للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى فَهُمَا سَوَاءٌ، وَقَالَا: الْعِتْقُ أَوْلَى فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا حَابَى، ثُمَّ أَعْتَقَ، ثُمَّ حَابَى قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْمُحَابَاتَيْنِ نِصْفَيْنِ لِتَسَاوِيهِمَا، ثُمَّ مَا أَصَابَ الْمُحَابَاةَ الْأَخِيرَةَ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعِتْقِ وَلَوْ أَعْتَقَ، ثُمَّ حَابَى، ثُمَّ أَعْتَقَ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ وَالْمُحَابَاةِ، وَمَا أَصَابَ الْعِتْقُ قُسِّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِتْقِ الثَّانِي وَعِنْدَهُمَا الْعِتْقُ أَوْلَى بِكُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ صُورَةُ الْمُحَابَاةِ أَنْ يَبِيعَ الْمَرِيضُ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِخَمْسِينَ أَوْ يَشْتَرِي مَا يُسَاوِي خَمْسِينَ بِمِائَةٍ فَالزَّائِدُ عَلَى قِيمَةِ الْمِثْلِ فِي الشِّرَاءِ وَالنَّاقِصِ فِي الْبَيْعِ مُحَابَاةٌ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.

وَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَالَ: أَعْتَقُوهُ، أَوْ قَالَ: هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ. وَأَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ؛ تَحَاصًّا فِي الثُّلُثِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْعِتْقِ الَّذِي يُبْدَأُ بِهِ، وَإِنَّمَا يُبْدَأُ بِهِ إذَا قَالَ: هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي مُبْهَمًا أَوْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ أَلْبَتَّةَ أَوْ قَالَ: إنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَهَذَا يُبْدَأُ بِهِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ عِتْقٍ يَقَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِغَيْرِ وَقْتٍ يُبْدَأُ بِهِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ قَالَ: هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ بِشَهْرٍ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ إلَّا بِإِعْتَاقِ الْوَرَثَةِ أَوْ الْوَصِيِّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَةً فِي مَرَضِهِ فَوَلَدَتْ بَعْدَ الْعِتْقِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ أَوْ بَعْدَمَا مَاتَ لَمْ يَدْخُلْ وَلَدُهَا فِي الْوَصِيَّةِ.

وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ وَقَالَ لِآخَرَ: إنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَنْت حُرٌّ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ تَحَاصًّا فِي الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي مَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَيَتَحَاصَّانِ فِي الثُّلُثِ.

وَلَوْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ مُسَمًّى لَمْ يَجُزْ، قَالَ: وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِبَعْضِ رَقَبَتِهِ عَتَقَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ وَسَعَى فِي الْبَاقِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وَهَبَ لَهُ بَعْضَ رَقَبَتِهِ فِي حَيَاتِهِ. وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ كُلِّهَا عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ لَهُ رَقَبَتَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ جَازَتْ وَصِيَّتُهُ وَعَتَقَ ثُلُثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ مَالُهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ يُنْظَرُ إلَى ثُلُثَيْ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ مِثْلَ مَا وَجَبَ لَهُ فِي سَائِرِ أَمْوَالِهِ صَارَ قِصَاصًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ زِيَادَةً يَدْفَعُ إلَيْهِ الزِّيَادَةَ فَإِنْ كَانَ فِي ثُلُثَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ زِيَادَةٌ يَدْفَعُ إلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ عُرُوضًا لَا يَصِيرُ قِصَاصًا إلَّا بِالتَّرَاضِي لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَلَهُ الثُّلُثُ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعُوا الثُّلُثَ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِمْ السِّعَايَةُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَصَارَ كُلُّهُ مُدَبَّرًا فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ كُلُّهُ وَيَكُونُ الْعِتْقُ مُقَدَّمًا عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا فَإِنْ زَادَ الثُّلُثُ عَلَى مِقْدَارِ قِيمَتِهِ فَعَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يَدْفَعُوا إلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي الْفَضْلِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِرَجُلٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِذَلِكَ الْعَبْدِ أَنْ يُعْتَقَ أَوْ يُدَبَّرَ فَهَذَا رُجُوعٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ قَالَ فِي مَرَضِهِ لِعَبْدٍ لَهُ وَلِمُدَبَّرِهِ قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِلْمُدَبَّرِ سَهْمَانِ وَلِلْعَبْدِ سَهْمٌ.

وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ عَبْدِهِ كَذَا دِرْهَمًا، ثُمَّ يُعْتَقُ كَانَ لَهُ مَا حَطَّ عَنْهُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ الْمَحْطُوطُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ لَا تَجِبُ السِّعَايَةُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ يَحُطُّ عَنْهُ قَدْرَ الثُّلُثِ وَيَسْعَى فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

إذَا قَالَ: أَعْتِقُوا كُلَّ قَدِيمِ الصُّحْبَةِ لِي، يُعْتَقُ كُلُّ مَنْ كَانَتْ صُحْبَتُهُ حَوْلًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

رَجُلٌ أَوْصَى أَنْ يُشْتَرَى عَبْدُ ابْنِهِ فَيُعْتَقُ عَنْهُ، ثُمَّ مَاتَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ فَيُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ فَيُعْتَقُ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَى بِالْإِجْمَاعِ فَيُعْتَقُ، وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ وَيُعْتَقُ عَنْهُ، رَجُلٌ قَالَ: أَوْصَيْت بِأَنَّ عَبْدِي هَذَا حُرٌّ قَالَ: هَذِهِ وَصِيَّةٌ بِالْعِتْقِ إنَّمَا يُعْتَقُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى، وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُشْتَرَى عَبْدُ فُلَانٍ قَالَ: يُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ لَا بِمَا زَادَ فَإِنْ أَبَى مَوْلَاهُ أَنْ يَبِيعَهُ يُرَدُّ ثَمَنُهُ إلَى الْوَرَثَةِ.

فَإِنْ قَالَ: اشْتَرُوا عَبْدَ فُلَانٍ فَأَعْتِقُوهُ وَأَبَى مَوْلَاهُ أَنْ يَبِيعَهُ حُبِسَ ثَمَنُهُ حَتَّى يَمُوتَ الْعَبْدُ أَوْ يُعْتَقَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>