للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُلْ الطَّالِبُ قَبِلْتُ وَكَذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ نَحْوُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَطَلَبِ الصُّلْحِ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ فَأَمَّا إذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ وَطَلَبِ الصُّلْحِ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ الْجِنْسِ يَتِمُّ الصُّلْحُ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي فَعَلْتُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا طَلَبُ إسْقَاطِ بَعْضِ الْحَقِّ، وَالْإِسْقَاطُ يَتِمُّ بِالْمُسْقِطِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ هُوَ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى كَذَا وَمِنْ دَعْوَاك كَذَا عَلَى كَذَا وَيَقُولُ الْآخَرُ قَبِلْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهِ وَرِضَاهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ شَيْئًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِرّ جندين فَرَضَ كردم) فَقَالَ (كَرِدِّ) يَكُونُ صُلْحًا عَلَى ذَلِكَ الْمَبْلَغِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.

(أَمَّا) (حُكْمُهُ) فَوُقُوعُ الْمِلْكِ فِي الْبَدَلِ وَثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي الْمُصَالَحِ عَنْهُ إنْ كَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ كَالْمَالِ، وَوُقُوعُ الْبَرَاءَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَا يَحْتَمِلُ التَّمَلُّكَ كَالْقِصَاصِ هَذَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَفِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ ثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي الْبَدَلِ لِلْمُدَّعِي وَوُقُوعُ الْبَرَاءَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الدَّعْوَى سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مَالًا أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

(وَأَمَّا شَرَائِطُهُ فَأَنْوَاعٌ) مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُصَالِحُ عَاقِلًا فَلَا يَصِحُّ صُلْحُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَصُلْحُ السَّكْرَانِ جَائِزٌ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

(وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَكُونَ الْمُصَالَحُ بِالصُّلْحِ عَلَى الصَّغِيرِ مُضِرًّا بِهِ مَضَرَّةً ظَاهِرَةً حَتَّى أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ دَيْنًا فَصَالَحَ أَبُو الصَّبِيِّ مَنْ دَعْوَاهُ عَلَى مَالِ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَمَا أَعْطَى مِنْ الْمَالِ مِثْلَ الْحَقِّ الْمُدَّعَى أَوَزِيَادَةً يَتَغَابَنُ فِي مِثْلِهَا فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ صَالَحَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ جَازَ.

(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمُصَالِحُ عَلَى الصَّغِيرِ مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْوَصِيِّ.

(وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَكُونُ مُرْتَدًّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا صُلْحُهُ نَافِذٌ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفَةٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا نَافِذَةٌ وَصُلْحُ الْمُرْتَدَّةِ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ

وَأَمَّا الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ فَلَيْسَا بِشَرْطٍ فَصَحَّ الصُّلْحُ مِنْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ إنْ نَفَعَ أَوْ عَرِيَ عَنْ الضَّرَرِ، وَمِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ إذَا كَانَ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَكِنْ لَا يَمْلِكُ الصُّلْحُ عَلَى حَطِّ بَعْضِ الْحَقِّ إذَا كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَيَمْلِكُ التَّأْجِيلَ مُطْلَقًا وَحَطَّ بَعْضِ الثَّمَنِ لِلْعَيْبِ وَمِنْ الْمُكَاتَبِ هَكَذَا فِي الْغَرَرِ.

وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مَالًا مَعْلُومًا إنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى قَبْضِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضِهِ فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مَالًا سَوَاءٌ كَانَ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا ادَّعَى عَيْنَ مَالٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ كَالدَّارِ وَالْأَرْضِ وَالْعَبْدِ وَغَيْرِهَا وَادَّعَى كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرٌّ بِهِ أَوْ جَاحِدٌ أَوْ سَاكِتٌ فَإِنْ كَانَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ دَرَاهِمَ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَالشَّرْطُ فِيهِ بَيَانُ مِقْدَارِهَا يَقَعُ عَلَى الْجِيَادِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ يَقَعُ عَلَى الْغَالِبِ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِبَعْضِهَا غَلَبَةٌ عَلَى الْبَعْضِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ نَقْدًا مِنْهَا مَعَ بَيَانِ الْقَدْرِ وَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَيْهَا حَالَّةً وَمُؤَجَّلَةً وَقَبَضَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً جَازَ الصُّلْحُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ وَلَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا حَتَّى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْبِسَهَا وَيُعْطِيَ الْمُدَّعِيَ مِثْلَهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُدَّعِي أَوْ اُسْتُحِقَّتْ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ مِثْلِهَا وَإِنْ اخْتَلَفَ فِي قَدْرِهَا وَوَصْفِهَا بَعْدَ الْهَلَاكِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ الصُّلْحَ وَكَذَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الدَّنَانِيرِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا وَلَوْ صَالَحَ مَنْ دَعْوَاهُ عَلَى كَيْلِيٍّ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ أَوْ وَزْنِيٍّ كَالْحَدِيدِ وَالصِّفْرَانِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَأَضَافَ الْعَقْدَ إلَيْهِ وَهُوَ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ بَعْدَ أَنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مِلْكِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَحَّ وَيَقَعُ ذَلِكَ عَلَى مَا سَمَّى مِنْ الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ وَإِنْ أَشَارَ إلَيْهِ وَلَمْ يُسَمِّ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ جَازَ وَيَتَعَيَّنُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ فَإِنْ ضَرَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>