للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِذَلِكَ، وَأَمَرَ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَى الْوَكِيلِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ وَضَاعَ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ أَقَامَ الْغَرِيمُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ قَضَاهُ إلَى رَبِّ الْمَالِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ إنَّمَا سَبِيلُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْوَكِيلِ يَدُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ.

رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِخُصُومَةِ كُلِّ أَحَدٍ فَأَحْضَرَ الْوَكِيلُ رَجُلًا يَدَّعِي عَلَيْهِ مَالًا لِمُوَكِّلِهِ، فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِوَكَالَةِ الْمُدَّعِي، فَقَالَ الْوَكِيلُ: أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ لِتَكُونَ حُجَّةً لِي عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ بِبَيِّنَتِهِ، وَيَجْعَلُهُ وَكِيلًا مَعَ الْمُقِرِّ وَمَعَ غَيْرِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ

ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّكَ وَكِيلُ فُلَانٍ بِالْخُصُومَةِ وَلِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: مَا وَكَّلَنِي فُلَانٌ بِالْخُصُومَةِ، وَبَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ تُقْبَلُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَإِنْ شَهِدَا بِالْوَكَالَةِ وَالْوَكِيلُ لَا يَدْرِي أَنَّهُ وَكَّلَهُ أَمْ لَا، وَقَالَ: أَخْبَرَنِي الشُّهُودُ أَنَّهُ وَكَّلَنِي، فَأَنَا أَطْلُبُهُ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ بِخَبَرِ الشَّاهِدَيْنِ يَثْبُتُ الْعِلْمُ لِلْقَاضِي فَلَأَنْ يَثْبُتَ الْعِلْمُ لِلْوَكِيلِ أَوْلَى، وَإِنْ شَهِدَا عَلَى وَكَالَتِهِ وَهُوَ يَجْحَدُ، فَإِنْ كَانَ وَكِيلَ الطَّالِبِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَ شُهُودَهُ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلَ الْمَطْلُوبِ، فَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ قَبِلَ الْوَكَالَةَ لَزِمَتْهُ؛ لِأَنَّ وَكِيلَ الْمَطْلُوبِ بَعْدَ قَبُولِهِ يُجْبَرُ عَلَى جَوَابِ الْخَصْمِ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا عَلَى قَبُولِهِ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ مِنْ التَّوْكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ غَائِبًا فَادَّعَى الطَّالِبُ فِي دَارِهِ حَقًّا، وَجَاءَ بِابْنَيْ الْمَطْلُوبِ فَشَهِدَا أَنَّ الْمَطْلُوبَ وَكَّلَ هَذَا بِالْخُصُومَةِ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَالْوَكِيلُ يَجْحَدُ أَوْ الطَّالِبُ بَطَلَتْ، وَالْمَطْلُوبُ إذَا دَفَعَ الْمَالَ إلَى إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ الطَّالِبِ بِقَبْضِهِ، ثُمَّ قَدِمَ الطَّالِبُ فَجَحَدَ وَشَهِدَ لِلْمَطْلُوبِ ابْنَا الطَّالِبِ بِالْوَكَالَةِ جَازَتْ، وَلَوْ كَانَ وَكِيلُ الطَّالِبِ يَدَّعِي الْوَكَالَةَ وَالْمَطْلُوبُ يَجْحَدُ فَشَهِدَ ابْنَا الطَّالِبِ بِالْوَكَالَةِ لَمْ تُقْبَلْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ أَوْ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَوْ بِقَبْضِ الْعَيْنِ، فَإِنْ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِالْوَكَالَةِ فِي الدَّيْنِ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ إلَى الْوَكِيلِ لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ بِالْخُصُومَةِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا تَوَافَقَا لِيُقِرَّ الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ فِي قَبْضِ الْعَيْنِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحَّ إقْرَارُهُ، وَلَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ كَانَ مُسْلِمٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ ادَّعَى ذِمِّيٌّ فِيهَا دَعْوَى، وَوَكَّلَ وَكِيلًا بِشَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْوَكَالَةِ أَقَرَّ الْمُسْلِمُ بِالْوَكَالَةِ أَوْ أَنْكَرَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْوَكَالَةِ لَا يُلْزِمُهُ الْجَوَابُ؛ لِأَنَّهُ يُصَادِقُ حَقَّ الْغَيْرِ، فَإِذَنْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ فُلَانٍ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ إثْبَاتَ الْوَكَالَةِ بِالْبَيِّنَةِ، فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ الْمُوَكِّلَ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ فُلَانٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَصِيرُ وَكِيلًا بِالْقَبْضِ وَالْخُصُومَةِ، وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ أَرْسَلَهُ فِي أَخْذِ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فِي قَوْلِهِمْ، وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَمَرَ بِأَخْذِ دَيْنِهِ مِنْهُ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ، وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ أَنَابَهُ مَنَابَ نَفْسِهِ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَالَ لَهُ: جَعَلْتُكَ حَرِيًّا فِي قَبْضِ دَيْنِي مِنْ فُلَانٍ أَوْ قَالَ: جَعَلْتُكَ وَصِيِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>