ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ وَوَارِثُ الْمُقَرِّ لَهُ مِنْ وَرَثَةِ الْمَرِيضِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِعَبْدٍ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَقَالَ الْأَجْنَبِيُّ بَلْ هُوَ لِفُلَانٍ وَارِثِ الْمَرِيضِ لَمْ يَكُنْ لِي فِيهِ حَقٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلِ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بَاطِلٌ وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ الْإِقْرَارُ صَحِيحٌ وَقَوْلُهُ الْآخَرُ أَقْرَبُ إلَى الْقِيَاسِ وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ آخِذٌ بِالِاحْتِيَاطِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
مَنْ يَمْرَضُ يَوْمَيْنِ وَيَصِحُّ ثَلَاثَةً أَوْ يَمْرَضُ يَوْمًا وَيَصِحُّ يَوْمَيْنِ فَأَقَرَّ لِابْنِهِ بِدَيْنٍ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي مَرَضٍ صَحَّ بَعْدَهُ جَازَ مَا صَنَعَ وَإِنْ فَعَلَ فِي مَرَضٍ أَلْزَمَهُ الْفِرَاشَ وَاتَّصَلَ بِمَوْتِهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
أَقَرَّ لِوَارِثِهِ بِشَيْءٍ وَمَاتَ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ كَانَ الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ وَقَالَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ لَا بَلْ كَانَ فِي الْمَرَضِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ كَانَ فِي مَرَضِهِ فَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ الْوَرَثَةِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِقَاتِلِهِ قَالُوا هَذَا إذَا أَثْخَنَتْهُ الْجِرَاحَةُ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يَجِيءُ وَلَا يَذْهَبُ وَأَمَّا إذَا لَمْ تُثْخِنْهُ الْجِرَاحَةُ وَكَانَ بِحَالٍ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ صَحَّ إقْرَارُهُ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَعْتَبِرُ خَوْفَ الْهَلَاكِ عَلَى سَبِيلِ الْغَلَبَةِ لِصَيْرُورَتِهِ فِي حُكْمِ الْمَرْضَى يَقُولُ هَذَا إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَةُ جِرَاحَةً يَخَافُ مِنْهَا الْهَلَاكَ عَلَى سَبِيلِ الْغَلَبَةِ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَةُ لَا يَخَافُ مِنْهَا الْهَلَاكَ عَلَى طَرِيقِ الْغَلَبَةِ صَحَّ إقْرَارُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِعَبْدِ وَارِثِهِ وَلَا لِمُكَاتَبِ وَارِثِهِ وَلَا لِعَبْدِ قَاتِلِهِ وَلَا لِمُكَاتَبِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ أَقَرَّ لِمُكَاتَبِ نَفْسِهِ بِدَيْنٍ جَازَ إذَا كَاتَبَهُ فِي الصِّحَّةِ فَإِنْ كَانَ كَاتَبَهُ فِي الْمَرَضِ لَمْ يَجُزْ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِالدَّيْنِ لِلْأَجْنَبِيِّ بِجَمِيعِ الْمَالِ جَائِزٌ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَدَيْنُ الصِّحَّةِ مُقَدَّمٌ عَلَى دَيْنِ الْمَرَضِ الثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ وَهُوَ أَنْ يُقْضَى مِنْ التَّرِكَةِ أَوَّلًا دَيْنُ الصِّحَّةِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ يُصْرَفُ إلَى دَيْنِ الْمَرَضِ وَإِذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِمُشَاهَدَةِ الْقَاضِي فَهُمَا سَوَاءٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَدَيْنُ الصِّحَّةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَدِيعَةِ الَّتِي يُقِرُّ بِهَا فِي الْمَرَضِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
اشْتَرَى شَيْئًا فِي مَرَضِهِ أَوْ اسْتَقْرَضَ أَوْ اسْتَأْجَرَ وَعَايَنَ الشُّهُودُ قَبْضَهُ أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفٍ وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا فَإِنَّهُمْ يُحَاصُّونَ غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ دَيْنٍ وَجَبَ عَلَى الْمَرِيضِ بَدَلًا عَنْ مَالِ مِلْكِهِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ وَعَلِمَ وُجُوبَهُ بِغَيْرِ إقْرَارٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ دَيْنِ الصِّحَّةِ وَلَوْ قَضَى دَيْنَهُ فِي الْمَرَضِ إنْ قَضَى دَيْنَ الْقَرْضِ وَثَمَنَ الْمَبِيعِ كَانَ لَهُ دُونَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ وَإِنْ قَضَى دَيْنَ الْمَهْرِ أَوْ الْأُجْرَةِ يُشَارِكُونَ فِيهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ دُيُونُ الصِّحَّةِ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِالدَّيْنِ لِرَجُلَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ وَلَا يَبْدَأُ بِأَحَدِهِمَا سَوَاءٌ وَقَعَ الْإِقْرَارَانِ مَعًا بِأَنْ قَالَ الْمَرِيضُ لِرَجُلَيْنِ لَكُمَا عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ وَقَعَا عَلَى التَّعَاقُبِ بِأَنْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا لَك خَمْسُمِائَةٍ ثُمَّ سَكَتَ يَوْمًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ قَالَ لِلْآخَرِ لَك عَلَيَّ خَمْسُمِائَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً ثُمَّ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ هِيَ هَذِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَهَذَا جَائِزٌ وَهُوَ مُصَدَّقٌ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَنَّ لِفُلَانٍ عِنْدَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً ثُمَّ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ هِيَ هَذِهِ الْأَلْفُ بِعَيْنِهَا أُصَدِّقُهُ وَأَجْعَلُ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ أَوْلَى مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ أَقَرَّ فِي الْمَرَضِ بِدَيْنٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ فَهُمَا دَيْنَانِ وَلَا تُقَدَّمُ الْوَدِيعَةُ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَدِيعَةِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالدَّيْنِ فَالْإِقْرَارُ الْوَدِيعَةِ أَوْلَى وَالْبِضَاعَةُ وَالْمُضَارَبَةُ حُكْمُهَا وَحُكْمُ الْوَدِيعَةِ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِوَدِيعَةٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا فَهِيَ دَيْنٌ فِي تَرِكَتِهِ كَدَيْنِ الْمَرَضِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ مَرِضَ وَفِي يَدِهِ