للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الصَّحِيفَةُ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا دَعْوَى الْمُدَّعِينَ وَشَهَادَتُهُمْ إنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ مِنْ الْمُدَّعِي فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ وَرَأَى أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَفِي النَّوَازِلِ قَالَ إبْرَاهِيمُ: سَمِعْت أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُئِلَ عَنْ الْقَاضِي إذَا أُجْرِيَ لَهُ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا فِي أَرْزَاقِ كَاتِبِهِ وَثَمَنِ صَحِيفَتِهِ وَقَرَاطِيسِهِ، وَأَعْطَى الْكَاتِبَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَجَعَلَ عَشَرَةً لِرَجُلٍ يَقُومُ مَعَهُ وَكَلَّفَ الْخُصُومَ الصُّحُفَ أَيَسَعُهُ ذَلِكَ.؟

قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ يَصْرِفَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي سَمَّى لَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

الْهَدِيَّةُ مَالٌ يُعْطِيهِ وَلَا يَكُونُ مَعَهُ شَرْطٌ وَالرِّشْوَةُ مَالٌ يُعْطِيهِ بِشَرْطِ أَنْ يُعِينَهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَلَا يَقْبَلُ هَدِيَّةً إلَّا مِنْ ذِي رَحِمٍ مُحْرِمٍ، أَوْ مِمَّنْ جَرَتْ عَادَتُهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِمُهَادَاتِهِ لَكِنْ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لِلْقَرِيبِ، أَوْ لِمَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِمُهَادَاتِهِ خُصُومَةٌ.

وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ هَدَايَا الْقَاضِي أَنْوَاعٌ.

هَدِيَّةٌ لِمَنْ لَهُ خُصُومَةٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بَيْنَ الْقَاضِي وَبَيْنَ الْمُهْدِي مُهَادَاةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ لَمْ تَكُنْ وَسَوَاءٌ كَانَتْ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ.

وَهَدِيَّةٌ مِمَّنْ لَا خُصُومَةَ لَهُ وَإِنَّهَا عَلَى نَوْعَيْنِ إمَّا أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُمَا مُهَادَاةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِسَبَبِ قَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ لَمْ تَكُنْ، إنْ لَمْ تَكُنْ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا، وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُهَادَاةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَإِنْ أَهْدَاهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِمِثْلِ مَا كَانَ يُهْدِيهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْبَلَهَا فَيُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى الْمُبَاسَطَةِ السَّابِقَةِ بَيْنَهُمَا حَمْلًا لِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى السَّدَادِ وَالصَّلَاحِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ، وَإِنْ كَانَ أَهْدَاهُ زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَ يُهْدِيهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ الزِّيَادَةَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُهْدِي قَدْ ازْدَادَ فَبِقَدْرِ مَا ازْدَادَ مَالُهُ إذَا ازْدَادَ فِي الْهَدِيَّةِ فَلَا بَأْسَ بِقَبُولِهَا، ثُمَّ إذَا أَخَذَ الْهَدِيَّةَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالَ: يَضَعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَعَامَّتُهُمْ قَالُوا بِأَنَّهُ يَرُدُّهَا عَلَى أَرْبَابِهَا إنْ عَرَفَهُمْ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

وَكَذَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مُهْدِيَهَا، أَوْ عَرَفَهُ إلَّا أَنَّهُ كَانَ بَعِيدًا حَتَّى تَعَذَّرَ الرَّدُّ عَلَيْهِ يَضَعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ اللُّقَطَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

فَإِنْ كَانَ الْمُهْدِي يَتَأَذَّى بِالرَّدِّ يَقْبَلُ وَيُعْطِيهِ مِثْلَ قِيمَةِ هَدِيَّتِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَيَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ مِنْ الْوَالِي الَّذِي وَلَّاهُ، وَلَوْ كَانَتْ لِلْخَلِيفَةِ خُصُومَةٌ لَا يَقْبَلُ هَدِيَّتَهُ إلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.

وَلَوْ أَهْدَى الرَّجُلُ إلَى وَاعِظٍ شَيْئًا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ وَيَخْتَصَّ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ وَالْمُفْتِي قَبُولُ الْهَدِيَّةِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَى الْخَاصَّةِ.

(وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي دَعْوَةِ الْقَاضِي) فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ: لَا بَأْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُجِيبَ الدَّعْوَةَ الْعَامَّةَ وَلَا يُجِيبَ الدَّعْوَةَ الْخَاصَّةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُضَيِّفَ لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْضُرُهَا لَا يَتَّخِذُهَا فَهِيَ خَاصَّةٌ، وَإِنْ كَانَ يَتَّخِذُهَا فَهِيَ عَامَّةٌ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَمْ يَفْصِلْ فِي الدَّعْوَى الْخَاصَّةِ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ، وَكَذَا لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَمَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْقَاضِي وَبَيْنَ صَاحِبِ الدَّعْوَى مُبَاسَطَةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَكَانَ يَتَّخِذُ الدَّعْوَةَ لِأَجْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>