للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلُ زَمَانِنَا احْتِيَالًا لَلرِّبَا وَسَمَّوْهُ بَيْعَ الْوَفَاءِ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ رَهْنٌ وَهَذَا الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَالرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَمْلِكُهُ وَلَا يُطْلِقُ لَهُ الِانْتِفَاعَ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَكَلَ مِنْ ثَمَرَةٍ وَاسْتَهْلَكَ مِنْ شَجَرَةٍ وَالدَّيْنُ سَاقِطٌ بِهَلَاكِهِ فِي يَدِهِ إذَا كَانَ بِهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ إذَا هَلَكَتْ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُهُ إذَا قَضَى دَيْنَهُ وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّهْنِ فِي حُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَعَلَيْهِ فَتْوَى السَّيِّدِ أَبِي شُجَاعٍ السَّمَرْقَنْدِيِّ وَفَتْوَى الْقَاضِي عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ بِبُخَارَى وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِعْت مِنْك هَذَا الْعَيْنَ بِدَيْنٍ لَك عَلَيَّ عَلَى أَنِّي مَتَى قَضَيْت الدَّيْنَ فَهُوَ لِي أَوْ يَقُولُ الْبَائِعُ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا عَلَى أَنِّي مَتَى دَفَعْت لَك الثَّمَنَ تَدْفَعُ الْعَيْنَ إلَيَّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ رَهْنًا ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ ذَكَرَا شَرْطَ الْفَسْخِ فِي الْبَيْعِ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ وَتَلَفَّظَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْوَفَاءِ أَوْ تَلَفَّظَا بِالْبَيْعِ الْجَائِزِ وَعِنْدَهُمَا هَذَا الْبَيْعُ عِبَارَةٌ عَنْ بَيْعٍ غَيْرِ لَازِمٍ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ ذَكَرَا الْبَيْعَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ثُمَّ ذَكَرَا الشَّرْطَ عَلَى وَجْهِ الْمُوَاعَدَةِ جَازَ الْبَيْعُ وَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ

وَفِي النَّسَفِيَّةِ سُئِلَ عَمَّنْ بَاعَ دَارِهِ مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بَيْعَ الْوَفَاءِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي مَعَ شَرَائِطِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَقَبَضَهَا وَمَضَتْ الْمُدَّةُ هَلْ يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ قَالَ لَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

بَاعَ كَرْمَهُ مِنْ آخَرَ بَيْعَ الْوَفَاءِ وَتَقَابَضَا ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ بَيْعًا بَاتًّا وَسَلَّمَ وَغَابَ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ وَيَسْتَرِدَّ مِنْهُ الْكَرْمَ وَكَذَا إذَا مَاتَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِيَانِ وَلِكُلٍّ وَرَثَةٌ فَلِوَرَثَةِ الْمَالِكِ أَنْ يَسْتَخْلِصُوهُ مِنْ أَيْدِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَلِوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي أَنْ يَرْجِعُوا بِمَا أَدَّى مِنْ الثَّمَنِ إلَى بَائِعِهِ فِي تَرِكَتِهِ الَّتِي فِي أَيْدِي وَرَثَتِهِ وَلِوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَسْتَرِدُّوهُ وَيَحْبِسُوهُ بِدَيْنِ مُورِثِهِمْ إلَى أَنْ يَقْضُوا الدَّيْنَ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.

فِي فَتَاوَى أَبِي الْفَضْلِ سُئِلَ عَنْ كَرْمٍ بِيَدِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ بَاعَتْ الْمَرْأَةُ نَصِيبَهَا مِنْ الرَّجُلِ وَاشْتَرَطَتْ أَنَّهَا مَتَى جَاءَتْ بِالثَّمَنِ رُدَّ عَلَيْهَا نَصِيبُهَا ثُمَّ بَاعَ الرَّجُلُ نَصِيبَهُ هَلْ لِلْمَرْأَةِ فِيهِ شُفْعَةٌ قَالَ إنْ كَانَ الْبَيْعُ بَيْعَ مُعَامَلَةٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِلْمَرْأَةِ سَوَاءٌ كَانَ نَصِيبُهَا مِنْ الْكَرْمِ فِي يَدِهَا أَوْ فِي يَدِ الرَّجُلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ بَيْعُ الْوَفَاءِ وَبَيْعُ الْمُعَامَلَةِ وَاحِدٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

التَّلْجِئَةُ هِيَ الْعَقْدُ الَّذِي يُنْشِئُهُ لِضَرُورَةِ أَمْرٍ فَيَصِيرُ كَالْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَأَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ فِي نَفْسِ الْبَيْعِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لِرَجُلٍ إنِّي أُظْهِرُ أَنِّي بِعْت دَارِي مِنْك وَلَيْسَ بِبَيْعٍ فِي الْحَقِيقَةِ وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يَبِيعُ فِي الظَّاهِرِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ التَّلْجِئَةُ فِي الْبَدَلِ نَحْوَ أَنْ يَتَّفِقَا فِي السِّرِّ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفٌ وَيَتَبَايَعَانِ فِي الظَّاهِرِ بِأَلْفَيْنِ فَالثَّمَنُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي السِّرِّ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُمَا هَزَلَا فِي الزِّيَادَةِ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الثَّمَنَ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الظَّاهِرِ وَالثَّالِثِ أَنْ يَتَّفِقَا فِي الْبَاطِنِ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>