للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ وَيُنْكِرُ الْعِلْمَ بِوُقُوعِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ بِوُقُوعِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِالْمَالِ عَلَى الْحَاضِرِ وَبِوُقُوعِ الْحُرْمَةِ عَلَى الزَّوْجِ الْغَائِبِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

قَالَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ: قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ لِي عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِلرَّجُلِ عَلَى امْرَأَةٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَتُخَاصِمُهُ فِيهِ فَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ شَاهِدَيْنِ وَأَنَا غَائِبٌ أَنِّي أَقْرَرْتُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الَّتِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يُطَالِبُهَا مِلْكٌ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ لَا شَيْءَ لِي فِيهَا وَإِنَّمَا هِيَ بِاسْمِي مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ بِعْتُهُ لَهَا وَالرَّجُلُ الَّذِي يُطَالِبُ الْمَرْأَةَ مُقِرٌّ بِأَنَّ لِي عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَوْ مُنْكِرٌ فَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً أَنَّ لِي عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَا أَقْرَرْتُ أَنَّهَا مِلْكٌ لَهَا، وَأَنَّ اسْمِي فِي ذَلِكَ عَارِيَّةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا أَمْرٌ جَائِزٌ وَالشَّهَادَةُ قَاطِعَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إثْبَاتُ الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ بِحَضْرَةِ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَيْدِيهِمَا شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ.

رَجُلٌ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ بِحَضْرَةِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ فَأَقَرَّ هَذَا الْوَارِثُ صَحَّ إقْرَارُهُ وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا إذَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى هَذَا الْوَارِثِ بِإِقْرَارِهِ، أَمَّا بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ فِي نَصِيبِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَلَى مُوَرِّثِهِ دَيْنًا وَصَدَّقَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَكَذَّبَهُ الْبَعْضُ قَالَ: يَسْتَوْفِي الدَّيْنَ مِنْ نَصِيبِ مَنْ صَدَّقَهُ بَعْدَ أَنْ يَطْرَحَ نَصِيبَ الْمُدَّعِي مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا بِحَضْرَةِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ يَثْبُتُ الدَّيْنَ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ دَيْنًا عَلَى إنْسَانٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً يَثْبُتُ الدَّيْنُ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَيُدْفَعُ إلَى الْحَاضِرِ نَصِيبُهُ مَشَاعًا وَلَا يُدْفَعُ إلَى الْحَاضِرِ نَصِيبُ الْغَائِبِينَ وَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ، وَقَالَا: يُوضَعُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، وَصَاحِبُ الْيَدِ لَوْ كَانَ مُقِرًّا لَا يُؤْخَذُ نَصِيبُ الْغَائِبِينَ مِنْ يَدِهِ إجْمَاعًا هَذَا فِي الْعَقَارِ وَفِي الْمَنْقُولِ يُوضَعُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ إنْ كَانَ مُنْكِرًا، وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا يُتْرَكُ فِي يَدِهِ، وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ

وَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّ فُلَانًا أَمَرَ هَذَا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ هَذِهِ الْأَلْفَ الْوَدِيعَةَ الَّتِي عِنْدَهُ لَهُ وَجَحَدَ الْمُودِعُ الْأَمْرَ بِذَلِكَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الْأَلْفِ الْوَدِيعَةِ وَالْآخَرُ بِالدَّفْعِ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ وَيَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ ابْنًا فَقَالَ الِابْنُ: هَذِهِ الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ كَانَتْ عِنْدَ أَبِي لِفُلَانٍ وَجَاءَ فُلَانٌ يَدَّعِي ذَلِكَ فَصَدَّقَهُ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ وَقَالُوا: الْأَلْفُ لِفُلَانٍ، أَوْ كَذَّبُوهُ وَقَالُوا: الْأَلْفُ لِلْمَيِّتِ، أَوْ لَمْ يُصَدِّقُوهُ، وَلَمْ يُكَذِّبُوهُ وَقَالُوا: لَا نَدْرِي لِمَنْ هِيَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي لِلْغُرَمَاءِ بِالْأَلْفِ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا يَجْعَلُهَا لِمُدَّعِي الْوَدِيعَةِ لَكِنْ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا صَدَّقَهُ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ إذَا قَضَى بِهَا الْقَاضِي لَهُمْ أَنْ يَرْجِعَ الْمُودِعُ وَيَأْخُذَ مِنْهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ أَنَّهَا لَهُ هَذَا إذَا أَقَرَّ وَكَذَلِكَ إذَا جَحَدَ وَقَالَ: الْأَلْفُ لِأَبِي، أَوْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ، وَلَمْ يَجْحَدْ، وَقَالَ: لَا أَدْرِي لِمَنْ هِيَ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، فَإِذَا أَرَادَ مُدَّعِي الْوَدِيعَةِ اسْتِحْلَافَ الِابْنِ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا جَحَدَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِذَا عَرَفْتَ الْجَوَابَ فِي الْوَدِيعَةِ فَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمَيِّتِ عَيْنٌ وَأَقَرُّوا بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالسَّبْعِينَ.

إذَا ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ وَالْوَرَثَةُ الْكِبَارُ غُيَّبٌ وَالصَّغِيرُ حَاضِرٌ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ عَنْ هَذَا الصَّغِيرِ وَكِيلًا يَدَّعِي عَلَيْهِ فَإِذَا قَضَى عَلَى الْوَكِيلِ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، كَذَا ذَكَرَ رَشِيدُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قُلْتُ: غَيْرَ أَنَّ الْغَرِيمَ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ مِنْ نَصِيبِ الْحَاضِرِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَصِيبِ الْكِبَارِ فَإِذَا حَضَرَ الْكِبَارُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>