للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْمِصْرِ وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَجُلًا صَحِيحًا أَوْ امْرَأَةً صَحِيحَةً بَرْزَةً تُخَالِطُ الرِّجَالَ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يُعَدِّيَهُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُعَدِّيهِ وَالْأَعْدَاءُ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَذْهَبَ الْقَاضِي بِنَفْسِهِ. وَالثَّانِي أَنْ يَبْعَثَ مِنْ يُحْضِرُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ كِلَا النَّوْعَيْنِ إلَّا أَنَّ فِي زَمَانِنَا الْقَاضِي لَا يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْمِصْرِ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَرِيضًا أَوْ امْرَأَةً مُخَدَّرَةً وَهِيَ الَّتِي لَمْ يُعْهَدْ لَهَا الْخُرُوجُ فَالْقَاضِي لَا يُعَدِّيهِمَا، وَتَكَلَّمَ الْمَشَايِخُ فِي مِقْدَارِ الْمَرَضِ الَّذِي لَا يُعَدِّيهِ الْقَاضِي قَالَ بَعْضُهُمْ: أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ الْحُضُورُ بِنَفْسِهِ وَالْمَشْيُ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَلَوْ حُمِلَ أَوْ رَكِبَ عَلَى أَيْدِي النَّاسِ يَزْدَادُ مَرَضُهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ الْحُضُورُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْحُضُورُ بِالرُّكُوبِ وَحَمْلِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزْدَادَ مَرَضُهُ وَهَذَا الْقَوْلُ أَرْفَقُ وَأَصَحُّ، ثُمَّ إذَا لَمْ يُحْضِرْهُمَا يَعْنِي: الْمَرِيضَ، وَالْمُخَدَّرَةَ مَاذَا يَصْنَعُ الْقَاضِي؟ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ الْقَاضِي مَأْذُونًا بِالِاسْتِحْلَافِ يَبْعَثُ خَلِيفَتَهُ إلَيْهِمَا فَيَقْضِي بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ خُصُومِهِمَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي مَأْذُونًا بِالِاسْتِخْلَافِ؛ يَبْعَثُ الْقَاضِي إلَيْهِ أَمِينًا مِنْ أُمَنَائِهِ فَقِيهًا، وَيَبْعَثُ مَعَهُ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ حَتَّى يُخْبِرَا الْقَاضِيَ بِمَا جَرَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنَّمَا يَبْعَثُ شَاهِدَيْنِ مِمَّنْ يَعْرِفَانِ الْمَرْأَةَ وَالْمَرِيضَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا بَعَثَ الْأَمِينَ بَيَّنَ لَهُ صُورَةَ الِاسْتِحْلَافِ وَكَيْفِيَّتَهُ حَتَّى إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلَّفَهُ عَلَى مَا هُوَ رَأْيُ الْقَاضِي، وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِحْلَافِ وَلِهَذَا قَالَ: يُبَيِّنُ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ إذَا ذَهَبُوا إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْأَمِينُ يُخْبِرُهُ بِمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ بِمَا أَقَرَّ بِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا يَحْضُرَ مَعَهُ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ لِيَشْهَدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِمَا أَقَرَّ بِهِ بِحَضْرَةِ وَكِيلِهِ فَيَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ وَكِيلِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ فَالْأَمِينُ يَقُولُ لِلْمُدَّعِي: أَلَكَ بَيِّنَةٌ، فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ يَأْمُرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا يَحْضُرَ مَعَ خَصْمِهِ مَجْلِسَ الْقَاضِي وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِحَضْرَةِ وَكِيلِهِ، وَإِنْ قَالَ: لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ فَالْأَمِينُ يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ أَخْبَرَ الشَّاهِدَانِ الْقَاضِيَ بِذَلِكَ حَتَّى يَمْنَعَ الْمُدَّعِيَ مِنْ الدَّعْوَى إلَى أَنْ يَجِدَ بَيِّنَةً وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَمَرَهُ الْأَمِينُ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا يَحْضُرَ مَعَ خَصْمِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ الشَّاهِدَيْنِ بِنُكُولِهِ وَيَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي.

هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْمِصْرِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَارِجَ الْمِصْرِ وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْفَصْلِ وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْ الْمِصْرِ، وَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْمِصْرِ فَيُعَدِّيهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا عَنْ الْمِصْرِ وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعَدِّيهِ وَالْفَاصِلُ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ ابْتَكَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>