للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَدِيعَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

سُوقِيٌّ قَامَ مِنْ الْحَانُوتِ لِلصَّلَاةِ وَفِي الْحَانُوتِ وَدَائِعُ فَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ؛ لِأَنَّهُ حَافِظٌ بِجِيرَانِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُضَيِّعًا وَلَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْهُ إيدَاعًا لِلْوَدِيعَةِ بَلْ هُوَ حَافِظٌ بِنَفْسِهِ فِي حَانُوتِهِ وَحَانُوتُهُ مُحَرَّزٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ دَفَعَ إلَى شَرِيكٍ لَهُ مُفَاوِضٍ أَوْ عِنَانٍ أَوْ عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ عَبْدٍ مُعْتَزِلٍ عَنْ مَنْزِلِهِ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَلِكَ الصَّيْرَفِيَّانِ إذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فَوَضَعَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَدِيعَةً فَوَضَعَهَا فِي كِيسِهِ أَوْ فِي صُنْدُوقٍ وَأَمَرَ شَرِيكَهُ بِحِفْظِهَا فَحَمَلَ الْكِيسَ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ امْرَأَتَانِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ابْنٌ مِنْ غَيْرِهِ يَسْكُنُ مَعَهُمَا فَهُمَا فِي عِيَالِهِ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

الْمُودَعُ إذَا خَافَ عَلَى الْوَدِيعَةِ الْغَرَقَ فَنَقَلَهَا إلَى سَفِينَةٍ أُخْرَى لَمْ يَضْمَنْ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

وَإِنْ أَخْرَجَهَا عَنْ يَدِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ بِأَنْ وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي دَارِهِ فَخَافَ عَلَيْهَا الْحَرْقَ أَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ فِي سَفِينَةٍ فَلَحِقَهَا غَرَقٌ أَوْ خَرَجَ اللُّصُوصُ وَخَافَ عَلَيْهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَدَفَعَهَا إلَى غَيْرِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ: إنْ أَحَاطَ الْحَرْقُ الْغَالِبُ بِدَارِهِ فَنَاوَلَهَا جَارًا لَهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَاطَ ضَمِنَ وَاشْتِرَاطُ هَذَا الشَّرْطِ فِي الْفَتَاوَى أَحَقُّ وَأَنْظُرْ، هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.

هَذَا إذَا كَانَ الدَّفْعُ لِضَرُورَةٍ، وَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَهَلَكَتْ فِي يَدِ الثَّانِي إنْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَمَا فَارَقَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ فَالْأَوَّلُ ضَامِنٌ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا الثَّانِي فَفِيهِ خِلَافٌ عَلَى قَوْلِهِمَا يَضْمَنُ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ ضَمِنَ الْأَوَّلُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ ضَمِنَ الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الثَّانِي الْوَدِيعَةَ ضَمِنَ بِالْإِجْمَاعِ وَيَكُونُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ رَجَعَ بِهَا عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَوْ ادَّعَى الْمُودَعُ أَنَّهُ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَجْنَبِيٍّ لِضَرُورَةٍ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي بَيْتِهِ، ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنْ لَا يُصَدَّقَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الزَّادِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ احْتَرَقَ بَيْتُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَأَجْمَعُوا أَنَّ مُودَعَ الْغَاصِبِ يَضْمَنُ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِهِ، وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ وَلَا يَرْجِعَ عَلَى الْمُودَعِ بِمَا ضَمِنَ وَبَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُودَعُ وَيَرْجِعَ الْمُودَعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْغَاصِب، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

قَالَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: إذَا أَوْدَعَ عِنْدَ عَبْدٍ مَحْجُورٍ فَدَفَعَ الْعَبْدُ الْوَدِيعَةَ إلَى عَبْدٍ مِثْلِهِ فَهَلَكَتْ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُضَمِّنُ الْأَوَّلَ بَعْدَ الْعِتْقِ أَوْ يُضَمِّنُ الثَّانِيَ فِي الْحَالِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الثَّانِيَ لَا يُضَمَّنُ أَبَدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ فِي الْحَالِ إنْ بَدَا الْعِتْقُ فِي الْأَوَّلِ، وَلَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ ثَالِثٍ مِثْلِهِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا ضَمَانَ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِيَ فِي الْحَالِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمْ شَاءَ فِي الْحَالِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

الْمُودَعُ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَمْ يَسْتَرِدَّ مِنْهَا حَتَّى هَلَكَتْ فِي يَدِهَا، هَلْ يَضْمَنُ؟ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِرْدَادُ كَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَدِيعَةِ الْأَصْلِ إذَا وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي دَارِ الْمُودَعِ فَدَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَجْنَبِيٍّ لَا يَضْمَنُ فَلَوْ فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهَا حَتَّى هَلَكَتْ فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ يَضْمَنُ، كَذَا فِي مَسْأَلَتِنَا وَهَكَذَا أَجَابَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ قَاضِي خَانْ: لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

فِي التَّجْرِيدِ: وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ إلَى يَدِ غَيْرِهِ أَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِاسْتِهْلَاكِهَا أَوْ بِنَقْصِهَا وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُودَعَ، وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>