للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِجَالِهِمْ إلَّا السَّيْفَ أَوْ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يُسْلِمُوا قُتِلُوا، وَقَسَّمَ نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ وَيُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَقُسِّمَتْ الْأَمْوَالُ وَالْأَرَاضِي بَيْنَ الْغَانِمِينَ أَيْضًا، وَيُوضَعُ عَلَى الْأَرَاضِي الْعُشْرُ، وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَقْتُلَ الرِّجَالَ، وَيُقَسِّمَ النِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ بَيْنَ الْغَانِمِينَ دُونَ الْأَرَاضِي، وَرَأَى ذَلِكَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ فَعَلَ ذَلِكَ، فَإِنْ رَأَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَنْقُلَ إلَى الْأَرَاضِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِيُؤَدُّوا الْخَرَاجَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَعَنْ الْأَرَاضِي فَعَلَ ذَلِكَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَارَتْ الْأَرَاضِي مَمْلُوكَةً لَهُمْ يَتَوَارَثُونَهَا وَيُؤَدُّونَ الْخَرَاجَ عَنْهَا، فَقَدْ ذَكَرَ هَهُنَا نَقْلَ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُمْ الْغَيْظُ بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّينَ، وَلَا كَذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ.

فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّونَ بَعْدَ مَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْإِمَامُ كَانُوا أَحْرَارًا لَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهِمْ وَأَمْوَالُهُمْ، فَالْإِمَامُ فِيهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَسَّمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَجَعَلَ عَلَى الْأَرَاضِي الْعُشْرَ، وَإِنْ شَاءَ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِالنِّسَاءِ وَالذَّرَارِيِّ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَرَاضِيِ، وَوَضَعَ عَلَى أَرَاضِيِهِمْ الْخَرَاجَ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ وَضَعَ عَلَيْهَا الْعُشْرَ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَجْعَلَ مَا كَانَ مِنْ أَرَاضِيِهِمْ عُشْرِيًّا عَلَى حَالِهِ، وَمَا كَانَ خَرَاجِيًّا عَلَى حَالِهِ، فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَجْعَلَ أَهْلَ الْحَرْبِ وَالنَّاقِضِينَ الْعَهْدَ أَهْلَ ذِمَّةٍ يُؤَدُّونَ الْخَرَاجَ، وَقَدْ أَصَابَ مِنْهُمْ مَالًا فِي الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا بِعُذْرٍ وَالْعُذْرُ أَنْ لَا يَقْدِرُوا عَلَى عِمَارَةِ الْأَرَاضِي وَزِرَاعَتِهَا إلَّا بِذَلِكَ الْمَالِ فَأَمَّا مَا بَقِيَ فِي أَيْدِيهِمْ، فَإِنْ احْتَاجُوا إلَيْهَا لِعِمَارَةِ الْأَرَاضِيِ وَزِرَاعَتِهَا لَمْ يَأْخُذْ الْإِمَامُ مِنْهُمْ، وَإِنْ اسْتَغْنُوا عَنْهَا، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْهُمْ، وَقَسَّمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَتْرُكَهَا فِي أَيْدِيهِمْ تَأْلِيفًا لَهُمْ حَتَّى يَقِفُوا عَلَى مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ، فَيُسْلِمُوا، وَكَذَلِكَ مَا أَخَذَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِمْ لَا يُرَدُّ وَمَا بَقِيَ فِي أَيْدِيهِمْ بَعْدَ الظُّهُورِ عَلَيْهِمْ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ

وَإِذَا فَتَحَ الْإِمَامُ بَلْدَةً مِنْ بِلَادِ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَقَسَّمَهَا وَأَهْلَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَلِكَ إذَا مَنَّ بِهَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ أَرَادَ الْقِسْمَةَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .

الْإِمَامُ بِالْخِيَارِ فِي الْأَسْرَى إنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَقَّهُمْ إلَّا مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُمْ أَحْرَارًا ذِمَّةً لِلْمُسْلِمِينَ إلَّا مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ، وَلَيْسَ فِيمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ إلَّا الِاسْتِرْقَاقُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّهُمْ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَلَا تَجُوزُ مُفَادَاةُ أُسَارَاهُمْ بِأُسَارَانَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي وَهَكَذَا فِي الْمُتُونِ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الزَّادِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُفَادِيَ أُسَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِأُسَرَاءِ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَبِهَا قَالَ الْعَامَّةُ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.

ثُمَّ فِي الْمُفَادَاةِ يُشْتَرَطُ رِضَا أَهْلِ الْعَسْكَرِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّهِمْ عَنْ الْعَيْنِ وَلَوْ أَبَى أَهْلُ الْعَسْكَرِ ذَلِكَ فِيمَا عَدَا الرِّجَالِ لَيْسَ لِلْأَمِيرِ أَنْ يُفَادِيَهُمْ وَفِي الرِّجَالِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَهُ أَنْ يُفَادِيَهُمْ وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَاهُمْ، وَإِذَا جَاءَ رَسُولُ مَلِكِهِمْ يَطْلُبُ الْمُفَادَاةَ بِالْأُسَارَى فِي مَكَانٍ فَأَخَذُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَهْدًا بِأَنْ يُؤَمِّنُوهُمْ عَلَى مَا يَأْتُوا بِهِ مِنْ الْأُسَارَى حَتَّى يَفْرُغُوا مِنْ أَمْرِ الْفِدَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ رَجَعُوا بِمَنْ مَعَهُمْ مِنْ أُسَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِهِمْ وَأَنْ يُفَادُوهُمْ كَمَا شَرَطُوا لَهُمْ شَرَطُوا مَالًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُمْ إنْ لَمْ يَتَّفِقْ بَيْنَهُمْ التَّرَاضِي بِالْمُفَادَاةِ وَأَرَادُوا الِانْصِرَافَ بِأُسَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلِلْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ قُوَّةٌ، فَإِنَّهُ لَا يَسَعُهُمْ أَنْ يَدْعُوَهُمْ حَتَّى يَرُدَّ الْأُسَرَاءَ إلَى بِلَادِهِمْ وَيَحِقُّ عَلَيْهِمْ تَرْكُ الْوَفَاءِ بِهَذَا الشَّرْطِ وَنَزْعُ الْأُسَرَاءِ مِنْ أَيْدِيهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لَهُمْ بِشَيْءٍ سِوَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

أَمَّا الْمُفَادَاةُ بِمَالٍ نَأْخُذُهُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَلَمْ تَجُزْ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَلَوْ أَسْلَمَ الْأَسِيرُ فِي أَيْدِينَا لَا يُفَادَى بِمُسْلِمٍ أَسِيرٍ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>