للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ أَوْدَعَهَا إيَّاهُ أَبُوهُ أَوْ لَا يَتَعَرَّضُ بِشَيْءٍ فَيَذْكُرُ أَنَّهَا لِأَبِيهِ مَاتَ أَبُوهُ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ أَقَرَّ بِجَمِيعِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي صَحَّ إقْرَارُهُ وَأَمَرَهُ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ إلَيْهِ، هَذَا إذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ.

وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَأَمَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ جَمِيعًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَوَّلًا عَلَى الْمَوْتِ وَالنَّسَبِ حَتَّى يَصِيرَ خَصْمًا ثُمَّ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَى ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ قَالَ الْخَصَّافُ: وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْقَائِلُ.

بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: الْأَوَّلُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالثَّانِي قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الرَّازِيّ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: الْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ يَحْلِفُ قَوْلُ الْكُلِّ أَيْضًا قَالَا: وَهُوَ الصَّحِيحُ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ أَوَّلًا لَا يُسْتَحْلَفُ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ يُسْتَحْلَفُ ثُمَّ إذَا اسْتَحْلَفَ اسْتَحْلَفَ عَلَى حَاصِلِ الدَّعْوَى بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيْك هَذَا الْمَالُ الَّذِي يَدَّعِي مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِي وَأَنَّهُ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى النَّسَبِ وَالْمَوْتِ دُونَ الْمَالِ اسْتَحْلَفَ عَلَى الْمَالِ بِلَا خِلَافٍ.

وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ دُونَ الْمَوْتِ وَالنَّسَبِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النَّسَبِ دُونَ الْمَوْتِ وَالْمَالِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، أَيْضًا إذَا أَقَرَّ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي كُلِّهَا وَأُمِرَ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ إلَى الْمُدَّعِي لَا يَكُونُ هَذَا قَضَاءً عَلَى الْأَبِ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ الْأَبُ حَيًّا كَانَ لَهُ أَنْ يَتَّبِعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَقِّهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَتَّبِعُ الِابْنَ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالْوِرَاثَةِ وَالْمَوْتِ وَأَنْكَرَ الْمَالَ يَحْلِفُ عَلَى الْمَالِ وَهَذَا الْجَوَابُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى مَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوَّلًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ.

أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى مَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - آخِرًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْعِلْمِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَدَّمَ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي وَقَالَ: إنَّ أَبَا هَذَا قَدْ مَاتَ وَلِي عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ مَاتَ أَبُوهُ؟ وَلَا يَأْمُرُهُ بِجَوَابِ دَعْوَى الْمُدَّعِي أَوَّلًا فَبَعْدَ ذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ أَقَرَّ الِابْنُ فَقَالَ: نَعَمْ مَاتَ أَبِي، أَوْ أَنْكَرَ مَوْتَ الْأَبِ فَإِنْ أَقَرَّ وَقَالَ: نَعَمْ مَاتَ أَبِي؛ سَأَلَهُ الْقَاضِي عَنْ دَعْوَى الرَّجُلِ عَلَى أَبِيهِ فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِالدَّيْنِ عَلَى أَبِيهِ يُسْتَوْفَى الدَّيْنُ مِنْ نَصِيبِهِ، وَلَوْ أَنْكَرَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَقُضِيَ بِالدَّيْنِ وَيُسْتَوْفَى الدَّيْنُ مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ لَا مِنْ نَصِيبِ هَذَا الْوَارِثِ خَاصَّةً.

ثُمَّ إنَّمَا يَقْضِي الْقَاضِي بِالدَّيْنِ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ مَا يَسْتَحْلِفُ الْمُدَّعِيَ عَلَى الْقَبْضِ وَالْإِبْرَاءِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْوَارِثُ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى عَلَى الْحَيِّ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>