للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَكَالَةِ وَالْمُوَكِّلُ غَائِبٌ وَلَمْ يُحْضِرْ الْوَكِيلُ أَحَدًا لِلْمُوَكِّلِ قِبَلَهُ حَقٌّ وَأَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ الْوَكَالَةَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْمَعُ مِنْ شُهُودِهِ حَتَّى يُحْضِرَ خَصْمًا قَالَ: وَإِنْ أَحْضَرَ رَجُلًا فَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ مُقِرٌّ أَوْ جَاحِدٌ لَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ مِنْ شُهُودِ الْوَكِيلِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَيُنْفِذُ لَهُ الْوَكَالَةَ، قَالَ: فَإِنْ أَحْضَرَ غَرِيمًا آخَرَ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِالْوَكَالَةِ عَلَى كُلِّ خَصْمٍ يَحْضُرُ، وَيَدَّعِي قِبَلَهُ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ قَالَ: وَلَوْ كَانَ وَكَّلَهُ وَكَالَةً بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ لَا يَسْمَعُ الْقَاضِي مِنْ شُهُودِهِ عَلَى الْوَكَالَةِ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَلَوْ كَانَ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ حَضَرَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قِبَلَ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ حَضَرَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ ثُمَّ جَاءَ بِخَصْمٍ آخَرَ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ مَرَّةً أُخْرَى بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ قَالَ: وَلَوْ أَنَّ الْمُوَكِّلَ حَضَرَ لِيُوَكِّلَ عِنْدَ الْقَاضِي هَذَا الْوَكِيلَ فَقَالَ: وَكَّلْت هَذَا الْوَكِيلَ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لِي بِالْكُوفَةِ وَبِالْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ مَعَهُمَا أَحَدٌ لِلْمُوَكِّلِ قِبَلَهُ حَقٌّ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ الْمُوَكَّلَ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ قَبِلَ الْقَاضِي وَكَالَتَهُ وَأَنْفَذَهَا لِلْوَكِيلِ، فَإِنْ أَحْضَرَ الْوَكِيلُ أَحَدًا يَدَّعِي عَلَيْهِ لِلْمُوَكِّلِ وَقَدْ غَابَ الْمُوَكِّلُ كَانَ الْوَكِيلُ خَصْمًا لَهُ قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَعْرِفُ الْمُوَكَّلَ لَا يَقْبَلُ الْوَكَالَةَ، كَذَا فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ.

وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَدَبِ الْقَاضِي لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَدَّمَ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي وَادَّعَى أَنَّ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِاسْمِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَأَنَّ هَذَا الْمَالَ لِي وَأَنَّ فُلَانًا الَّذِي بِاسْمِهِ الْمَالُ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْمَالَ لِي وَأَنَّ اسْمَهُ عَارِيَّةٌ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُ قَدْ وَكَّلَنِي بِقَبْضِ ذَلِكَ مِنْهُ وَبِالْخُصُومَةِ فِيهِ؛ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَإِنْ أَقَرَّ بِجَمِيعِ ذَلِكَ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِدَفْعِ الْمَالِ إلَى الْمُدَّعِي وَهَذَا لَمَّا عُرِفَ أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ فَإِقْرَارُهُ مِنْهُ بِذَلِكَ تَصَرُّفٌ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَفِي مَالِهِ فَيَنْفُذُ، فَقَدْ شَرَطَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ فُلَانًا الَّذِي بِاسْمِهِ الْمَالُ وَكَّلَنِي بِقَبْضِ الْمَالِ وَجُعِلَ هَذَا جَوَابَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ إذَا أَقَرَّ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي عَلَيْهِ بِاسْمِ فُلَانٍ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، ثُمَّ إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِدَفْعِ الْمَالِ إلَى الْمُدَّعِي لَا يَكُونُ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ، حَتَّى إذَا جَاءَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ التَّوْكِيلَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ جَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى كُلَّهَا فَقَالَ الْمُدَّعِي لِلْقَاضِي: حَلِّفْهُ لِي؛ فَالْقَاضِي يَقُولُ لِلْمُدَّعِي: أَلَك بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَيْت مِنْ إقْرَارِ الرَّجُلِ بِالْمَالِ لَك وَمِنْ تَوْكِيلِهِ إيَّاكَ بِقَبْضِ ذَلِكَ الْمَالِ؟ ثُمَّ شُرِطَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالْمَالِ وَعَلَى تَوْكِيلِهِ إيَّاهُ بِالْقَبْضِ.

وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَالِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِثُبُوتِ حَقِّ الْخُصُومَةِ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ فَيَطْلُبُ الْقَاضِي مِنْهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَبَعْدَ هَذَا فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْوَكَالَةِ ثَبَتَ كَوْنُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>