للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُصُونَهُمْ، وَيُغْرِقُونَهَا، وَيُخْرِبُونَ الْبُنْيَانَ، وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ يَقُولُ: هَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ الْحِصْنِ أَسِيرٌ مُسْلِمٌ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ التَّحْرِيقُ وَالتَّغْرِيقُ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: لَوْ مَنَعْنَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِمْ قِتَالُ الْمُشْرِكِينَ وَالظُّهُورُ عَلَيْهِمْ وَالْحُصُونُ قَلَّمَا تَخْلُو عَنْ أَسِيرٍ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْصِدُونَ الْمُشْرِكِينَ بِذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَا بَأْسَ بِرَمْيِهِمْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ أَسِيرٌ أَوْ تَاجِرٌ وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِصِبْيَانِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِالْأُسَارَى لَمْ يَكُفُّوا عَنْ رَمْيِهِمْ، وَيَقْصِدُونَ بِالرَّمْيِ الْكُفَّارَ، وَمَا أَصَابُوهُ مِنْهُمْ لَا دِيَةَ عَلَيْهِمْ، وَلَا كَفَّارَةَ، وَلَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ النِّسَاءِ وَالْمَصَاحِفِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانَ الْعَسْكَرُ عَظِيمًا يُؤْمَنُ عَلَيْهِمْ، وَيُكْرَهُ إخْرَاجُ ذَلِكَ فِي سَرِيَّةٍ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا، وَلَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ عَلَيْهِمْ بِأَمَانٍ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ الْمُصْحَفَ إذَا كَانُوا قَوْمًا يُوفُونَ بِالْعَهْدِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَسْكَرُ عَظِيمًا، فَلَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ الْعَجَائِزِ لِلْخِدْمَةِ، أَمَّا الشَّوَابُّ مِنْهُنَّ فَقَرَارُهُنَّ فِي الْبَيْتِ أَسْلَمُ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا تَخْرُجَ النِّسَاءُ أَصْلًا خَوْفًا مِنْ الْفِتَنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُدٌّ مِنْ الْإِخْرَاجِ لِلْمُبَاضَعَةِ، فَالْإِمَاءُ دُونَ الْحَرَائِرِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. .

قَوْمٌ مِنْ الصُّلَحَاءِ يُرِيدُونَ الْغَزْوَ وَمَعَهُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْفَسَادِ يَخْرُجُونَ إلَى الْغَزْوِ وَمَعَهُمْ مَزَامِيرُ، فَإِنْ أَمْكَنَ لِلصُّلَحَاءِ الْخُرُوجُ بِدُونِهِمْ لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْخُرُوجُ إلَّا مَعَهُمْ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يَغْدِرُوا، وَلَا يَغُلُّوا، وَلَا يُمَثِّلُوا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَا يَقْتُلُوا امْرَأَةً، وَلَا صَبِيًّا، وَلَا مَجْنُونًا، وَلَا شَيْخًا فَانِيًا، وَلَا أَعْمَى، وَلَا مُقْعَدًا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ لَهُ رَأْيٌ فِي الْحَرْبِ أَوْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مَلِكَةً، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَلِكُهُمْ صَبِيًّا صَغِيرًا وَأَحْضَرُوهُ مَعَهُمْ الْوَقْعَةَ وَكَانَ فِي قَتْلِهِ تَفْرِيقُ جَمْعِهِمْ، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ ذَاتَ مَالٍ تَحُثُّ النَّاسَ عَلَى الْقِتَالِ بِمَالِهَا تُقْتَلُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَكَذَا يُقْتَلُ مَنْ قَاتَلَ مِنْ هَؤُلَاءِ غَيْرَ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ يُقْتَلَانِ مَا دَامَا يُقَاتِلَانِ وَغَيْرَهُمَا لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ بَعْدَ الْأَسْرِ وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ، وَيُفِيقُ فَهُوَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَالصَّحِيحِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَلَا يُقْتَلُ مَقْطُوعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ، وَلَا مَقْطُوعُ الْيَدِ الْيُمْنَى خَاصَّةً إذَا كَانُوا لَا يُقَاتِلُونَ بِمَالٍ، وَلَا رَأْيٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَا يُقْتَلُ يَابِسُ الشِّقِّ، فَإِنْ قَاتَلَ لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ، كَذَا الْأَعْمَى وَالْمُقْعَدُ وَالشَّيْخُ الْفَانِي إذَا حَضَرُوا، وَحَرَّضُوا عَلَى الْقِتَالِ، وَمَنْ قَتَلَ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَمَّا أَقْطَعُ الْيَدِ الْيُسْرَى أَوْ أَقْطَعُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ، فَهُوَ مِمَّنْ يُقَاتِلُ فَيُقْتَلُ، وَكَذَا الْأَخْرَسُ وَالْأَصَمُّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، أَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ مَا دَامَا يُحَرِّضَانِ، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِمَا وَبَعْدَ مَا صَارَا فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْتُلُوهُمَا، وَإِنْ كَانَا قَتَلَا غَيْرَ وَاحِدٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْتُلَ الرَّجُلُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كُلَّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَبْتَدِئُ بِهِ إلَّا الْوَالِدَ وَالْوَالِدَةَ وَالْأَجْدَادَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ وَالْجَدَّاتِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَضْطَرُّهُ الْوَالِدُ إلَى ذَلِكَ، فَأَمَّا إذَا اضْطَرَّهُ إلَى ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْهَرَبُ مِنْهُ، وَإِذَا ظَفِرَ الِابْنُ بِأَبِيهِ فِي الصَّفِّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَهُ بِالْقَتْلِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ الرُّجُوعِ حَتَّى لَا يَعُودَ حَرْبًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَكِنَّهُ يُلْجِئُهُ إلَى مَوْضِعٍ وَيَسْتَمْسِكُ بِهِ حَتَّى يَجِيءَ غَيْرُهُ فَيَقْتُلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .

وَلَا يُقْتَلُ الرَّاهِبُ فِي صَوْمَعَتِهِ إلَّا أَنْ يُخَالِطَ النَّاسَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

فَإِنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ عَلَى حَمْلِ مَنْ لَا يَقْتُلُ وَإِخْرَاجُهُمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَتْرُكُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ امْرَأَةً، وَلَا صَبِيًّا، وَلَا مَعْتُوهًا، وَلَا أَعْمَى، وَلَا مُقْعَدًا، وَلَا مَقْطُوعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ، وَلَا مَقْطُوعَ الْيَدِ الْيُمْنَى؛ لِأَنَّهُمْ يُولَدُ لَهُمْ فَفِي تَرْكِهِمْ عَوْنٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَمَّا الشَّيْخُ الْفَانِي الَّذِي لَا يُلَقِّحُ، فَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ، كَذَلِكَ الرُّهْبَانُ، وَأَصْحَابُ الصَّوَامِعِ إذَا كَانُوا مِمَّنْ لَا يُصِيبُونَ النِّسَاءَ، وَكَذَلِكَ الْعَجُوزُ الَّتِي لَا يُرْجَى وَلَدُهَا كَذَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>