للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَصْمًا فَيَطْلُبُ الْقَاضِي مِنْهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ عَلَى نَحْوِ مَا ادَّعَى فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ وَيَتَعَدَّى هَذَا الْقَضَاءُ إلَى الْغَائِبِ، حَتَّى لَوْ جَاءَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ التَّوْكِيلَ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى الْمَالِ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ مَا لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَلَا بِاسْمِهِ عَلَيْك هَذَا الْمَالُ الَّذِي سَمَّاهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ، هَذَا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الْوَكَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى الْوَكَالَةِ فَقَالَ لِلْقَاضِي: إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْلَمُ أَنَّ فُلَانًا الَّذِي بِاسْمِهِ الْمَالُ قَدْ وَكَّلَنِي بِقَبْضِ هَذَا الْمَالِ فَاسْتَحْلِفْهُ لِي عَلَى ذَلِكَ؛ فَالْقَاضِي يَسْتَحْلِفُهُ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ، وَكَّلَ هَذَا بِقَبْضِ الْمَالِ عَلَى مَا ادَّعَى هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي.

وَأَضَافَ هَذَا الْجَوَابَ إلَى أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: هَذَا الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ إلَّا أَنَّ الْخَصَّافَ خَصَّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِمَا، وَإِلَى هَذَا مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُهُمَا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

وَإِلَى هَذَا مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ إذَا حَلَّفَهُ، أَمَّا عَلَى الِاتِّفَاقِ أَوْ عَلَى الِاخْتِلَافِ إنْ حَلَفَ انْتَهَى الْأَمْرُ وَإِنْ نَكَلَ صَارَ مُقِرًّا بِالْوَكَالَةِ فَيَقْضِي الْقَاضِي بِالْوَكَالَةِ بِحُكْمِ إقْرَارِهِ ثُمَّ سَأَلَهُ الْقَاضِي عَنْ الْمَالِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِالْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ادَّعَى أَمْرَهُ بِالتَّسْلِيمِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَالَ صَارَ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي فِي حَقِّ اسْتِحْلَافِهِ عَلَى الْمَالِ وَأَخْذِ الْمَالِ، وَلَا يَصِيرُ خَصْمًا لَهُ فِي إثْبَاتِ الْمَالِ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِالْمَالِ، فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ مِنْ الِابْتِدَاءِ صَرِيحًا إلَّا أَنَّهُ أَنْكَرَ الْمَالَ صَارَ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي فِي حَقِّ الِاسْتِحْلَافِ وَأَخْذِ الْمَالِ لَا فِي حَقِّ إثْبَاتِ الْمَالِ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي رَجُلٍ ادَّعَى أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَ هَذَا وَأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ وَأَنْكَرَ الْمَالَ فَقَالَ الْمُدَّعِي: أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ خَصْمًا لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَكِنْ يَكُونُ خَصْمًا فِي حَقِّ اسْتِحْلَافِهِ وَفِي حَقِّ أَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ إنْ أَقَرَّ بِالْمَالِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْمَالِ وَجَحَدَ الْوَكَالَةَ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ مِنْ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الْوَكَالَةِ فَإِنْ أَقَامَ ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ بِالْبَيِّنَةِ وَصَارَ خَصْمًا مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْوَكَالَةِ حَلَّفَهُ وَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي قُلْنَا فَإِنْ حَلَفَ فَقَدْ انْتَهَى الْأَمْرُ وَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ، وَلَكِنْ فِي حَقِّ أَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ لَا فِي حَقِّ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ.

قَالَ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى الْقَاضِي وَأَحْضَرَ مَعَهُ رَجُلًا آخَرَ فَادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى هَذَا وَالْخُصُومَةِ فِيهِ وَبِقَبْضِ الْعَيْنِ الَّتِي لَهُ فِي يَدِ هَذَا وَدِيعَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>