للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ عَرَفَهُ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ أَوْ رَأَى عَلَيْهِ سِيمَا الْخَيْرِ وَلَمْ يَتَّهِمْهُ اكْتَفَى بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ غَلَّظَهُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يَنْظُرُ إلَى الْمُدَّعَى بِهِ إنْ كَانَ مَالًا عَظِيمًا غَلَّظَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ حَقِيرًا يُكْتَفَى بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ وَحْدَهُ ثُمَّ بَعْضُهُمْ قَدَّرُوا الْعَظِيمَ بِنِصَابِ الزَّكَاةِ وَبَعْضُهُمْ قَدَّرُوا بِنَصَّابِ السَّرِقَةِ وَإِنْ أَرَادَ التَّغْلِيظَ عَلَى الْيَهُودِيِّ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَإِنْ أَرَادَ التَّغْلِيظَ عَلَى النَّصْرَانِيِّ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَا يَحْلِفُ بِالْإِشَارَةِ إلَى مُصْحَفٍ مُعَيَّنٍ بِأَنْ يَقُولَ: بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ هَذَا الْإِنْجِيلَ أَوْ هَذِهِ التَّوْرَاةَ لِأَنَّهُ ثَبَتَ تَحْرِيفُ بَعْضِهَا فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ تَقَعَ الْإِشَارَةُ إلَى الْمُحَرَّفِ فَيَكُونَ التَّحْلِيفُ بِهِ تَغْلِيظًا بِمَا لَيْسَ كَلَامُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَيُحَلَّفُ الْمَجُوسِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّارَ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ وَمِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَكَنْزِ الدَّقَائِقِ وَلَيْسَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافُ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ إلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ قَالَ: لَا يَحْلِفُ إلَّا بِاَللَّهِ خَالِصًا فَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ النَّارَ عِنْدَ الْيَمِينِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ يُحَلَّفُ بِاَللَّهِ وَلَا يُحَلَّفُ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ الْوَثَنَ وَالصَّنَمَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يُحَلَّفُونَ فِي بُيُوتِ عِبَادَاتِهِمْ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.

وَلَا يَجِبُ تَغْلِيظُ الْيَمِينِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِزَمَانٍ وَلَا مَكَان كَذَا فِي الْكَافِي.

اسْتِحْلَافُ الْأَخْرَسِ أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي: عَلَيْك عَهْدُ اللَّهِ إنْ كَانَ لِهَذَا عَلَيْكَ هَذَا الْحَقُّ وَيُشِيرُ الْأَخْرَسُ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ وَلَا يَسْتَحْلِفُهُ بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيْك أَلْفٌ وَيُشِيرُ الْأَخْرَسُ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي أَخْرَسَ وَلَهُ إشَارَاتٌ مَعْرُوفَةٌ وَخَصْمُهُ صَحِيحٌ فَالْقَاضِي يُحَلِّفُهُ بِطَلَبِ الْأَخْرَسِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ كَمَا إذَا كَانَا صَحِيحَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ أَخْرَسَ أَصَمَّ وَالْقَاضِي يَعْرِفُهُ أَنَّهُ أَصَمُّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَكْتُبُ لَهُ وَيَأْمُرُهُ أَنْ يُجِيبَ بِالْكِتَابَةِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ وَلَهُ إشَارَةٌ مَعْرُوفَةٌ يُؤْمَرُ بِالْإِشَارَةِ لِيُجِيبَ وَيُعَامِلَ مَعَهُ كَمَا يُعَامِلَ مَعَ الْأَخْرَسِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

إذَا ادَّعَى دَيْنًا وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ سَبَبًا يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيْك وَلَا قِبَلَك هَذَا الْمَالُ الَّذِي ادَّعَاهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَكَذَا إذَا ادَّعَاهُ مِلْكًا أَوْ حَقًّا فِي عَيْنِ حَاضِرٍ مُطْلَقًا وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ سَبَبًا يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ فَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْعَيْنُ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ احْتِيَاطًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا بِسَبَبِ الْقَرْضِ أَوْ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ أَوْ ادَّعَى مِلْكًا بِسَبَبِ الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ ادَّعَى غَصْبًا أَوْ عَارِيَّةً يُسْتَحْلَفُ عَلَى حَاصِلِ الدَّعْوَى فِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُسْتَحْلَفُ عَلَى السَّبَبِ حَتَّى لَا يُسْتَحْلَفَ بِاَللَّهِ مَا اسْتَقْرَضْتَ مِنْهُ هَذَا الْمَالَ مَا غَصَبْتَهُ مَا أَوْدَعَك مَا اشْتَرَيْتَ مِنْهُ هَذَا الْعَيْنَ وَكَذَا مَا بِعْتَ مِنْهُ هَذَا الْعَيْنَ سَوَاءٌ عَرَضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَعْرِضْ إلَّا أَنَّ فِيمَا سِوَى الْوَدِيعَةِ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيْك وَلَا قِبَلَك الْمَالَ الَّذِي يَدَّعِي وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَفِي الْوَدِيعَةِ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ لَيْسَ فِي يَدِك هَذِهِ الْوَدِيعَةُ الَّتِي يَدَّعِي وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَلَا لَهُ قِبَلَك حَقٌّ مِنْهُ لِأَنَّ الْمُدَّعِي لَوْ كَانَ اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعَةَ أَوْ دَلَّ سَارِقًا عَلَيْهَا لَا تَكُونُ فِي يَدِهِ وَيَكُونُ ضَامِنًا لَهَا فَيَحْلِفُ عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ثُمَّ التَّحْلِيفُ عَلَى الْحَاصِلِ هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ سَبَبًا يَرْتَفِعُ بِرَافِعٍ وَإِذَا كَانَ فِيهِ تَرَكَ النَّظَرَ لِلْمُدَّعِي فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ إجْمَاعًا وَذَلِكَ بِأَنْ تَدَّعِي مَبْتُوتَةٌ نَفَقَةً وَالزَّوْجُ مِمَّنْ لَا يَرَاهَا أَوْ ادَّعَى شُفْعَةً بِالْجِوَارِ وَالْمُشْتَرِي مِمَّنْ لَا يَرَاهَا بِأَنْ كَانَ شَافِعِيًّا كَذَا فِي الْكَافِي وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>