بِبَيِّنَةِ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ إيفَاءَ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ كَانَ الرَّاهِنُ رَجُلَيْنِ، وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِمَا رَهْنًا، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنَّهُ رَهَنَهُ وَقَبَضَهُ، وَالْمَتَاعُ لَهُمَا جَمِيعًا، وَهُمَا يَجْحَدَانِ فَإِنَّ لِمُدَّعِي الرَّهْنَ أَنْ يُحَلِّفَ الَّذِي لَمْ يُقِمْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ، فَإِنْ نَكِلَ ثَبَتَ الرَّهْنُ عَلَيْهِمَا بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عَلَى النَّاكِلِ بِالنُّكُولِ، وَعَلَى الْآخَرِ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَثْبُتْ الرَّهْنُ فِي حَقِّهِ، وَلَا يُقْضَى بِالرَّهْنِ بِنَصِيبِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّا لَوْ قَضَيْنَا بِهِ لَقَضَيْنَا بِرَهْنِ الْمُشَاعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
إنْ كَانَ الرَّاهِنُ وَاحِدًا، وَالْمُرْتَهِنُ اثْنَيْنِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: ارْتَهَنْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا الثَّوْبَ مِنْكَ بِمِائَةٍ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ، وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ الْآخَرُ، وَقَالَ: لَمْ تَرْهَنْهُ، وَقَدْ قَبَضَا الثَّوْبَ وَجَحَدَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ فَإِنَّ الرَّهْنَ يُرَدُّ عَلَى الرَّاهِنِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَا أَقْضِي بِهِ رَهْنًا، وَأَجْعَلُهُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ، وَعَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَإِذَا قَضَى الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ مَالَهُ أَخَذَ الرَّهْنَ، فَإِنْ هَلَكَ ذَهَبَ نَصِيبُ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ مِنْ الْمَالِ، فَأَمَّا نَصِيبُ الْآخَرِ، فَلَا يَثْبُتُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَ شُهُودَهُ بِجُحُودِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنِهِ، وَقَبَضَهُ وَرَهَنَهُ ثُمَّ إنَّ رَبَّ الثَّوْبِ مَعَ الرَّاهِنِ اخْتَلَفَا، وَقَدْ هَلَكَ الثَّوْبُ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: هَلَكَ قَبْلَ الْفِكَاكِ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: هَلَكَ بَعْدَ الْفِكَاكِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: هَلَكَ الثَّوْبُ قَبْلَ أَنْ أَرْهَنَهُ، وَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: هَلَكَ بَعْدَمَا رَهَنْتَهُ قَبْلَ أَنْ تَفْتَكَّهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الثَّوْبِ، وَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَرَبُّ الثَّوْبِ فِي قِيمَةِ الثَّوْبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ.
وَلَوْ اخْتَلَفَ رَبُّ الثَّوْبِ وَالرَّاهِنُ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: أَمَرْتُكَ أَنْ تَرْهَنَهُ بِخَمْسَةٍ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: أَمَرْتَنِي أَنْ أَرْهَنَهُ بِعَشَرَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ، وَبَرِئَ عَنْ ضَمَانِ الْقِيمَةِ.
وَإِذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الرَّهْنِ بِمِائَةٍ، وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الرَّهْنِ بِمِائَتَيْنِ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُقْضَى بِالرَّهْنِ أَصْلًا وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِالرَّهْنِ بِمِائَةٍ.
وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِمِائَةٍ، وَالْآخَرُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ يَدَّعِي الْمِائَةَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ يَدَّعِي الْمِائَةَ وَالْخَمْسِينَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِائَةِ، وَيُقْضَى بِالرَّهْنِ بِمِائَةٍ، وَهَذَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ - أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute