للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَيْهَا مَنْ يَعْمُرُهَا وَيُؤَدِّي خَرَاجَهَا كَمَا يُعْمَلُ فِي مُعَطَّلِ أَرْضِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ مَاتَ الْحَكَمُ بَعْدَ نُزُولِهِمْ قَبْلَ الْحُكْمِ رُدُّوا إلَى مَأْمَنِهِمْ مَا خَلَا الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ الْأَحْرَارَ مِنْهُمْ يُنْزَعُونَ مَجَّانًا وَالْعَبِيدُ بِالْقِيمَةِ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ ذِمَّتِنَا عِنْدَهُمْ، وَكَذَلِكَ إنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ فِي أَيْدِيهِمْ إذَا اسْتَعَانُوا بِالْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَجَبَ رَدُّهُمْ، فَإِنَّمَا يُرَدُّونَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ إلَيْنَا، وَلَا يُرَدُّونَ إلَى مَا أُحْصِنَ مِنْهُ، وَلَا إلَى جَيْشٍ أَكْثَرَ مِنْهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الْمُسْلِمُونَ: لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ إنْ دَلَلْتنَا عَلَى كَذَا كَذَا فَأَنْت آمِنٌ أَوْ قَالُوا أَمَّنَّاكَ، فَلَمْ يَدُلَّهُمْ فَالْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَتَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ سَبَاهُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: أَمَّنَّاك عَلَى أَنْ تَدُلَّنَا عَلَى كَذَا كَذَا وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى هَذَا، فَلَمْ يَدُلَّهُمْ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ، وَالْجَوَابُ فِيهِ أَنَّهُ عَلَى أَمَانِهِ لَا يَحِلُّ لِلْإِمَامِ قَتْلُهُ، وَلَا أَسْرُهُ وَإِذَا دَخَلَ عَسْكَرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ دَارَ الْحَرْبِ، فَمَرُّوا بِبَعْضِ حُصُونِهِمْ أَوْ مَدَائِنِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ بِهِمْ طَاقَةٌ، وَأَرَادُوا أَنْ يَنْفِرُوا إلَى غَيْرِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ: أَعْطُونَا عَلَى أَنْ لَا تَشْرَبُوا مِنْ مَاءٍ نَهَرِنَا هَذَا حَتَّى تَرْتَحِلُوا عَنَّا عَلَى أَنْ لَا نُقَاتِلَكُمْ، وَلَا نَتْبَعُكُمْ إذَا ارْتَحَلْتُمْ، فَإِنْ كَانَ فِي الْإِعْطَاءِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَعْطُوهُمْ وَبَعْدَ مَا أَعْطُوهُمْ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا وَأَنْ يَسْقُوا دَوَابَّهُمْ إذَا كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ فِي مَائِهِمْ بِيَقِينٍ أَوْ كَانَ لَا يَدْرِي أَنَّهُ يَضُرُّ بِهِمْ، وَإِنْ احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إلَى الْمَاءِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْبِذُوا إلَيْهِمْ، وَيُعْلِمُوهُمْ بِالنَّبْذِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي مَائِهِمْ بِيَقِينٍ بِأَنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا، فَلِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَشْرَبُوا، وَيَسْقُوا دَوَابَّهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْبِذُوا إلَيْهِمْ وَالْجَوَابُ فِي الْكَلَأِ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي الْمَاءِ، وَإِنْ قَالُوا: أَعْطُونَا عَلَى أَنْ لَا تَتَعَرَّضُوا لِشَيْءٍ مِنْ زُرُوعِنَا وَأَشْجَارِنَا وَأَثْمَارِنَا فَأَعْطُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إلَيْهَا فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لَهَا مَا لَمْ يَنْبِذُوا إلَيْهِمْ، وَيُعْلِمُوهُمْ بِالنَّبْذِ أَضَرَّ ذَلِكَ بِهِمْ، أَوْ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ قَالُوا: أَعْطَوْنَا عَلَى أَنْ لَا تُحْرِقُوا زُرُوعنَا وَكَلَأَنَا، فَأَعْطَيْنَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نَفْيِ بِهِ فَلَا نُحَرِّقَ زُرُوعَهُمْ وَكَلَأَهُمْ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ نَأْكُلَ مِنْ ذَلِكَ وَنَعْلِفَ دَوَابَّنَا، وَيُمَثِّلُهُ لَوْ قَالَ: أَعْطُونَا عَلَى أَنْ لَا تَأْكُلُوا زُرُوعَنَا وَكَلَأَنَا، فَأَعْطَيْنَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ.

فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَأْكُلَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْ نَعْلِفَ دَوَابَّنَا، وَأَنْ نُحَرِّقَ ذَلِكَ، وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْأَمَانَ عَلَى الشَّيْءِ أَمَانٌ عَلَى مِثْلِهِ وَعَلَى مَا فَوْقَهُ ضَرَرٌ أَوْ لَا يَكُونُ أَمَانًا عَلَى مَا دُونَهُ ضَرَرًا، وَلِهَذَا إنْ قَالُوا أَعْطَوْنَا عَلَى أَنْ لَا تُحَرِّقُوا زُرُوعَنَا، فَلَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُغْرِقَهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَإِنْ قَالَ لَهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَعْطَوْنَا عَلَى أَنْ لَا تَمُرُّوا فِي هَذَا الطَّرِيقِ عَلَى أَنْ لَا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا، وَلَا نَأْسِرَهُ، فَإِنْ كَانَ الْإِعْطَاءُ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُعْطُوا ذَلِكَ، وَيَأْخُذُوا فِي طَرِيقٍ، وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ الْآخَرُ أَبْعَدُ وَأَشَقُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَمُرُّوا فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ، وَلَا يَمُرُّونَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ، لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ حَتَّى يَنْبِذُوا إلَيْهِمْ، وَيُعْلِمُوهُمْ بِالنَّبْذِ، وَلَا يَقْتُلُ الْمُسْلِمُونَ أَحَدًا مِنْهُمْ، وَلَا يَأْسِرُونَ، وَيَكُونُ الْأَمَانُ عَلَى الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي عَيَّنُوهُ أَمَانًا عَلَى الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ، وَإِنْ شَرَطُوا عَلَيْنَا أَنْ لَا نُخَرِّبَ قُرَاهُمْ، فَلَا بَأْس بِأَنْ نَأْخُذَ مَا وَجَدْنَا فِي قُرَاهُمْ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِبِنَاءٍ وَالْأَمَانُ عَلَى التَّخْرِيبِ لَا يَكُونُ أَمَانًا عَلَى أَخْذِ الْمَتَاعِ وَالطَّعَامِ، وَإِنْ شَرَطُوا أَنْ لَا نَقْتُلَ أُسَارَاهُمْ إذَا أَصَبْنَاهُمْ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ نَأْسِرَهُمْ، وَلَوْ شَرَطُوا عَلَيْنَا أَنْ لَا نَأْسِرَ مِنْهُمْ، فَلَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَقْتُلَهُمْ، وَلَا أَنْ نَأْسِرَهُمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .

وَلَوْ قَالُوا أَمِّنُونَا حَتَّى نَفْتَحَ لَكُمْ الْحِصْنَ، فَتَدْخُلُونَ عَلَى أَنْ تَعْرِضُوا عَلَيْنَا الْإِسْلَامَ فَنُسْلِمَ، ثُمَّ أَبَوْا أَنْ يُسْلِمُوا، فَهُمْ آمِنُونَ، وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ حِصْنِهِمْ، ثُمَّ يَنْبِذُونَ إلَيْهِمْ، فَإِنْ شَرَطَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ إنْ أَبَيْتُمْ الْإِسْلَامَ، فَلَا أَمَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ وَرَضُوا بِذَلِكَ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَلَا بَأْسَ بِاسْتِرْقَاقِهِمْ وَقَتْلِ مُقَاتِلِهِمْ إنْ أَبَوْا الْإِسْلَامَ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ وَأَبَى الْبَعْضُ فَمَنْ أَسْلَمَ فَهُوَ حُرٌّ، وَمَنْ أَبَى فَهُوَ فَيْءٌ، فَإِنْ جَعَلَهُ الْإِمَامُ فَيْئًا بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>