للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلنَّجَّارِ فَصَنَعَ لَهُ قَدُومًا يَصْلُحُ لِكَسْرِ الْحَطَبِ فَصَاحِبُ الْحَدِيدِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ حَدِيدًا مِثْلَ حَدِيدِهِ وَتَرَكَ الْقَدُومَ عَلَيْهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقَدُومَ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَا سَلَّمَهُ إلَى كُلِّ صَانِعٍ لِيَصْنَعَ مِنْهُ شَيْئًا سَمَّاهُ كَالْجِلْدِ يُسَلِّمُهُ إلَى إسْكَافٍ لِيَصْنَعَهُ خُفَّيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَسُئِلَ عَمَّنْ دَفَعَ إلَى سَرَّاجٍ بَعْضَ آلَاتِ السَّرْجِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَتَّخِذَ سَرْجًا بِهَذِهِ الْآلَاتِ وَبِآلَاتٍ أُخَرَ يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِإِتْمَامِ السَّرْجِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَثَمَنَ مَا جَعَلَهُ فِي سَرْجِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ السَّرَّاجُ ذَلِكَ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّ أُجْرَةَ عَمَلِهِ وَقِيمَةُ الْآلَاتِ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا فَرَضِيَ الْآمِرُ بِذَلِكَ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ هَذَا فَنَقَدَ خَمْسَةً مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَوْلَى بَعْضُ أَعْوَانِ السُّلْطَانِ وَالْأَتْرَاكِ عَلَى ذَلِكَ السَّرْجِ وَغَيَّبَهُ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ هَلْ لِلْآمِرِ أَنْ يُضَمِّنَ السَّرَّاجَ قِيمَةَ سَرْجِهِ فَقَالَ: لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْعَمَلَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إلَيْهِ وَالْآلَاتِ مُسَلَّمَةٌ إلَيْهِ قَالَ وَمَعَ هَذَا إذَا فَرَغَ مِنْ السَّرْجِ فَاتَّصَلَتْ الْآلَاتُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَاتَّفَقَا وَتَرَاضَيَا عَلَى مَالٍ يُعْطِيهِ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ هُوَ كَابْتِدَاءِ بَيْعٍ فَيَجُوزُ. كَذَا فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ.

وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ جِلْدًا إلَى الْإِسْكَافِ وَاسْتَأْجَرَهُ بِأَجْرٍ مُسَمًّى عَلَى أَنْ يَخْرِزَ لَهُ خُفَّيْنِ وَسَمَّى لَهُ الْمِقْدَارَ وَالصِّفَةَ عَلَى أَنْ يُنَعِّلَهُ الْإِسْكَافُ وَيُبَطِّنَهُ مِنْ عِنْدِهِ وَوَصَفَ لَهُ الْبِطَانَةَ وَالنَّعْلَ فَهُوَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ لِيُخَيِّطَ لَهُ جُبَّةً عَلَى أَنْ يَحْشُوَهُ وَيُبَطِّنَهُ مِنْ عِنْدِهِ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَسْأَلَةَ الْجُبَّةِ فِي الْأَصْلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَفِي الْمُنْتَقَى ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَسْأَلَةَ رَجُلٍ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ظِهَارَةً وَقَالَ بَطِّنْهَا لِي مِنْ عِنْدِك فَهُوَ جَائِزٌ وَقَاسَهُ عَلَى مَا إذَا اشْتَرَى خُفًّا وَقَالَ لِلْبَائِعِ أَنْعِلْهُ بِنَعْلٍ مِنْ عِنْدِك فَصَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ بِطَانَةً وَقَالَ ظَهِّرْهَا لِي مِنْ عِنْدِك فَهُوَ فَاسِدٌ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَوَّزَ هَذَا التَّصَرُّفَ، وَإِنْ لَمْ يُرِ صَاحِبَ الْجِلْدِ النَّعْلَ وَالْبِطَانَةَ وَصَرَفَهُ إلَى نَعْلٍ وَبِطَانَةٍ يَلِيقَانِ بِذَلِكَ الْخُفِّ وَكَذَا إذَا أَمَرَ الرَّجُلُ إسْكَافًا أَنْ يَخْرِزَ عَلَى خُفَّيْهِ وَمُكَعَّبَيْهِ أَرْبَعَ قِطَعٍ مِنْ صَرْمٍ بِكَذَا وَلَمْ يَرَ الرَّجُلُ الْقِطَعَ فَهُوَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا.

