للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمِينًا عَادِلًا لَا يَكْسِبُ بِتَلْقِينِهِ عِلْمًا، وَرُبَّمَا يَحْصَرُ عَنْ الْكَلَامِ لِحِشْمَةِ الْقَاضِي وَمَهَابَةِ الْمَجْلِسِ فَكَانَ فِي تَلْقِينِهِ إحْيَاءُ حَقِّ الْمُسْلِمِ.

فِي الْقُنْيَةِ، وَالْخِزَانَةِ: إنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ الْفَتْوَى فِيهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذْ حَصَلَ لَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ بِالتَّجْرِبَةِ كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُلَقِّنَ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ حُجَّةً وَلَكِنْ إذَا طُلِبَ يَمِينُهُ فَحِينَئِذٍ جَاءَ، أَوْ أَنَّ الِاسْتِحْلَافَ إنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فَيَسْأَلُهُ عِنْدَ ذَلِكَ أَلَك بَيِّنَةٌ.؟

وَفِي النَّوَازِلِ سُئِلَ أَبُو نَصْرٍ عَنْ رَجُلَيْنِ تَقَدَّمَا إلَى الْقَاضِي فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّ لِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، قَالَ: سَأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَقَدَّمَ رَجُلَانِ إلَى يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّ لِي عَلَى هَذَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: قَدْ أَخْبَرْتنِي خَبَرًا فَمَا تَشَاءُ، يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى غَيْرُ صَحِيحَةٍ مَا لَمْ يَقُلْ: مُرْهُ لِيُعْطِيَنِي حَقِّي، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، قَالَ أَبُو نَصْرٍ: وَهَذَا عِنْدَنَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَهَذَا مِمَّا لَا يُجْحَدُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَقَدَّمَا إلَّا لِلطَّلَبِ، ثُمَّ إذَا سَمِعَ جَوَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَتَبَ جَوَابَهُ فِي قِرْطَاسٍ أَوْ أَمَرَ الْكَاتِبَ أَنْ يَكْتُبَ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حَضَرَ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ يَوْمَ كَذَا بِكَذَا لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا، ثُمَّ إنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْمُدَّعِيَ أَثْبَتَهُمَا فِي رُقْعَةٍ مُعَرِّفَةٍ، وَكَتَبَ: حَضَرَ فُلَانٌ وَأَحْضَرَ مَعَهُ فُلَانًا، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُمَا أَرْسَلَ الْكِتَابَةَ إرْسَالًا وَكَتَبَ حَضَرَ رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ يَنْسُبُهُ إلَى أَبِيهِ وَجَدِّهِ أَوْ إلَى مَوَالِيهِ فَيَكْتُبُ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانٌ مَوْلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ تِجَارَةٌ، أَوْ صِنَاعَةٌ يُعْرَفُ بِهَا يُنْسَبُ إلَيْهَا زِيَادَةً فِي التَّعْرِيفِ، وَكَذَلِكَ يُحَلِّيهِ زِيَادَةً فِي التَّعْرِيفِ وَلَكِنْ يُحَلِّيهِ بِمَا يَزِينُهُ لَا بِمَا يَشِينُهُ وَأَحْضَرَ رَجُلًا ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانٌ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي، ثُمَّ يَكْتُبُ: فَادَّعَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُدَّعِيَ الَّذِي حَضَرَ - عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ - يَعْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي أَحْضَرَهُ مَعَهُ - كَذَا وَكَذَا يَكْتُبُ دَعْوَاهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ، ثُمَّ يَكْتُبُ فَيَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ عَمَّا ادَّعَى عَلَيْهِ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ الدَّعْوَى الْمَوْصُوفَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَإِنْ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِهِ كَتَبَ إقْرَارَهُ، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَيَأْمُرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِيفَاءِ الْحَقِّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَإِنْ كَانَ قَدْ جَحَدَ يَكْتُبُ جُحُودَهُ لِيُعْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ هَلْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْأَلَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ أَمْ لَا.؟

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ الْجُحُودَ بِلَفْظِهِ وَلَا يُحَوِّلَهُ إلَى لِسَانِ الْعَرَبِيَّةِ إلَّا إذَا أَمْكَنَ أَنْ يُحَوَّلَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ وَمَنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ كَلِمَةٌ مُبْهَمَةٌ مُشْتَرَكَةٌ فَإِنَّ الْجُحُودَ يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ فَإِنَّ الْمُودَعَ إذَا جَحَدَ الْإِيدَاعَ أَصْلًا، ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ، أَوْ الْهَلَاكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ عَلَيَّ تَسْلِيمُ مَا ادَّعَيْت وَلَا قِيمَتُهَا، ثُمَّ ادَّعَى الْهَلَاكَ، أَوْ الرَّدَّ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَيَكْتُبُ عِبَارَتَهُ بِلِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ حَتَّى يَبْنِيَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا رَسْمُ قُضَاةِ دِيَارِ الْخَصَّافِ وَصَاحِبِ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَعُرْفُ زَمَانِهِمَا.

وَالْقُضَاةُ فِي زَمَانِنَا عَلَى رَسْمٍ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ فِي زَمَانِنَا يَأْتِي كَاتِبَ بَابِ الْقَاضِي حَتَّى يَكْتُبَ دَعْوَاهُ فِي بَيَاضٍ فَيَكْتُبَ: حَضَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>