للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ.

حَكَمَ ذِمِّيٌّ بَيْنَ الْمُسْلِمَيْنِ فَأَجَازَاهُ لَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ حَكَّمَاهُ فِي الِابْتِدَاءِ.

ذِمِّيَّانِ حَكَّمَا ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ الْحَكَمُ قَبْلَ الْحُكْمِ فَهُوَ عَلَى حُكُومَتِهِ. مُسْلِمٌ وَمُرْتَدٌّ حَكَّمَا حَكَمًا بَيْنَهُمَا ثُمَّ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَسْلَمَ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا جَازَ بِكُلِّ حَالٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَا بَيْنَهُمَا امْرَأَةً يَعْنِي يَجُوزُ إذَا حَكَّمَا بَيْنَهُمَا امْرَأَةً وَأَرَادَ بِهِ فِيمَا سِوَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ التَّحْكِيمَ يُبْتَنَى عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْمَرْأَةُ تَصْلُحُ شَاهِدَةً فِيمَا سِوَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَتَصْلُحُ حَكَمًا وَلَا تَصْلُحُ شَاهِدَةً فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَلَا تَصْلُحُ حَكَمًا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ مُعَلَّقًا بِالْأَخْطَارِ وَلَا مُضَافًا إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَصِحُّ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ لَا يَصِحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة صُورَةُ التَّعْلِيقِ إذَا قَالَا لِلْعَبْدِ: إذَا أَعْتَقْت فَاحْكُمْ بَيْنَنَا. أَوْ قَالَا لِرَجُلٍ: إذَا أَهَلَّ الْهِلَالُ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا. وَصُورَةُ الْإِضَافَةِ إذَا قَالَا لِرَجُلٍ: جَعَلْنَاك حَكَمًا غَدًا، أَوْ قَالَا: رَأْسَ الشَّهْرِ.

وَإِذَا اصْطَلَحَا عَلَى حَكَمٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَسْأَلَ فُلَانًا الْفَقِيهَ ثُمَّ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا جَازَ.

وَكَذَا إذَا اصْطَلَحَا عَلَى حَكَمٍ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَسْأَلَ الْفُقَهَاءَ ثُمَّ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ جَازَ، فَإِنْ سَأَلَ ذَلِكَ الْفَقِيهَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَحَكَمَ بَيْنَهُمَا جَازَ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِذَا سَأَلَ فَقِيهًا وَاحِدًا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَحَكَمَ بِقَوْلِهِ: جَازَ أَيْضًا.

وَإِذَا اصْطَلَحَا عَلَى حَكَمٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا فِي يَوْمِهِ هَذَا أَوْ مَجْلِسِهِ هَذَا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ مَضَى ذَلِكَ الْيَوْمُ وَقَامَ عَنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ لَا يَبْقَى حَكَمًا.

وَإِذَا رُفِعَ حُكْمُ الْحَاكِمِ الْمُحَكَّمِ إلَى الْقَاضِي الْمُوَلَّى فَالْقَاضِي يَنْظُرُ فِي حُكْمِهِ فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِرَأْيِهِ نَفَذَهُ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِرَأْيِهِ أَبْطَلَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْفُقَهَاءُ.

وَإِذَا اصْطَلَحَ الرَّجُلَانِ عَلَى حَكَمٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَعْلَمَاهُ وَلَكِنَّهُمَا قَدْ اخْتَصَمَا إلَيْهِ وَحَكَمَ بَيْنَهُمَا جَازَ.

وَإِذَا اصْطَلَحَا عَلَى غَائِبٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا فَقَدِمَ وَحَكَمَ بَيْنَهُمَا جَازَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ فَأَيُّهُمَا حَكَمَ بَيْنَهُمَا جَازَ وَإِذَا تَقَدَّمَا إلَى أَحَدِهِمَا فَقَدْ عَيَّنَاهُ لِلْخُصُومَةِ وَلَا يَبْقَى الْآخَرُ حَكَمًا، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

وَإِذَا اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَذَلِكَ بَاطِلٌ.

وَلَوْ سَافَرَ الْحَكَمُ أَوْ مَرِضَ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ أَوْ بَرِئَ وَحَكَمَ جَازَ.

وَلَوْ عَمِيَ الْحَكَمُ ثُمَّ ذَهَبَ الْعَمَى وَحَكَمَ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَحَكَمَ لَا يَجُوزُ.

وَلَوْ وَجَّهَ الْحَكَمُ الْقَضَاءَ عَلَى أَحَدِهِمَا يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْحَكَمَ قَالَ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ: قَامَتْ عِنْدِي الْحُجَّةُ بِمَا ادَّعَى عَلَيْك مِنْ الْحَقِّ، ثُمَّ إنَّ الَّذِي تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ عَزَلَهُ ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ عَلَيْهِ.

وَإِذَا وَكَّلَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ الْحَكَمَ بِالْخُصُومَةِ وَقَبِلَ الْحَكَمُ الْوَكَالَةَ خَرَجَ عَنْ الْحُكُومَةِ. ذُكِرَ فِي الْأَقْضِيَةِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: هَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بَلْ مَا ذَكَرْنَا هُنَا قَوْلُ الْكُلِّ.

وَإِذَا اشْتَرَى الْحَكَمُ الْعَبْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>