للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرْهُونًا فِي يَدِهِ ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا وَيَنُوبُ قَبْضُ الرَّهْنِ عَنْ قَبْضِ الْهِبَةِ، وَإِذَا صَحَّتْ بِالْقَبْضِ بَطَلَ الرَّهْنُ فَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَتَفْسِيرُ الْقَبْضِ الْمُسْتَأْنَفِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الْعَيْنُ وَيَمْضِي وَقْتٌ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ قَبْضِهَا، كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى شَرْحِ النَّافِعِ. وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى تَجَانَسَ الْقَبْضَانِ نَابَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَإِذَا اخْتَلَفَا نَابَ الْمَضْمُونُ عَنْ غَيْرِ الْمَضْمُونِ وَلَا يَنُوبُ غَيْرُ الْمَضْمُونِ عَنْ الْمَضْمُونِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.

اسْتَوْدَعَ أَخَاهُ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ مَتَاعًا أَوْ دَارًا أَوْ دَابَّةً، ثُمَّ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ وَدِيعَتِي وَهِيَ فِي يَدِ الْمُودَعِ يَجُوزُ إذَا قَالَ: قَبِلْتُ، وَلَوْ وَهَبَ عَبْدًا لِأَخِيهِ وَقَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ بِأَمْرِهِ بِالْقَبْضِ نَصًّا صَحَّ فَشَرْطُ الْقَبُولِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَهِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ تَجُوزُ مِنْ الشَّرِيكِ وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَا تَجُوزُ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ، وَلَوْ قَبَضَهَا، هَلْ تُفِيدُ الْمِلْكَ ذَكَرَ حُسَامُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْوَاقِعَاتِ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ تُفِيدُ الْمِلْكَ مِلْكًا فَاسِدًا وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ هِبَةِ الْمُشَاعِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْرًا مَعْلُومًا حَتَّى لَوْ وَهَبَ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهَا جَهَالَةٌ تُوجِبُ الْمُنَازَعَةَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

وَإِذَا عَلِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ نَصِيبَ الْوَاهِبِ يَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مِنْ رَجُلَيْنِ أَوْ مِنْ جَمَاعَةٍ صَحِيحَةٌ عِنْدَهُمَا وَفَاسِدَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَلَيْسَتْ بِبَاطِلَةٍ حَتَّى تُفِيدَ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.

ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ إذَا وَهَبَ مِنْ رَجُلَيْنِ مَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ حَتَّى فَسَدَتْ الْهِبَةُ عِنْدَهُ ثُمَّ قَبَضَهَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ مِلْكًا فَاسِدًا، قَالَ وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.

لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا بِالْقَبْضِ هُوَ الْمُخْتَارُ، هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

وَالشُّيُوعُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مَانِعٌ مِنْ جَوَازِ الْهِبَةِ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الشُّيُوعُ مِنْ طَرَفِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَمَانِعٌ مِنْ جَوَازِ الْهِبَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ وَهَبَ مِنْ اثْنَيْنِ إنْ كَانَا فَقِيرَيْنِ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ كَالصَّدَقَةِ، وَإِنْ كَانَا غَنِيَّيْنِ فَوَهَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفًا أَوْ أَبْهَمَ، فَقَالَ: وَهَبْتُ مِنْكُمَا أَوْ وَهَبَ عَلَى التَّفَاضُلِ، فَقَالَ: لِهَذَا ثُلُثُهَا وَلِهَذَا ثُلُثَاهَا، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تَجُوزُ فِي الْفُصُولِ الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَجُوزُ فِي الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَجُوزُ فِي فَصْلَيْنِ وَهُمَا إذَا وَهَبَ مُبْهَمًا أَوْ نِصْفَيْنِ وَلَا تَجُوزُ عَلَى التَّفَاضُلِ وَفِي الْكَرْخِيِّ، قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا، قَالَ لِرَجُلَيْنِ وَهَبْتُ لَكُمَا هَذِهِ الدَّارَ لِهَذَا نِصْفُهَا وَلِهَذَا نِصْفُهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ وَهَبَهَا جُمْلَةً وَفُسِّرَ بِمَا اقْتَضَتْهُ الْجُمْلَةُ مِنْ الْحُكْمِ بَعْدَ وُقُوعِ الْهِبَةِ، وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ نِصْفَهَا وَلِهَذَا نِصْفُهَا لَمْ تَجُزْ؛ لِأَنَّهُ أَفْرَدَ أَحَدَ النِّصْفَيْنِ عَنْ الْآخَرِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَوَقَعَ الْعَقْدُ مُشَاعًا، وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَكُمَا هَذِهِ الدَّارَ ثُلُثُهَا لِهَذَا وَثُلُثَاهَا لِهَذَا لَمْ تَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَجَازَتْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَاتَّفَقَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى فَسَادِ هَذَا الْعَقْدِ مِنْ أَصْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، أَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَفْسَدَهُ لِوُجُودِ الْإِشَاعَةِ فِي الْقَبْضِ، وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَقَالَ: لَمَّا خَالَفَ بَيْنَ نَصِيبِهِمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ لِأَحَدِهِمَا غَيْرُ الْعَقْدِ لِلْآخَرِ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَفْرَدَهُ بِالْعَقْدِ وَلِأَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي الْهِبَةِ كَالرَّهْنِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

إذَا وَهَبَ اثْنَانِ مِنْ رَجُلٍ دَارًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

وَالْمُفْسِدُ هُوَ الشُّيُوعُ الْمُقَارِنُ لَا الشُّيُوعُ الطَّارِئُ كَمَا إذَا وَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْبَعْضِ الشَّائِعِ أَوْ اسْتَحَقَّ الْبَعْضَ الشَّائِعَ بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ مُفْسِدٌ، كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ.

لَوْ وَهَبَ مُشَاعًا فِيمَا يُقْسَمُ ثُمَّ أَفْرَزَهُ وَسَلَّمَهُ صَحَّ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَوْ وَهَبَ النِّصْفَ وَسَلَّمَ الْجَمِيعَ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ وَهَبَ الْجَمِيعَ وَسَلَّمَ مُتَفَرِّقًا جَازَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

قَالَ: وَلَوْ وَهَبَ نِصْفَ دَارِهِ لِرَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ وَهَبَ نِصْفَهَا الْآخَرَ لِرَجُلٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ حَتَّى وَهَبَ النِّصْفَ الثَّانِي لِلثَّانِي ثُمَّ سَلَّمَ الدَّارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>