كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ وَصُورَةُ ذَلِكَ إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ بِأَلْفٍ وَشَهِدَا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِأَلْفٍ إلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْبُلْدَانِ، أَوْ فِي الْأَيَّامِ، أَوْ فِي السَّاعَاتِ، أَوْ فِي الشُّهُورِ، أَوْ شَهِدَا عَلَى الْبَيْعِ بِأَلْفٍ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا الْيَوْمَ وَاحِدَةً وَالْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا أَمْسِ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى إقْرَارِهِ بِأَلْفٍ الْيَوْمَ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَلْفٍ أَمْسِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَا تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ بِاخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ فِيمَا بَيْنَهُمَا فِي الْأَيَّامِ وَالْبُلْدَانِ إلَّا أَنْ يَقُولَا كُنَّا مَعَ الطَّالِبِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْأَيَّامِ وَالْمَوَاطِنِ وَالْبُلْدَانِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: أَنَا أُجِيزُ الشَّهَادَةَ وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَحْفَظُوا الشَّهَادَةَ دُونَ الْوَقْتِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَمْرُ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْقِيَاسِ وَأَنَا أَسْتَحْسِنُ وَأُبْطِلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ بِالتُّهْمَةِ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَا فِي السَّاعَتَيْنِ مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ بِتَفَاوُتٍ فَيَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ بِشَرْطِ الْوَفَاءِ فَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَ بِشَرْطِ الْوَفَاءِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اشْتَرَى بِشَرْطِ الْوَفَاءِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ
شَاهِدَانِ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْبَصْرَةِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ بِالْكُوفَةِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ بِكَذِبِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ الْإِنْسَانَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ لَا يَكُونُ بِالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِالْكُوفَةِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِالْبَصْرَةِ، وَلَمْ يُوَقِّتَا وَقْتًا فَهُنَاكَ الشَّهَادَةُ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ فِي يَوْمَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ مِنْ الْأَيَّامِ وَبَيْنَهُمَا قَدْرُ مَا يَسِيرُ الرَّاكِبِ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى مَكَّةَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
أَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَى الصُّلْحِ فَأَلْجَأَهُمَا الْقَاضِي إلَى بَيَانِ التَّارِيخِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا إنَّهُ كَانَ مُنْذُ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ، وَقَالَ الْآخَرُ أَظُنُّ أَنَّهُ كَانَ مُنْذُ ثَلَاثِ سِنِينَ، أَوْ أَزْيَدَ لَا تُقْبَلُ لَمَّا اخْتَلَفَا هَذَا الِاخْتِلَافَ الْفَاحِشَ، وَإِنْ كَانَا لَا يَحْتَاجَانِ إلَى بَيَانِ التَّارِيخِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَإِذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ قَوْلًا كَانَتْ صِيغَةُ الْإِنْشَاءِ وَالْإِقْرَارِ بِهِ مُخْتَلِفَةً نَحْوُ الْقَذْفِ. قَالَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْقَذْفِ وَالْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْقَذْفِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْقَذْفِ وَاخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ، أَوْ الْمَكَانِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي فِعْلٍ مُلْحَقٍ بِالْقَوْلِ كَالْقَرْضِ فَهُوَ كَالطَّلَاقِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ فِعْلًا حَقِيقَةً وَحُكْمًا كَالْغَصْبِ وَالْجِنَايَةِ وَاخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي الْمَكَانِ، أَوْ فِي الزَّمَانِ، أَوْ فِي الْإِنْشَاءِ وَالْإِقْرَارِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ هَالِكًا فَشَهِدَا بِالْقِيمَةِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ قِيمَتَهُ أَلْفٌ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْغَاصِبِ أَنَّ قِيمَتَهُ أَلْفٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي