للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَقْصُودَ الْإِمَامِ قَتْلُ مَنْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْقِتَالِ فَارِسًا، وَهَذَا مُتَمَكِّنٌ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِجَنْبِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

ثُمَّ حُكْمُ التَّنْفِيلِ قَطْعُ حَقِّ الْبَاقِينَ، فَأَمَّا الْمِلْكُ، فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا كَسَائِرِ الْغَنَائِمِ، فَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ أَصَابَ أَمَةً، فَهِيَ لَهُ فَأَصَابَهَا مُسْلِمٌ، وَاسْتَبْرَأَهَا وَهِيَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْؤُهَا وَبَيْعُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ يَوْمَ الْهَزِيمَةِ وَيَوْمَ الْفَتْحِ، وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْفُلَ قَبْلَ الْهَزِيمَةِ وَالْفَتْحِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءِ يَوْمِ الْهَزِيمَةِ وَالْفَتْحِ بِأَنْ يَقُولَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ مَنْ أَخَذَ أَسِيرًا فَهُوَ لَهُ، وَلَكِنْ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا قَبْلَ الْفَتْحِ وَالْهَزِيمَةِ فَلَهُ سَلَبُهُ، وَمَعَ هَذَا لَوْ أَطْلَقَ التَّنْفِيلَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَالْهَزِيمَةِ إطْلَاقًا يَبْقَى التَّنْفِيلُ يَوْمَ الْفَتْحِ وَالْهَزِيمَةِ حَتَّى مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا يَوْمَ الْهَزِيمَةِ وَيَوْمَ الْفَتْحِ كَانَ لَهُ سَلَبُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَجَرَحَ الْكَافِرَ رَجُلٌ وَقَتَلَهُ آخَرُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ جَرَحَهُ جُرْحًا لَا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهِ، وَلَمْ يَبْقَى لِلْمَجْرُوحِ قُوَّةٌ فِي قَتْلٍ أَوْ عَوْنٍ بِيَدٍ أَوْ مَشُورَةٍ بِكَلَامٍ كَانَ سَلَبُهُ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ جَرَحَهُ جُرْحًا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ يُعِينُ مَعَهُ بِيَدٍ أَوْ كَلَامٍ، فَالسَّلَبُ لِلثَّانِي، ثُمَّ الْإِمَامُ إنْ نَفَلَ السَّلَبَ بَعْدَ الْخُمُسِ بِأَنْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ بَعْدَ الْخُمُسِ يُخَمِّسُ السَّلَبَ وَإِنْ نَفَلَ السَّلَبَ مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، لَا يُخَمِّسُ السَّلَبَ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ لِعُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِلْعَسْكَرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَقَدْ لَقُوا الْعَدُوَّ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ، ثُمَّ قَتَلَ الْأَمِيرَ فَلَهُ سَلَبُهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلْتُهُ أَنَا فَلِي سَلَبُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ الْأَمِيرُ رَجُلًا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ قَالَ: إنْ قَتَلْتُ قَتِيلًا فَلِي سَلَبُهُ، ثُمَّ لَمْ يَقْتُلْ قَتِيلًا حَتَّى قَالَ: مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، ثُمَّ قَتَلَ الْأَمِيرُ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِلْقَوْمِ: إنْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْكُمْ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ رَجُلَانِ قَتِيلًا، فَلَهُمَا سَلَبُهُ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَإِنْ قَتَلَهُ الثَّلَاثَةُ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَضَرَبَ مُسْلِمٌ مُشْرِكًا، فَرَمَاهُ مِنْ الْفَرَسِ فَجَرَّهُ الضَّارِبُ إلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَخَذَ سَلَبَهُ فَعَاشَ أَيَّامًا، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ، فَلِلضَّارِبِ سَلَبُهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ الْمَجْرُوحَ حِينَ ضَرَبَهُ الْمُسْلِمُ، وَأَخَذَ الضَّارِبُ سَلَبَهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الضَّارِبُ وَالْغَانِمُونَ، فَقَالَ الضَّارِبُ: مَاتَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَقَالَ الْغَانِمُونَ: مَاتَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَانِمِينَ، وَلَا تُقْبَلُ عَلَيْهِمْ بَيِّنَةُ الضَّارِبِ إلَّا بَيِّنَةَ مُسْلِمٍ، وَلَوْ احْتَمَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَنْ فَرَسِهِ، فَجَاءَ بِهِ إلَى الصَّفِّ أَوْ إلَى الْعَسْكَرِ، فَذَبَحَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ مَا أَتَى الصَّفَّ يُقَاتِلُ مَعَهُ فَقُلْنَا: بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

إنْ كَانَ الْأَمِيرُ قَالَ: إنْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْكُمْ وَحْدَهُ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ رَجُلَانِ قَتِيلًا لَا يَسْتَحِقَّانِ سَلَبَهُ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الْأَمِيرُ لِمُسْلِمٍ إنْ قَتَلْتَ هَذَا الْكَافِرَ فَلَكَ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ هُوَ، وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَالسَّلَبُ كُلُّهُ لَهُ، وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ مِنْهُ.

فِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ الْإِمَامُ لِعَشْرَةٍ: مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ قَتَلْتُمْ هَذِهِ الْعَشَرَةَ خَاصَّةً أَوْ قَالَ لِعَشْرَةٍ: مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ أَصَبْتُمْ أَهْلَ قَرْيَةِ كَذَا فَلَكُمْ كَذَا الشَّيْءُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَشَارَكَهُمْ غَيْرُهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ كَانُوا شُرَكَاءَ فِي الْغَنِيمَةِ قَالَ: وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ: إنْ قَتَلْتَ قَتِيلًا فَلَكَ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ رَجُلَيْنِ كَانَ لَهُ سَلَبُ الْأَوَّلِ خَاصَّةً وَلَوْ قَالَ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ: إنْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْكُمْ قَتِيلًا، فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَشَرَةً اسْتَحَقَّ أَسْلَابَهُمْ جَمِيعًا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ: إنْ قَتَلْتَ قَتِيلًا فَلَكَ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ قَتِيلَيْنِ مَعًا فَلَهُ سَلَبُ أَحَدِهِمَا وَالْخِيَارُ إلَى الْقَاتِلِ لَا إلَى الْإِمَامِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>