للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ خَافَتْ أَنْ يُمْسِكَهَا زَمَانًا طَوِيلًا وَلَا يُطَلِّقَهَا وَلَا يُجَامِعَهَا كَيْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا فَالْحِيلَةُ لَهَا أَنْ يَقُولَ قَبْلَ التَّزَوُّجِ: إنْ تَزَوَّجْتُك وَأَمْسَكْتُك وَلَمْ أُجَامِعْك فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَهْوَاهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ ذَلِكَ تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا مِنْهُ، فَإِذَا مَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَيَحْصُلُ الْخَلَاصُ (حِيلَةٌ أُخْرَى فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ) أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ لِلْمُحَلِّلِ زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْك عَلَى أَنَّ أَمْرِي بِيَدِي أُطَلِّقُ نَفْسِي كُلَّمَا أُرِيدُ، ثُمَّ يَقْبَلُ الزَّوْجُ فَيَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا كُلَّمَا أَرَادَتْ وَلَوْ بَدَأَ الْمُحَلِّلُ فَقَالَ تَزَوَّجْتُك عَلَى أَنَّ أَمْرَك بِيَدِك بَعْدَمَا تَزَوَّجْتُك وَطَلِّقِي نَفْسَك كُلَّمَا تُرِيدِينَ فَقَبِلَتْ لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا

(وَحِيلَةٌ أُخْرَى) أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ الْمُحَلِّلُ لِلْمَرْأَةِ: تَزَوَّجْتُكِ عَلَى أَنَّ أَمْرَك بِيَدِك بَعْدَ مَا تَزَوَّجْتُك وَطَلِّقِي نَفْسَك كُلَّمَا تُرِيدِينَ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ قَبِلْت يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا أَيْضًا الْمُطَلَّقَةُ الثَّلَاثُ إذَا أَرَادَتْ التَّزَوُّجَ وَالرُّجُوعَ إلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَهِيَ تَكْرَهُ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا رَجُلًا فَتَشْتَهِرُ بِأَنَّهَا قَدْ اسْتَحَلَّتْ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ لَهَا مَالٌ تَهَبُ لِبَعْضِ مَنْ تَثِقُ بِهِ ثَمَنَ مَمْلُوكٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ مَمْلُوكًا صَغِيرًا مُرَاهِقًا يُجَامِعُ مِثْلُهُ النِّسَاءَ، ثُمَّ تُزَوِّجُ نَفْسَهَا مِنْهُ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ بِإِذْنِ مَوْلَى الْغُلَامِ، فَإِذَا دَخَلَ بِهَا الْغُلَامُ يَهَبُ الْمُشْتَرِي هَذَا الْغُلَامَ لِلْمَرْأَةِ فَتَقْبَلُهُ وَتَقْبِضُهُ فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ، فَإِذَا اعْتَدَّتْ رَجَعَتْ إلَى زَوْجِهَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، ثُمَّ تَبْعَثُ بِالْمَمْلُوكِ إلَى بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ فَيُبَاعُ هُنَاكَ فَيَبْقَى أَمْرُهَا مَسْتُورًا، هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْحِيلَةَ.

وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ وَلَا يَقَعَ طَلَاقُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَثْنِيَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مَوْصُولًا مَلْفُوظًا حَتَّى إنَّ الْمَفْصُولَ لَا يَعْمَلُ وَكَذَا الْمُضْمَرُ فِي قَلْبِهِ وَكَوْنُهُ مَسْمُوعًا هَلْ هُوَ شَرْطٌ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ تَصْحِيحُ الْحُرُوفِ وَالتَّكَلُّمُ بِهِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا كَوْنُهُ مَسْمُوعًا شَرْطٌ وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي فَصْلِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إذَا قُرِنَ بِهِ الِاسْتِثْنَاءُ هَلْ يَتَّصِفُ الشَّخْصُ بِكَوْنِهِ مُوقِعًا أَمْ لَا قَالَ بَعْضُهُمْ: يَتَّصِفُ بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الْوُقُوعُ حَتَّى مَنْ حَلَفَ وَقَالَ: وَاَللَّهِ لَأُطَلِّقَنَّ الْيَوْمَ امْرَأَتِي تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا فَقَالَ لَهَا فِي الْيَوْمِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا أَقْبَلُ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ بَارًّا وَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ مَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأُطَلِّقَنَّ امْرَأَتِي الْيَوْمَ ثَلَاثًا أَوْ قَالَ وَاحِدَةً فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ يَقُولَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَا تَقْبَلُ الْمَرْأَةُ وَلَا يَحْنَثُ الرَّجُلُ وَيَكُونُ بَارًّا فِي يَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ أَنْ يَبِيعَ فَبَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ فَاعْتُبِرَ بَائِعًا وَمُوجِبًا الْمِلْكَ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ فَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ يُعْتَبَرُ مُوقِعًا، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْوُقُوعُ وَمَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُونَ: لَا يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ مُوقِعًا وَجَعَلُوا هَذَا جَوَابَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَقَالُوا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا: إنَّ الْحَالِفَ لَا يَصِيرُ بَارًّا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>