكَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَالْفَقِيرُ إذَا أَتَاهُ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ مَوْلَاهُ يَتَحَرَّى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَذِنَ فِي دُخُولِ الدَّارِ عَبْدُ رَجُلٍ أَوْ ابْنُهُ الصَّغِيرُ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَتَحَرَّى إلَّا أَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَا يَمْتَنِعُونَ عَنْ ذَلِكَ فَيَجُوزُ لِأَجَلِ ذَلِكَ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ إذَا أَتَى بَقَّالًا أَوْ نَحْوَهُ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا وَأَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّهُ أَمَرَتْهُ بِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ طَلَبَ الصَّابُونَ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ مِنْهُ، وَإِنْ طَلَبَ الزَّبِيبَ وَالْبَاقِلَاءَ وَالْقُبَيْطَاءَ مِمَّا يَأْكُلُهُ الصِّبْيَانُ عَادَةً لَا يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

جَارِيَةٌ قَالَتْ لِرَجُلٍ: بَعَثَنِي مَوْلَايَ إلَيْكَ هَدِيَّةً وَسِعَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقْبُولٌ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ بَعْدَ أَنْ كَانَ عَاقِلًا وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَهَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَرَفَ جَارِيَةً لِرَجُلٍ يَدَّعِيهَا وَيَزْعُمُ أَنَّهَا لَهُ وَالْأَمَةُ تُصَدِّقُهُ فِي أَنَّهَا لَهُ، ثُمَّ رَأَى الْجَارِيَةَ فِي يَدِ رَجُلٍ آخَرَ يَقُولُ هَذَا الَّذِي فِي يَدِهِ: كَانَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ فُلَانٍ، وَفُلَانٌ ذَلِكَ كَانَ مُدَّعِيًا أَنَّهَا لَهُ وَالْجَارِيَةُ تُصَدِّقُهُ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْجَارِيَةَ كَانَتْ لِي، وَإِنَّمَا أَمَرْتُ فُلَانًا بِذَلِكَ لِأَمْرٍ خَفِيٍّ وَصَدَّقَتْهُ الْجَارِيَةُ فِي قَوْلِهِ هَذَا وَالْمُدَّعِي مُسْلِمٌ ثِقَةٌ لَا بَأْسَ لِلسَّامِعِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِ السَّامِعِ أَنَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ كَاذِبٌ فِيمَا يَقُولُ لَا يَنْبَغِي لِلسَّامِعِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ، وَلَا يَقْبَلَ هِبَتَهُ، وَلَا صَدَقَتَهُ، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ ذُو الْيَدِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ قَالَ: هِيَ لِي ظَلَمَنِي فُلَانٌ وَغَصَبَهَا مِنِّي فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ لَا يَنْبَغِي لِلسَّامِعِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ، وَلَا يَقْبَلَ هِبَتَهُ وَلَا صَدَقَتَهُ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ ثِقَةً أَوْ غَيْرَ ثِقَةٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْغَصْبَ، وَإِنَّمَا أَقَرَّ بِالتَّلْجِئَةِ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ أَمْرٌ مُسْتَنْكَرٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، أَمَّا فِي التَّلْجِئَةِ مَا أَخْبَرَ بِخَبَرٍ مُسْتَنْكَرٍ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ.

وَإِنْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ: كَانَ فُلَانٌ ظَلَمَنِي وَغَصَبَهَا مِنِّي، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ظُلْمِهِ فَأَقَرَّ بِهَا لِي وَدَفَعَهَا إلَيَّ، فَإِنْ كَانَ ثِقَةً لَا بَأْسَ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ وَيَشْتَرِيَ مِنْهُ الْجَارِيَةَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: غَصَبَهَا مِنِّي فُلَانٌ فَخَاصَمْتُهُ إلَى الْقَاضِي فَقَضَى الْقَاضِي لِي بِهَا بِبَيِّنَةٍ أَقَمْتُهَا أَوْ بِنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّامِعِ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ إذَا كَانَ ثِقَةً، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ كَاذِبًا فِي أَكْبَرِ رَأْيِ السَّامِعِ فَإِنَّهُ لَا يَشْتَرِيهَا مِنْهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ، وَإِنْ قَالَ: قَضَى لِي بِهَا الْقَاضِي فَأَخَذَهَا مِنْهُ وَدَفَعَهَا إلَيَّ، أَوْ قَالَ: قَضَى الْقَاضِي لِي بِهَا فَأَخَذْتُهَا مِنْ مَنْزِلِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، إنْ كَانَ ثِقَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ، وَإِنْ قَالَ: قَضَى لِي بِهَا فَجَحَدَنِي الْقَضَاءَ فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً، كَمَا لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنْ فُلَانٍ وَنَقَدْتُهُ الثَّمَنَ، ثُمَّ جَحَدَ الْبَيْعَ فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنْ فُلَانٍ وَنَقَدْتُهُ الثَّمَنَ وَقَبَضْتُهَا بِأَمْرِهِ وَهُوَ مَأْمُونٌ ثِقَةٌ عِنْدَ السَّامِعِ، وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ: إنَّ فُلَانًا ذَلِكَ جَحَدَ هَذَا الْبَيْعَ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ مِنْهُ شَيْئًا، وَالْقَائِلُ الثَّانِي مَأْمُونٌ ثِقَةٌ أَيْضًا، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلسَّامِعِ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ وَأَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ.

وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ الثَّانِي غَيْرَ ثِقَةٍ إلَّا أَنَّ فِي أَكْبَرِ رَأْيِ السَّامِعِ أَنَّ الثَّانِي صَادِقٌ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا غَيْرَ ثِقَتَيْنِ وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>