للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَلَهُ أَنْ يُنْقِصَ الْإِجَارَةَ وَيَرُدَّ الْمُسْتَأْجَرَ بِالْعَيْبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ

إذَا وَهَبَ الْمَبِيعَ بَعْدَمَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَبْل الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ يَعْنِي الْعَرْضَ وَالْهِبَةَ بِدُونِ التَّسْلِيمِ فَهَذَا لَا يَكُونُ رِضًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ فَوَهَبَهُ لِرَجُلٍ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ كَانَ بِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

اعْلَمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ نَوْعَانِ: مُتَّصِلَةٌ وَمُنْفَصِلَةٌ، وَالْمُتَّصِلَةُ نَوْعَانِ: غَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْمَبِيعِ كَالصَّبْغِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَأَنَّهَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ بِالِاتِّفَاقِ سَوَاءٌ قَالَ الْبَائِعُ أَنَا أَقْبَلَهُ كَذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقُلْ، وَمُتَوَلِّدَةٌ مِنْ الْمَبِيعِ كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ وَانْجِلَاءِ الْبَيَاضِ وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي الرَّدَّ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِالنُّقْصَانِ وَقَالَ الْبَائِعُ: لَا أُعْطِيك نُقْصَانَ الْعَيْبِ وَلَكِنْ رُدَّ عَلَيَّ الْمَبِيعَ حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْك جَمِيعَ الثَّمَنِ هَلْ لِلْبَائِعِ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -؟ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ فَنَوْعَانِ أَيْضًا: مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ الْمَبِيعِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُمَا كَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ وَأَنَّهَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ، وَالْفَسْخَ بِسَائِرِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ عِنْدَنَا، وَغَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْمَبِيعِ كَالْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ وَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ، وَالْفَسْخَ بِسَائِرِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ، وَطَرِيقُهُ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ فِي الْأَصْلِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَيُسَلِّمَ الزِّيَادَةَ لِلْمُشْتَرِي مَجَّانًا بِغَيْرِ عِوَضٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ هَذَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَائِمَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ هَالِكَةً فَهَلَاكُهَا إنْ كَانَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْأَصْلَ بِالْعَيْبِ وَيَجْعَلَ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبِلَ وَرَدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ، وَيَرُدُّ بِالْعَيْبِ، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ، وَيَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ هَذَا إذَا حَدَثَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ أَمَّا إذَا حَدَّثَتْ قَبْل قَبْضِهِ وَكَانَتْ مُتَّصِلَةً حَادِثَةً مِنْهُ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً غَيْرَ حَادِثَةٍ مِنْهُ صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِذَلِكَ وَصَارَتْ الزَّوَائِدُ كَأَنَّهَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَتَمْنَعُ الرَّدَّ وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً حَادِثَةً مِنْهُ كَالْوَلَدِ وَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ وَالثَّمَرِ وَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ فَإِنْ شَاءَ رَدَّهُمَا جَمِيعًا وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَوْ لَمْ يَجِدْ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا لَكِنْ وَجَدَ بِالزِّيَادَةِ عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ إلَّا إذَا كَانَ حُدُوثُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ قَبْل الْقَبْضِ يُورِثُ نُقْصَانًا فِي الْمَبِيعِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ لِأَجْلِ النُّقْصَانِ فِي الْمَبِيعِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَلَوْ قَبَضَ الزِّيَادَةَ وَالْأَصْلَ ثُمَّ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا يَرُدُّهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ لِلزِّيَادَةِ حِصَّةُ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِهَا، وَلَوْ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا يَرُدُّهَا خَاصَّةً بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ حَادِثَةٍ مِنْهُ كَالْكَسْبِ وَالْهِبَةِ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ، فَإِذَا رَدَّهُ فَالزِّيَادَةُ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا تَطِيبُ لَهُ، وَعَنَدَهُمَا الزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ وَلَا تَطِيبُ لَهُ أَيْضًا، وَإِنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَاخْتَارَ الْمَبِيعَ فَالْمَبِيعُ مَعَ الزِّيَادَةِ لَهُ إجْمَاعًا وَلَكِنْ لَا تَطِيبُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ

وَلَوْ قَبَضَ الْمَبِيعَ مَعَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَوَجَدَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرُدُّ الْمَبِيعَ خَاصَّةً بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَعِنْدَهُمَا يَرُدُّهُ مَعَ الزِّيَادَةِ وَلَوْ وَجَدَ بِالزِّيَادَةِ عَيْبًا لَا يَرُدُّهَا وَلَوْ هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ وَالْمَبِيعُ مَعِيبٌ يَرُدُّهُ خَاصَّةً بِجَمِيعِ الثَّمَنِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ

رَجُلٌ اشْتَرَى حِنْطَةً فَذَهَبَ الْغُبَارُ عَنْهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَانْتَقَصَ كَيْلُهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِيهَا رُطُوبَةٌ فَجَفَّتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>