للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ فَالرِّبْحُ لَهُ فِي الْقَضَاءِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُرَدَّ إلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَهَذَا أَصَحُّ إذْ رُدَّ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا طَابَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْأَشْبَهُ أَنْ يَطِيبَ لَهُ هَذَا إذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ، وَإِذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَطِيبُ لَهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَطِيبُ لَهُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.

إذَا أَرَادَ إنْسَانٌ أَنْ يَكْفُلَ بِنَفْسِ إنْسَانٍ وَلَا يَصِيرُ كَفِيلًا أَصْلًا فَالْحِيلَةُ فِيهِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنْ يَقُولَ الْكَفِيلُ عِنْدَ الْكَفَالَةِ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنْ لَا أَكُونَ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَفِيلًا أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ لِنَفْيِهَا فِيمَا وَرَاءَ الشَّهْرِ فَلَا يَكُونُ كَفِيلًا لِلْحَالِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَفَلَ إلَى شَهْرٍ يَصِيرُ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ فَإِذَا كَفَلَ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ لَا يَكُونُ كَفِيلًا أَصْلًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَكَفَلَ بِهَا كَفِيلٌ فَقَالَ الْمَطْلُوبُ لِلطَّالِبِ إنَّ فُلَانًا قَدْ كَفَلَ لَك عَنِّي بِهَذِهِ الْأَلْفِ فَأَبْرِئْنِي عَنْهَا لِأَخْرُجَ مِنْ الْبَيْنِ وَتَبْقَى لَك الْخُصُومَةُ مَعَ الْكَفِيلِ فَأَبْرَأَهُ مِنْهَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ وَهَذَا ضَرْبٌ مِنْ الْحِيَلِ فَيُجِبْ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ حَتَّى لَا يُبْطِلَ حَقَّهُ، وَإِذَا كَفَلَ الرَّجُلُ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ بِأَمْرِهِ وَرَهَنَهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ رَهْنًا فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْكَفِيلِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِمَا وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ حُكْمًا بِهَلَاكِ الرَّهْنِ، وَيَكُونُ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا اسْتَوْفَاهُ حَقِيقَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ إلَى سَنَةٍ فَعَلَيْهِ الْمَالُ الَّذِي عَلَيْهِ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِالْمَالِ رَهْنًا إلَى سَنَةٍ كَانَ الرَّهْنُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ الْمَالُ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ بَعْدُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْكَفِيلُ قَالَ لِلطَّالِبِ فِي الْكَفَالَةِ إنْ مَاتَ فُلَانٌ وَلَمْ يُؤَدِّك الْمَالَ فَهُوَ عَلَيَّ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ رَهْنًا لَمْ يَجُزْ وَلَوْ أَبْرَأَهُ الطَّالِبُ عَنْ هَذِهِ الْكَفَالَةِ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ الْإِبْرَاءُ عَلَى الْأَصِيلِ وَكُلُّ حَقٍّ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِهِ لَا يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ عَنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ

وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُعْطِيَ فُلَانًا كَفِيلًا بِنَفْسِ الْمُوَكِّلِ ضَامِنًا لِمَا ذَابَ عَلَيْهِ فَأَعْطَى فَقُضِيَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِمَالٍ لِلطَّالِبِ فَلِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَكِيلَ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ هَهُنَا بِمَنْزِلَةِ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إيجَابُ الْعَقْدِ وَلَا قَبُولُهُ، وَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْهُ مُجَرَّدُ الْأَمْرِ بِالْكَفَالَةِ عَنْ الْمَطْلُوبِ، وَالْآمِرُ بِالْعَقْدِ لَا يُؤَاخَذُ بِحُقُوقِ الْعَقْدِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقْضِيَ الْمَأْمُورَ بِدَيْنِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَامْتَنَعَ الْمَأْمُورُ عَنْ الْقَضَاءِ لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمَأْمُورِ كَانَ وَعْدًا، وَالْوَعْدُ غَيْرُ لَازِمٍ إلَّا إذَا قَبِلَ وَكَفَلَ فَحِينَئِذٍ يُجْبَرُ عَلَى الْقَضَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِرِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ إذَا قَالَ ضَمِنْت لِفُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ أَوْ قَالَ مَا فِي كِتَابِ الْقَاضِي فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ قَالَ ضَمِنْت لِفُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ مَا عَلَيْهِ فِي هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>