للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكْتُبَ شَهَادَتَهُ، أَوْ يَشْهَدَ عَلَى عَقْدٍ فَأَبَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ يَجِدُ غَيْرَهُ جَازَ لَهُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا يَسَعُهُ الِامْتِنَاعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَعَلَى هَذَا أَمْرُ التَّعْدِيلِ إذَا سُئِلَ مِنْ إنْسَانٍ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ سِوَاهُ مَنْ يُعَدِّلُهُ يَسَعُهُ أَنْ لَا يُجِيبَ وَإِلَّا لَمْ يَسَعْهُ أَنْ لَا يَقُولَ فِيهِ الْحَقَّ حَتَّى لَا يَكُونَ مُبْطِلًا لِلْحَقِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَيَلْزَمُ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ وَيَأْثَمُ بِكِتْمَانِهَا إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي، وَإِنَّمَا يَأْثَمُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ، أَوْ كَانُوا جَمَاعَةً فَأَدَّى غَيْرُهُ مِمَّنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَقُبِلَتْ قَالُوا لَا يَأْثَمُ، وَإِنْ أَدَّى غَيْرُهُ، وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ يَأْثَمُ مَنْ لَمْ يُؤَدِّ إذَا كَانَ مِمَّنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ كَانَ هُوَ أَسْرَعُ قَبُولًا مِنْ آخَرِينَ لَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ عَنْ الْأَدَاءِ فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَإِذَا كَانَ مَوْضِعُ الشَّاهِدِ بَعِيدًا مِنْ مَوْضِعِ الْقَاضِي بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَغْدُوَ إلَى الْقَاضِي لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَيَرْجِعَ إلَى أَهْلِهِ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ قَالُوا لَا يَأْثَمُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.

سُئِلَ خَلَفٌ عَمَّنْ لَهُ شَهَادَةٌ وَوَقَعَتْ الْخُصُومَةُ عِنْدَ قَاضٍ غَيْرِ عَدْلٍ هَلْ يَسَعُهُ أَنْ يَكْتُمَ الشَّهَادَةَ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَ قَاضٍ عَدْلٍ قَالَ: لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَالشَّهَادَةُ فِي الْحُدُودِ يُخَيَّرُ فِيهَا الشَّاهِدُ بَيْنَ السَّتْرِ وَالْإِظْهَارِ وَالسَّتْرُ أَفْضَلُ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمَالِ فِي السَّرِقَةِ فَيَقُولَ: أَخَذَ، وَلَا يَقُولَ: سَرَقَ، هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

مَا يَتَحَمَّلُهُ الشَّاهِدُ عَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ يَثْبُتُ حُكْمُهُ بِنَفْسِهِ بِلَا إشْهَادٍ كَالْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ وَحُكْمِ الْحَاكِمِ وَالْغَصْبِ وَالْقَتْلِ، فَإِذَا سَمِعَ شَاهِدٌ الْبَيْعَ وَالْإِقْرَارَ وَحُكْمَ الْحَاكِمِ، أَوْ رَأَى الْغَصْبَ وَالْقَتْلَ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَإِنْ لَمْ يُشْهَدْ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ بَاعَ، وَلَا يَقُولُ: أَشْهَدَنِي لِئَلَّا يَكُونَ كَاذِبًا. وَنَوْعٌ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ بِنَفْسِهِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، فَإِذَا سَمِعَ شَاهِدًا يَشْهَدُ بِشَيْءٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ إلَّا أَنْ يُشْهِدَهُ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ سَمِعَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ، إذْ النَّغْمَةُ تُشْبِهُ النَّغْمَةَ إلَّا إذَا كَانَ فِي الدَّاخِلِ وَحْدَهُ وَدَخَلَ وَعَلِمَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَى الْمَسْلَكِ وَلَيْسَ لَهُ مَسْلَكٌ غَيْرُهُ فَسَمِعَ إقْرَارَ الدَّاخِلِ، وَلَا يَرَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا فَسَّرَ لَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي جَوَازِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ مُتَنَقِّبَةً: بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: لَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ عَلَيْهَا بِدُونِ رُؤْيَةِ وَجْهِهَا، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا تَوَسَّعُوا فِي هَذَا وَقَالُوا: يَصِحُّ عِنْدَ التَّعْرِيفِ، وَتَعْرِيفُ الْوَاحِدِ يَكْفِي وَالْمُثَنَّى أَحْوَطُ وَإِلَى هَذَا مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بخواهر زاده وَإِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ. وَضَرْبٌ مِنْ الْمَعْقُولِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا فَإِنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِهَا لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ، ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ فَذَلِكَ يَكْفِي، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَحِلُّ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّسَبِ مَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَمَاعَةٍ لَا يُتَصَوَّرُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَالْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ كَانَ يُفْتِي بِقَوْلِهِمَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>