للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهُوَ اللَّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ نِيَّةِ الِاعْتِكَافِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

وَيَنْقَسِمُ إلَى وَاجِبٍ، وَهُوَ الْمَنْذُورُ تَنْجِيزًا أَوْ تَعْلِيقًا، وَإِلَى سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ، وَهُوَ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَإِلَى مُسْتَحَبٍّ، وَهُوَ مَا سِوَاهُمَا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

(وَأَمَّا شُرُوطُهُ) فَمِنْهَا النِّيَّةُ حَتَّى لَوْ اعْتَكَفَ بِلَا نِيَّةٍ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.

وَمِنْهَا مَسْجِدُ الْجَمَاعَةِ فَيَصِحُّ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ لَهُ أَذَانٌ، وَإِقَامَةٌ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَأَفْضَلُ الِاعْتِكَافِ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ثُمَّ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ثُمَّ فِي بَيْتِ الْمُقَدَّسِ ثُمَّ فِي الْجَامِعِ ثُمَّ فِيمَا كَانَ أَهْلُهُ أَكْثَرَ، وَأَوْفَرَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَالْمَرْأَةُ تَعْتَكِفُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا إذَا اعْتَكَفَتْ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا فَتِلْكَ الْبُقْعَةُ فِي حَقِّهَا كَمَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ لَا تَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اعْتَكَفَتْ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ جَازَ وَيُكْرَهُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ، وَمَسْجِدُ حَيِّهَا أَفْضَلُ لَهَا مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ، وَلَهَا أَنْ تَعْتَكِفَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ صَلَاتِهَا مِنْ بَيْتِهَا إذَا اعْتَكَفَتْ فِيهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهَا مَسْجِدٌ تَجْعَلُ مَوْضِعًا مِنْهُ مَسْجِدًا فَتَعْتَكِفُ فِيهِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.

وَمِنْهَا الصَّوْمُ، وَهُوَ شَرْطُ الْوَاجِبِ مِنْهُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُهُمَا: إنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي التَّطَوُّعِ، وَلَيْسَ لِأَقَلِّهِ تَقْدِيرٌ عَلَى الظَّاهِرِ حَتَّى لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَنَوَى الِاعْتِكَافَ إلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ صَحَّ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ أَوْ يَوْمٍ قَدْ أَكَلَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرًا بِغَيْرِ صَوْمٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْتَكِفَ وَيَصُومَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَيُشْتَرَطُ وُجُودُ ذَاتِ الصَّوْمِ لَا الصَّوْمُ بِجِهَةِ الِاعْتِكَافِ حَتَّى إنَّ مَنْ نَذَرَ بِاعْتِكَافِ رَمَضَانَ صَحَّ نَذْرُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

فَإِنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يَعْتَكِفْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ آخَرَ مُتَتَابِعًا وَيَصُومَ فِيهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ لَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ فَاعْتَكَفَ فِيهِ لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ لَمَّا فَاتَ عَنْ وَقْتِهِ وَصَارَ مَقْصُودًا بِنَفْسِهِ وَالْمَقْصُودُ لَا يَتَأَدَّى بِغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ ثُمَّ اعْتَكَفَ رَمَضَانَ لَا يُجْزِيهِ، وَلَوْ أَفْطَرَ وَقَضَى صَوْمَ الشَّهْرِ مَعَ الِاعْتِكَافِ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مِثْلُ الْأَدَاءِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْخُلَاصَةِ.

إذَا أَصْبَحَ الرَّجُل صَائِمًا مُتَطَوِّعًا ثُمَّ قَالَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ اعْتَكَفَ هَذَا الْيَوْمَ فَلَا اعْتِكَافَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ الْوَاجِبَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَالصَّوْمُ فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ انْعَقَدَ تَطَوُّعًا فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ وَاجِبًا بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

(وَمِنْهَا الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالطَّهَارَةُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ وَالْمَجْنُونَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النِّيَّةِ وَالْجُنُبَ وَالْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ مَمْنُوعُونَ عَنْ الْمَسْجِدِ، وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فَيَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ، وَلَا تُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ فَيَصِحُّ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَالزَّوْجِ إنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

فَإِنْ أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ بِالِاعْتِكَافِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ مَنَعَهَا لَا يَصِحُّ مَنْعُهُ وَالْمَوْلَى إذَا مَنَعَ الْمَمْلُوكَ بَعْدَ الْإِذْنِ صَحَّ مَنْعُهُ وَيَكُونُ مُسِيئًا فِي ذَلِكَ وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتَكِفَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ نَذَرَتْ الْمَرْأَةُ بِالِاعْتِكَافِ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا عَنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ إذَا نَذَرَا بِهِ فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِذَا أَعْتَقَ فَعَلَيْهِ، وَإِنْ بَانَتْ قَضَتْ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى: وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِاعْتِكَافِ شَهْرًا فَأَرَادَتْ أَنْ تَعْتَكِفَ مُتَتَابِعًا فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَأْمُرَهَا بِالتَّفْرِيقِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي اعْتِكَافِ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَاعْتَكَفَتْ فِيهِ مُتَتَابِعًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

(وَأَمَّا آدَابُهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>