وَكَذَا تَرْقِيعُ الْخِرَقِ فِي الْخِفَافِ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَى الْإِسْكَافُ الرِّقَاعَ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ شَرَطَ الْإِرَاءَةَ فِي النَّعْلِ وَهَكَذَا فِي الْقِطَعِ الْأَرْبَعِ وَهَكَذَا فِي تَرْقِيعِ الْخِرَقِ فَإِذًا فِيهِ رِوَايَتَانِ وَإِذَا جَازَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ اسْتِحْسَانًا فَإِذَا عَمِلَ الْإِسْكَافُ وَأَتَى بِهِ إنْ كَانَ عَمَلُهُ صَالِحًا مُقَارِبًا لَا فَسَادَ فِيهِ أُجْبِرَ صَاحِبُ الْجِلْدِ عَلَى الْقَبُولِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ فَقَدْ اعْتَبَرَ الْمُقَارَبَةَ لِلُّزُومِ لَا حَقِيقَةِ الْمُوَافَقَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْجِلْدِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا فِي حَقِّ الْعَمَلِ وَلَا فِي حَقِّ النَّعْلِ هَذَا إذَا عَمِلَ عَمَلًا مُقَارِبًا صَالِحًا فَأَمَّا إذَا أَفْسَدَ بِأَنْ خَالَفَ فِي صِفَةِ مَا أُمِرَ بِهِ ذَكَرَ أَنَّ صَاحِبَ الْجِلْدِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْخُفَّ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ جِلْدِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْخُفَّ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ فَإِنْ تَرَكَ الْخُفَّ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَ الْخُفَّ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي خَرْزِ الْخُفِّ غَيْرِ مُنَعَّلٍ.

ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُعْطِيهِ قِيمَةَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ وَمَعْرِفَةُ قِيمَةِ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ الْخُفِّ مُخَرَّزًا غَيْرَ مُنَعَّلٍ وَإِلَى قِيمَتِهِ مُنَعَّلًا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ غَيْرَ مُنَعَّلٍ عَشَرَةً وَقِيمَتُهُ مَنْعَلًا اثْنَيْ عَشَرَ عَلِمَ أَنَّ قِيمَةَ مَا زَادَ فِيهِ دِرْهَمَانِ فَيَكُونُ دِرْهَمَانِ قَدْرَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي خَرْزِ الْخُفِّ غَيْرَ مُنَعَّلٍ فَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةً مَثَلًا يُضَمُّ إلَى قِيمَةِ مَا زَادَ فَيَصِيرُ خَمْسَةً ثُمَّ يُقَابِلُ الْمُسَمَّى فَإِنْ كَانَ خَمْسَةً مِثْلَ الْمُسَمَّى أَوْ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى فَلِلْإِسْكَافِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ بِأَنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَرْبَعَةً فَإِنَّهُ يُعْطِي لَهُ أَرْبَعَةً وَإِذَا اعْتَبَرَ قِيمَةَ مَا زَادَ النَّعْلَ فِيهِ لَا يَعْتَبِرُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي خَرْزِ النَّعْلِ وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا إذَا دَفَعَ خُفًّا مُخَرَّزًا إلَى إسْكَافٍ لِيُنَعِّلَهُ بِنَعْلٍ مِنْ عِنْدِهِ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ حَتَّى جَازَتْ الْإِجَارَةُ اسْتِحْسَانًا لِلتَّعَامُلِ فَنَعَّلَهُ بِنَعْلٍ لَا يُنَعَّلُ بِهِ حَتَّى أَفْسَدَ الْخُفَّ بِذَلِكَ وَثَبَتَ لِصَاحِبِ الْخُفِّ الْخِيَارُ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاخْتَارَ الْأَخْذَ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ وَقِيمَةَ مَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ النَّعْلِ مُزَايَلًا غَيْرَ مُخَرَّزٍ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى وَهُنَا أَوْجَبَ مَعَ أَجْرِ الْمِثْلِ قِيمَةَ مَا زَادَ الْعَمَلَ فِيهِ وَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ قِيمَةَ النَّعْلِ وَالْبِطَانَةِ مُزَايَلًا غَيْرَ مُخَرَّزٍ وَالْمُتَّصِلُ بِخُفِّهِ لِلْإِسْكَافِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَيْنُ مَالٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>