للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَلْبَتَّةَ، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ، وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا، فَالضَّمَانُ عَلَى شَاهِدَيْ الْإِعْتَاقِ لَا عَلَى شَاهِدَيْ التَّدْبِيرِ، وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَا التَّدْبِيرِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ، ثُمَّ شَهِدَ شَاهِدَا الْإِعْتَاقِ بِالْإِعْتَاقِ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعُوا، فَإِنَّ شَاهِدَيْ التَّدْبِيرِ يَضْمَنَانِ مَا نَقَصَهُ التَّدْبِيرُ وَيَضْمَنُ شَاهِدَا الْعِتْقِ الْبَاتِّ قِيمَتَهُ مُدَبَّرًا، وَإِنْ كَانَ شَاهِدَا الْعِتْقِ الْبَاتِّ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَأَعْتَقَهُ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ ضَمِنَ شَاهِدَا الْعِتْقِ قِيمَتَهُ وَلَمْ يَضْمَنْ شَاهِدَا التَّدْبِيرِ قَالُوا: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْضِيَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ فَقَضَى بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ وَهُوَ يُسَاوِي أَلْفًا أَوْ أَلْفَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ قِيمَتَهُ وَيَتْبَعَانِ الْعَبْدَ بِالْكِتَابَةِ عَلَى نَحْوِهِمَا وَلَا يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يُؤَدِّيَ وَالْوَلَاءُ لِلَّذِي كَاتَبَهُ، وَإِنْ عَجَزَ فَرُدَّ فِي الرِّقِّ كَانَ لِمَوْلَاهُ، وَيَرُدُّ الْمَوْلَى مَا أَخَذَ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الْحَاوِي.

إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسُمِائَةٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْكِتَابَةِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُخَيِّرُ الْمَوْلَى، فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الشَّاهِدَيْنِ لَا يَكُونُ لَهُ اخْتِيَارُ اتِّبَاعِ الْمُكَاتَبِ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ أَبَدًا، فَإِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ الشَّاهِدَانِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَطِيبُ لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ وَيَتَصَدَّقَانِ بِالزِّيَادَةِ هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ اخْتَارَ اتِّبَاعَ الْمُكَاتَبِ أَوْ تَقَاضَاهُ بِلَا تَخْيِيرِ الْقَاضِي لَا يَكُونُ لَهُ تَضْمِينُ الشَّاهِدَيْنِ أَبَدًا وَيَرْجِعُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِالْفَضْلِ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ إلَى تَمَامِ قِيمَتِهِ، عَلِمَ الْمَوْلَى بِرُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمُكَاتَبَةُ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِالْفَضْلِ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ إلَى تَمَامِ قِيمَتِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَعْتَقَهُ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا، فَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ الْأَلْفَ وَيَرْجِعَانِ عَلَى الْعَبْدِ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْعَبْدِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَأَيَّهُمَا اخْتَارَ ضَمَانَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآخَرِ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ أَبَدًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إذَا ادَّعَى عَبْدٌ أَنَّ مَوْلَاهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ قِيمَتُهُ، وَادَّعَى الْمَوْلَى أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَقَضَى الْقَاضِي بِأَلْفَيْنِ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَأَدَّاهُمَا ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ، يَضْمَنَانِ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِلْمُكَاتَبِ، وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ لَمْ يَدَّعِ الْمُكَاتَبَةَ وَقَالَ الْمَوْلَى: كَاتَبْتُكَ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَجَحَدَ الْمُكَاتَبُ فَأَقَامَ الْمَوْلَى عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي بِالْكِتَابَةِ بِبَيِّنَةِ الْمَوْلَى وَيُقَالُ لِلْمُكَاتَبِ: إنْ شِئْتَ فَامْضِ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَإِنْ شِئْتَ فَدَعْهَا وَكُنْ رَقِيقًا، فَإِنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ ادَّعَى أَنَّهُ حُرٌّ فَجَاءَ الْمَوْلَى بِشَاهِدَيْنِ فَشَهِدَ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فَأَدَّى الْمَالَ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ لِلْمُكَاتَبِ أَلْفَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>