للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُكْرَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَكَذَلِكَ لَوْ زَرَعَ أَرْضَهُ وَادَّخَرَ طَعَامَهُ فَلَيْسَ بِمُحْتَكِرٍ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَبِيعَ مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ إذَا أَشْتَدَّتْ حَاجَةُ النَّاسِ إلَيْهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْمُضْمَرَاتِ وَإِذَا قَلَّتْ الْمُدَّةُ لَا يَكُونُ احْتِكَارًا وَإِذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ يَكُونُ احْتِكَارًا وَعَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ قَدَّرُوا الطَّوِيلَةَ بِالشَّهْرِ فَمَا دُونَهُ قَلِيلٌ ثُمَّ يَقَعُ التَّفَاوُتُ فِي الِاحْتِكَارِ بَيْنَ أَنْ يَتَرَبَّصَ لِلْغَلَاءِ وَبَيْنَ أَنْ يَتَرَبَّصَ لِلْقَحْطِ فَوَبَالُ الثَّانِي أَعْظَمُ مِنْ وَبَالِ الْأَوَّلِ وَفِي الْجُمْلَةِ التِّجَارَةُ فِي الطَّعَامِ غَيْرُ مَحْمُودَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَالِاحْتِكَارُ فِي كُلِّ مَا يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الِاحْتِكَارُ بِمَا يَتَقَوَّتُ بِهِ النَّاسُ وَالْبَهَائِمُ كَذَا فِي الْحَاوِي

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْإِمَامِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُحْتَكِرَ عَلَى الْبَيْعِ

إذَا خَافَ الْهَلَاكُ

عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ وَيَقُولُ لِلْمُحْتَكِرِ بِعْ بِمَا يَبِيعُ النَّاسُ وَبِزِيَادَةٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يُسَعِّرُ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا إذَا كَانَ أَرْبَابُ الطَّعَامِ يَتَحَمَّلُونَ وَيَتَعَدَّوْنَ عَنْ الْقِيمَةِ وَعَجَزَ الْقَاضِي عَنْ صِيَانَةِ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا بِالتَّسْعِيرِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إلَّا بِمَشُورَةِ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْبَصَرِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فَإِنْ سَعَّرَ فَبَاعَ الْخَبَّازُ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَعَّرَ جَازَ بَيْعُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَمَنْ بَاعَ مِنْهُمْ بِمَا قَدَّرَ الْإِمَامُ مِنْ الثَّمَنِ جَازَ بَيْعُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة

وَإِذَا رُفِعَ أَمْرُ الْمُحْتَكِرِ إلَى الْحَاكِمِ فَالْحَاكِمُ يَأْمُرُهُ بِبَيْعِ مَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ أَهْلِهِ عَلَى اعْتِبَارِ السَّعَةِ وَيَنْهَاهُ عَنْ الِاحْتِكَارِ فَإِنْ انْتَهَى فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ وَرُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي مَرَّةً أُخْرَى وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى عَادَتِهِ وَعَظَهُ وَهَدَّدَهُ فَإِنْ رُفِعَ إلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى حَبَسَهُ وَعَزَّرَهُ عَلَى مَا يَرَى

ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ وَإِذَا خَافَ الْإِمَامُ الْهَلَاكَ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ أَخَذَ الطَّعَامَ مِنْ الْمُحْتَكِرِينَ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَحَاوِيجِ فَإِذَا وَجَدُوا رَدُّوا مِثْلَهُ وَهَذَا صَحِيحٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْمُضْمَرَاتِ وَهَلْ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ عَلَى الْمُحْتَكِرِ طَعَامَهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ قِيلَ هُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَقِيلَ يَبِيعُ بِالِاتِّفَاقِ فِي الْمُلْتَقَطِ لَوْ خِيفَ الْهَلَاكُ عَلَى النَّاسِ أَمَرَ الْجَالِبَ أَنْ يَبِيعَ مِثْلَ مَا أَمَرَ الْمُحْتَكِرَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَالتَّلَقِّي إذَا كَانَ يَضُرُّ بِأَهْلِ الْبَلَدِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ فَلَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ لَا يَلْبَسُ عَلَى أَهْلِ الْقَافِلَةِ سِعْرَ أَهْلِ الْبَلْدَةِ وَلَا يَغُرَّهُمْ بِأَنْ أَخْبَرَهُمْ أَنْ قِيمَةَ الطَّعَامِ فِي الْمِصْرِ كَذَا وَصَدَقَ وَإِذَا لَبِسَ عَلَيْهِمْ سِعْرُ أَهْلِ الْبَلْدَةِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ أَعْرَابًا قَدِمُوا الْكُوفَةَ وَأَرَادُوا أَنْ يَمْتَارُوا مِنْهَا وَيَضُرُّ ذَلِكَ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ يَمْنَعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَمْنَعُ أَهْلَ الْبَلَدِ مِنْ الشِّرَاءِ.

السُّلْطَانُ إذَا قَالَ لِلْخَبَّازِينَ بِيعُوا عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ بِدِرْهَمٍ وَلَا تُنْقِصُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَاشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ أَحَدِهِمْ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ وَالْخَبَّازُ يَخَافُ إنْ نَقَصَ يَضُرُّ بِهِ السُّلْطَانُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُكْرَهِ وَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلْخَبَّازِ بِعْنِي الْخُبْزَ كَمَا تُحِبُّ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَحِلُّ الْأَكْلَ فَلَوْ اشْتَرَى عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ كَمَا أَمَرَ بِهِ السُّلْطَانُ ثُمَّ قَالَ الْخَبَّازُ أَجَزْت ذَلِكَ الْبَيْعَ جَازَ وَحَلَّ لِلْمُشْتَرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>