للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِرَجُلٍ، ثُمَّ أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مُسَمًّى حَطَّ عَنْهُ الثُّلُثَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ أَنْ يَشْتَرِيَ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِ إنْ شَاءَ أَوْ يَدَعَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمُحَابَاةِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْوَصَايَا وَقَدْ اسْتَوَتْ الْوَصِيَّتَانِ مِنْ اسْتِغْرَاقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الثُّلُثُ، فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِصَاحِبِ الْبَيْعِ نِصْفُهُ وَهُوَ السُّدُسُ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ الثُّلُثِ وَهُوَ سُدُسُ الرَّقَبَةِ، فَإِنَّمَا يُبَاعُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْعَبْدِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَيُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ سُدُسُ الرَّقَبَةِ، وَإِنْ أَبَى الْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ ثُلُثُ الرَّقَبَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا تَرَكَ عَبْدًا لَا غَيْرُ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَقَدْ أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِهِ فَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالْمَالِ أَوْ بِالثُّلُثِ، فَإِنْ أَوْصَى بِهِ بِعَيْنِهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ قَبْلَهُ لِآخَرَ فَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ أَوْ أَجَازَتْ وَلَمْ يُجِزْ صَاحِبُ الْبَيْعِ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ سُدُسُ الْعَبْدِ وَيُبَاعُ مَا بَقِيَ مِنْ الْآخَرِ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْأَلْفِ فَيَكُونُ لِلْوَرَثَةِ قِيلَ: هَذَا قَوْلُهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نِصْفُ السُّدُسِ الْعَبْدُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ وَيُبَاعُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ وَنِصْفُ سُدُسِهِ مِنْ الْآخَرِ بِقِيمَتِهِ فَيَكُونُ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ أَجَازُوا وَرَضِيَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْبَيْعِ يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ بِكَمَالِ وَصِيَّتِهِ فَيُقْسَمُ نِصْفَانِ نِصْفُهُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَنِصْفُهُ يُبَاعُ مِنْ الْآخَرِ فَيَكُونُ ثَمَنُهُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ. الْوَجْهُ الثَّانِي - أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ الْعَبْدُ مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ وَأَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ لِآخَرَ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَالْأُولَى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْجَمِيعِ يَأْخُذُ سُدُسَ الْأَلْفِ مِنْ الْوَرَثَةِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَيْسَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِالْمَالِ هُنَا وَالثَّمَنُ مَالٌ كَالرَّقَبَةِ فَيَجُوزُ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ فِي الثَّمَنِ وَهُنَاكَ أَوْصَى لَهُ بِالْعَيْنِ وَهِيَ الرَّقَبَةُ وَالثَّمَنُ غَيْرُ الْعَيْنِ فَلَا يُمْكِنُ تَكْمِيلُ وَصِيَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ - أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفٍ وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِآخَرَ فَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا أَنْ يَأْخُذَ صَاحِبُ الثُّلُثِ جُزْءًا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الرَّقَبَةِ وَيُبَاعَ الْبَاقِي مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ بِأَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْأَلْفِ، إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الثُّلُثِ يَأْخُذُ مِنْ الثَّمَنِ تَمَامَ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ مُوصًى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَالثَّمَنُ مَالُهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُبَاعُ الْكُلُّ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ وَيُعْطَى مِنْ الثُّلُثِ الثَّمَنَ إلَى صَاحِبِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِنْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ بِهَذِهِ الْأَلْفِ عَبْدٌ وَهَلَكَ مِنْهَا دِرْهَمٌ لَمْ يُعْتَقْ عَنْهُ بِمَا بَقِيَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: يُعْتَقُ عَنْهُ بِمَا بَقِيَ.

وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُشْتَرَى بِكُلِّ مَالِهِ عَبْدٌ فَيُعْتَقُ عَنْهُ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ بَطَلَتْ عِنْدَهُ أَيْضًا وَقَالَا: يُشْتَرَى بِالثُّلُثِ.

وَلَوْ أَوَصَى بِأَنْ يُشْتَرَى لَهُ عَبْدٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَزَادَ الْأَلْفُ عَلَى الثُّلُثِ بَطَلَتْ عِنْدَهُ وَقَالَا: يُشْتَرَى بِالثُّلُثِ عَبْدٌ وَيُعْتَقُ.

وَإِنْ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِهَذِهِ الْمِائَةِ فَهَلَكَ مِنْهَا دِرْهَمٌ يُحَجُّ عَنْهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ وَإِنْ لَمْ يَهْلَكْ شَيْءٌ حُجَّ بِهَا فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهَا رُدَّ عَلَى الْوَرَثَةِ.

وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِهِ فَقِيلَ لَهُ: إنَّ ثُلُثَ مَالِك لَا يَكْفِي بِهِ، فَقَالَ: أَعِينُوا بِهِ فِي الْحَجِّ يُعَنْ بِهِ فِي الْحَجِّ عَلَى الْفُقَرَاءِ.

وَمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَمَاتَ الْمُوصِي فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً وَدُفِعَ بِهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ فَدَاهُ الْوَرَثَةُ كَانَ الْفِدَاءُ مِنْ مَالِهِمْ وَأَمْضَوْا الْوَصِيَّةَ.

وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيْدٍ، ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ عَبْدًا وَمَالًا وَوَارِثًا فَقَالَ الْمُوصَى لَهُ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ، وَقَالَ الْوَارِثُ: أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ فَالْقَوْلُ لِلْوَارِثِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْعِتْقَ فِي الصِّحَّةِ.

وَمَنْ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَعَبْدًا فَقَالَ رَجُلٌ: لِي عَلَى أَبِيك أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ، وَقَالَ الْعَبْدُ: أَعْتَقَنِي أَبُوك فِي صِحَّتِهِ، فَقَالَ الِابْنُ: صَدَقْتُمَا - سَعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ وَيَدْفَعُ الْقِيمَةَ إلَى الْغَرِيمِ، هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا: يُعْتَقُ وَلَا يَسْعَى فِي شَيْءٍ. وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنًا وَأَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ رَجُلٌ: لِي عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ، وَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا الْأَلْفُ الَّذِي تَرَكَهُ أَبُوك كَانَ وَدِيعَةً لِي عِنْدَ أَبِيك، وَقَالَ الِابْنُ صَدَقْتُمَا فَعِنْدَهُ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَقَالَا: الْوَدِيعَةُ أَحَقُّ، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَمَنْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ وَعَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَقَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ فَأَجَازَ الْوَارِثَانِ ذَلِكَ لَمْ يَسْعَ فِي شَيْءٍ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ ابْنَهُ فِي مَرَضِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَذَلِكَ قِيمَتُهُ وَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّ ابْنَهُ يُعْتَقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>