للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ إلَى الْمُدَّعِي وَلَا يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْعَيْنِ إلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ قَدَّمَ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي وَقَالَ: إنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ عَلَى هَذَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَدْ وَكَّلَنِي بِالْخُصُومَةِ فِيهِ وَفِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَبِقَبْضِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ جُمْلَةً؛ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا أَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالدَّيْنِ جُمْلَةً يَقْضِي بِالْوَكَالَةِ وَيُعِيدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكُلِّ جُمْلَةً يَقْضِي بِالْكُلِّ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّيْنِ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُضْطَرِبٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكُلِّ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْوَكَالَةِ أَوَّلًا ثُمَّ يَقْضِي بِالْمَالِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَالِ، وَيُرَاعِي الْقَاضِي التَّرْتِيبَ فِي الْقَضَاءِ لَا فِي الْبَيِّنَةِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: آخُذُ بِالْقِيَاسِ لِظُهُورِ وَجْهِ الْقِيَاسِ، وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذَ بِالِاسْتِحْسَانِ لِحَاجَةِ النَّاسِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْوَصِيُّ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ وَالْمُوصَى بِهِ جُمْلَةً، وَالْوَارِثُ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النَّسَبِ وَمَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَالدَّيْنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُشْتَرَطُ إثْبَاتُ الْخُصُومَةِ أَوَّلًا ثُمَّ يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَقِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

إذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْخُصُومَةِ وَجَحَدَ الْمَدْيُونُ الْوَكَالَةَ وَالْمَالَ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الْوَكِيلِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْمَالِ جَمِيعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْمَالِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ: رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ فِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ عَلَى النَّاسِ فَأَحْضَرَ الْوَكِيلُ رَجُلًا يَدَّعِي قِبَلَهُ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ وَهُوَ جَاحِدٌ لِلْوَكَالَةِ مُقِرٌّ بِالْحَقِّ أَوْ جَاحِدٌ لِلْحَقِّ وَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِالْوَكَالَةِ، فَقَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ عَدَالَةُ الشُّهُودِ غَابَ الرَّجُلُ ثُمَّ عُدِّلَتْ الشُّهُودُ؛ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِالْوَكَالَةِ مَا لَمْ يَحْضُرْ فَإِنْ أَحْضَرَ رَجُلًا آخَرَ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقًّا لِلْمُوَكِّلِ وَهُوَ جَاحِدُ الْوَكَالَةِ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الْأُولَى كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْأَوَّلُ خَصْمًا عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ فِي حَقِّ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِكَوْنِ الْوَكَالَةِ وَاحِدَةً وَانْتَصَبَ الَّذِي أَحْضَرَ خَصْمًا عَنْ النَّاسِ كَافَّةً وَصَارَتْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْكُلِّ، وَلَوْ أَقَامَ عَلَى الْكُلِّ وَغَابَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَلَيْسَ أَنَّهُ يَقْضِي بِهَا عَلَى الْحَاضِرِ؟ كَذَا هَهُنَا وَاعْتَبَرَهُ فِي الْكِتَابِ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَى الْوَكِيلِ فَغَابَ الْوَكِيلُ وَحَضَرَ الْمُوَكِّلُ، أَوْ قَامَتْ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَغَابَ الْمُوَكِّلُ وَحَضَرَ الْوَكِيلُ، أَوْ قَامَتْ عَلَى الْمُوَرِّثِ حَالَ حَيَاتِهِ فَمَاتَ وَحَضَرَ الْوَارِثُ، أَوْ قَامَتْ عَلَى وَارِثٍ فَغَابَ هَذَا الْوَارِثُ وَحَضَرَ وَارِثٌ آخَرُ - فَإِنَّ فِي هَذِهِ الْفُصُولِ يَقْضِي بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الَّذِي حَضَرَ ثَانِيًا.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَدَّمَ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي وَقَالَ؛ إنَّ أَبِي فُلَانًا مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا غَيْرِي وَلَهُ عَلَى هَذَا كَذَا وَكَذَا مِنْ الْمَالِ فَاعْلَمْ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا أَوْ يَدَّعِيَ عَيْنًا فِي يَدِهِ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ غَصَبَهَا هَذَا مِنْ أَبِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>