للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيِّنَةٌ عَلَى كَوْنِ هَذَا الْعَيْبِ عِنْدَ الْبَائِعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَتَكَلَّمُوا فِي تَحْلِيفِهِ قَالَ مَشَايِخُنَا الصَّحِيحُ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا لَهُ حَقُّ الرَّدِّ عَلَيْك بِهَذَا الْعَيْبِ الَّذِي يَدَّعِيه كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ كَانَ عَيْبًا لَا يَحْتَمِلُ التَّقَدُّمَ عَلَى مُدَّةِ الْبَيْعِ فَالْقَاضِي لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعَيْبُ بَاطِنًا فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ بِآثَارٍ قَائِمَةٍ فِي الْبَدَنِ وَكَانَ فِي مَوْضِعٍ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ فَإِنْ كَانَ لِلْقَاضِي بَصَارَةٌ بِمَعْرِفَةِ الْأَمْرَاضِ يَنْظُرُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَصَارَةٌ يَسْأَلُ عَمَّنْ لَهُ بَصَارَةٌ وَيَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِ عَدْلَيْنِ وَهَذَا أَحْوَطُ وَالْوَاحِدُ يَكْفِي فَإِذَا أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ عَدْلٌ بِذَلِكَ يَثْبُتُ الْعَيْبُ بِقَوْلِهِ فِي تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ وَلَا يَرُدُّ بِقَوْلِ هَذَا الْوَاحِدِ. هَكَذَا ذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ وَفِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ هَذَا الْعَيْبُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْحُدُوثَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ عُرِفَ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ أَوْ الْمُثَنَّى أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ عَلَى الْبَائِعِ بَلْ يَحْلِفُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَيْبُ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْحُدُوثَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ إنَّ عُرِفَ وُجُودُهُ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ لَا يَرُدُّ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ، وَإِنْ عُرِفَ وُجُودُهُ بِقَوْلِ الْمُثَنَّى ذَكَرَ فِي الْأَقْضِيَةِ وَفِي الْقُدُورِيِّ أَنَّهُ يَرُدُّ بِقَوْلِهِمَا وَهَكَذَا ذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ

وَإِنْ كَانَ عَيْبًا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا النِّسَاءُ كَالْحَبَلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَالْقَاضِي يُرِيهَا النِّسَاءَ، الْوَاحِدَةُ الْعَدْلَةُ تَكْفِي وَاثْنَتَانِ أَحْوَطُ، فَإِذَا قَالَتْ وَاحِدَةٌ عَدْلَةٌ: إنَّهَا حُبْلَى أَوْ قَالَتْ ثِنْتَانِ ذَلِكَ يَثْبُتُ الْعَيْبُ فِي حَقِّ تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ قَالَتْ أَوْ قَالَتَا حَدَثَ فِي مُدَّةِ الْبَيْعِ لَا يُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَكِنْ حُلِّفَ الْبَائِعُ فَإِنْ نَكِلَ الْآنَ يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَتْ أَوْ قَالَتَا كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يُرَدُّ وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْبَائِعُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَكَذَلِكَ لَا يُرَدُّ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ، وَهَلْ يُرَدُّ بِقَوْلِ الْمُثَنَّى؟ ذَكَرَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُرَدُّ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا يُرَدُّ ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يُرَدُّ فِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا وَفِي الْقُدُورِيِّ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ فَإِذَا نَكِلَ فَقَدْ تَأَكَّدَتْ شَهَادَتُهُنَّ بِنُكُولِهِ فَيَثْبُتُ الرَّدُّ.

ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي بُيُوعِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَفِي دَعْوَى الْحَبَلِ لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ إنَّهَا حُبْلَى وَقَالَتْ امْرَأَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ لَيْسَ بِهَا حَبَلٌ تَتَوَجَّهُ الْخُصُومَةُ عَلَى الْبَائِعِ بِقَوْلِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَلَا يُعَارِضُهَا قَوْلُ الْمَرْأَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ فِي أَنَّهَا لَيْسَ بِهَا حَبَلٌ وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْقَاضِي الْمَرْأَةُ الَّتِي تَقُولُ إنَّهَا حَامِلٌ جَاهِلَةٌ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَخْتَارَ لِذَلِكَ امْرَأَةً عَالِمَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً قَدْ بَلَغَتْ فَادَّعَى أَنَّهَا خُنْثَى قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَحْلِفَ الْبَائِعُ أَلْبَتَّةَ مَا هِيَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَالْجَوَابُ فِي دَعْوَى الِاسْتِحَاضَةِ فِي حَقِّ حُكْمِ الرُّجُوعِ إلَى النِّسَاءِ لِتَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ وَفِي الرَّدِّ بِشَهَادَتِهِنَّ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ كَالْجَوَابِ فِي دَعْوَى الْحَبَلِ وَلَكِنْ إذَا شَهِدَ الرِّجَالُ عَلَى الِاسْتِحَاضَةِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ دُرُورَ الدَّمِ يَرَاهُ الرِّجَالُ فَجَازَ أَنْ يَثْبُتَ بِشَهَادَتِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ قَالَ إنَّهَا لَا تَحِيضُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ بِالْحَبَلِ أَوْ بِسَبَبِ الدَّاءِ، فَإِنْ ادَّعَى بِسَبَبِ الْحَبَلِ تُسْتَمَعُ دَعْوَاهُ وَيُرِيهَا الْقَاضِي النِّسَاءَ إنْ قُلْنَ هِيَ حُبْلَى يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ، وَإِنْ قُلْنَ لَيْسَتْ بِحُبْلَى فَلَا يَمِينَ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْمَرْجِعُ فِي الدَّاءِ إلَى قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ ادَّعَى بِسَبَبِ الْحَبَلَ عَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ إنْ كَانَ مِنْ وَقْتِ شِرَاءِ الْجَارِيَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ يَسْمَعُ الدَّعْوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>