للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمَا وَبَعْدَ هَذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ قَالَ بَعْضُهُمْ يَحْلِفُ لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْعَبْدُ لَهُمَا لَا لِهَذَا وَلَا لِهَذَا وَلَا يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ وَالرَّأْيُ فِي ذَلِكَ لِلْقَاضِي إنْ شَاءَ بَدَأَ بِأَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ قِرَاعٍ وَإِنْ شَاءَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمَا وَنَفْيًا لِلتُّهْمَةِ عَنْ نَفْسِهِ.

ثُمَّ إذَا حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: (الْأَوَّلُ) حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ بَرِئَ عَنْ دَعْوَاهُمَا وَهَذَا ظَاهِرٌ، (الثَّانِي) إذَا حَلَفَ لِأَحَدِهِمَا وَنَكَلَ عَنْ الْآخَرِ فَإِنْ حَلَفَ لِلْأَوَّلِ بَرِئَ عَنْ دَعْوَاهُ وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْآخَرِ قَضَى بِكُلِّ الْعَيْنِ لَهُ كَمَا إذَا ادَّعَاهُ هُوَ وَحْدَهُ فَحَلَفَ وَنَكَلَ فَإِنْ نَكَلَ لِلْأَوَّلِ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِنُكُولِهِ لِلْأَوَّلِ بَلْ يَحْلِفُ لِلْآخَرِ وَيَنْظُرُ مَعَ الْآخَرِ فَلَوْ أَنَّهُ قَضَى لِلَّذِي نَكَلَهُ أَوَّلًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ نَفَذَ قَضَاؤُهُ.

وَلَوْ نَكَلَ لَهُمَا جُمْلَةً بِأَنْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً كَمَا هُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَوْ نَكَلَ لَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ بِأَنْ حَلَفَ الْقَاضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ كَمَا هُوَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ فَالْحُكْمُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَاحِدٌ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ يَقْضِي بِالْعَيْنِ بَيْنَهُمَا وَفِي دَعْوَى الْغَصْبِ يَقْضِي بِالْعَيْنِ بَيْنَهُمَا وَبِالْقِيمَةِ بَيْنَهُمَا وَفِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ يُقْضَى بِالْعَيْنِ بَيْنَهُمَا وَلَا يُقْضَى بِشَيْءٍ مِنْ الْقِيمَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُقْضَى بِالْقِيمَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ فِي يَدِهِ عَبْدٌ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ فَادَّعَى إنْسَانٌ أَنَّ الْعَبْدَ عَبْدُهُ أَوْدَعَهُ أَبَاهُ الْمَيِّتُ وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْيَدِ فَإِنَّهُ يَسْتَحْلِفُ صَاحِبَ الْيَدِ عَلَى دَعْوَاهُ عَلَى الْعِلْمِ.

فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ قَضَى بِهِ وَأَمَرَهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ سَلَّمَ فَادَّعَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ آخَرُ بِمِثْلِ مَا ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالُوا: وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الِابْنِ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ سِوَى هَذَا الْعَبْدِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ شَيْءٌ سِوَى هَذَا الْعَبْدِ فَيَسْتَحْلِفُ لِلثَّانِي وَإِذَا نَكَلَ يُقْضَى عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّعْوَى فِي الْغَصْبِ لَا يُسْتَحْلَفُ لِلثَّانِي أَيْضًا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ سِوَى الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ يُسْتَحْلَفُ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسَ عَشَرَ.

لَوْ ادَّعَى رَجُلَانِ نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَقَدَّمَاهَا إلَى الْقَاضِي فَأَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَتْ لِلْآخَرِ فَقَالَ الْآخَرُ: حَلِّفْهَا لِي لَا يُحَلِّفْهَا فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَلْ يُسْتَحْلَفُ الزَّوْجُ الْمُقَرُّ لَهُ؟ ذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ بَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا يُسْتَحْلَفُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يُسْتَحْلَفُ فَإِنْ حَلَفَ لَا تُسْتَحْلَفُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ نَكَلَ تُسْتَحْلَفُ الْمَرْأَةُ حِينَئِذٍ فَإِنْ نَكَلَتْ قُضِيَ بِالنِّكَاحِ لِلثَّانِي وَبَطَلَ نِكَاحُ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .

وَلَوْ أَنْكَرَتْ دَعْوَاهُمَا فَحَلَّفَهَا لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمهمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَنَكَلَتْ فَقَضَى بِهَا لَهُ لَا يُحَلِّفُ لِلْآخَرِ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

اشْتَرَى جَارِيَةً وَتَقَابَضَا ثُمَّ رُدَّتْ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ بِالنُّكُولِ ثُمَّ جَاءَ الْبَائِعُ وَقَالَ: رُدَّتْ عَلَيَّ وَهِيَ حُبْلَى إنْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَلْزَمُهُ وَضَمِنَ الْبَائِعُ نُقْصَانَ الْعَيْبِ الْأَوَّلِ وَإِنْ أَنْكَرَ يُرِيهَا النِّسَاءَ فَإِنْ قُلْنَ حُبْلَى يُحَلِّفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا حَدَثَ عِنْدَك هَذَا الْحَبَلُ إنْ حَلَفَ انْدَفَعَ وَإِنْ نَكَلَ إنْ شَاءَ الْبَائِعُ أَمْسَكَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ شَاءَ رَدَّ مَعَ نُقْصَانِ الْعَيْبِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْقَاضِي: قَدْ كَانَ هَذَا الْحَبَلُ عِنْدَ الْبَائِعِ يُسْتَحْلَفُ الْبَائِعُ قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ لَقَدْ سَلَّمْتُهَا بِحُكْمِ هَذَا الْبَيْعِ وَمَا بِهَا هَذَا الْعَيْبُ قَالُوا: وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي فَخَاصَمَ الْبَائِعَ فِي الْعَيْبِ فَلَمَّا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَدِّهَا عَلَى الْبَائِعِ قَالَ الْبَائِعُ: إنَّهَا حُبْلَى وَهَذَا الْحَبَلُ حَادِثٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا بَلْ كَانَ عِنْدَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُحَلِّفُ الْبَائِعَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُحَلِّفُ الْمُشْتَرِي هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>