للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَرِثُ أَبَوَاهُ مَعَهُمْ، وَإِذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَةً خَطَأً فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى بَعْدَمَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ فِي الْجِنَايَةِ الْأُولَى يَلْزَمْهُ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِمُوجَبِ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إذَا. حَفَرَ الْمُكَاتَبُ بِئْرًا عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ حَفَرَ ثُمَّ إذَا وَقَعَ فِيهَا آخَرُ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْأُولَى أَوْ لَمْ يَحْكُمْ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَلَوْ سَقَطَ حَائِطٌ لَهُ مَائِلٌ قَدْ أَشْهَدَ فِيهِ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ، وَإِنْ وُجِدَ فِي دَارِهِ قَتِيلٌ أُخِذَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِيهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ فَيَنْقُصُ حِينَئِذٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً ثُمَّ عَجَزَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ قَضَى عَلَيْهِ بِالسِّعَايَةِ، فَهِيَ دَيْنٌ فَيَنْقُصُ حِينَئِذٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً ثُمَّ عَجَزَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ قَضَى عَلَيْهِ بِالسِّعَايَةِ فَهِيَ دَيْنٌ عَلَيْهِ يُبَاعُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ بِهَا عَلَيْهِ خُيِّرَ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ فَالْوَاجِبُ أَرْشُ الْمَمَالِيكِ، وَإِنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا، فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ قَتَلَ ابْنَ الْمُكَاتِبِ أَوْ عَبَدَهُ فَلَا قَوَدَ عَلَى الْقَاتِلِ، وَلَكِنْ عَلَى الْقَاتِلِ الْقِيمَةُ لَمَّا تَعَذَّرَ إيجَابُ الْقِصَاصِ، وَهُوَ لِلْمُكَاتِبِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ أَكْسَابِهِ، وَإِنْ عَفَوْا فَعَفَوْهُمَا بَاطِلٌ، وَإِنْ قَتَلَ الْمَوْلَى مُكَاتَبَهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا وَقَدْ تَرَكَ وَفَاءً فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَقْضِي بِهَا كِتَابَتَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ ابْنَهُ، وَإِنْ أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِجِنَايَةٍ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ مَا دَامَ مُكَاتَبًا، وَإِنْ عَجَزَ، وَرُدَّ فِي الرِّقِّ بَطَلَتْ عَنْهُ قُضِيَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُقْضَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَا: يُؤْخَذُ بِمَا قُضِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا خَاصَّةً، وَمَا أَدَّاهُ قَبْلَ الْعَجْزِ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَيُؤْخَذُ الْمُكَاتَبُ بِأَسْبَابِ الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ وَغَيْرِهِمَا نَحْوُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَالسُّكْرِ وَالْقَذْفِ؛ لِأَنَّ الْقِنَّ مَأْخُوذٌ بِهَا فَالْمُكَاتَبُ أَوْلَى، وَلَا يُقْطَعُ فِي سَرِقَتِهِ مِنْ مَوْلَاهُ وَكَذَا لَا يُقْطَعُ فِي سَرِقَتِهِ مِنْ ابْنِ مَوْلَاهُ، وَلَا مِنْ امْرَأَةِ مَوْلَاهُ، وَلَا مِنْ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ مَوْلَاهُ وَكَذَا لَوْ سَرَقَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ مِنْ الْمُكَاتَبِ لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ سَرَقَ مِنْهُ أَجْنَبِيٌّ يُقْطَعُ بِخُصُومَتِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

فَإِنْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ رُدَّ فِي الرِّقِّ فَاشْتَرَاهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ رَجُلٍ، وَلِذَلِكَ الرَّجُلِ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَطَلَب الْمَسْرُوقُ مِنْهُ دَيْنَهُ فَقَضَى الْقَاضِي أَنْ يُبَاعَ لَهُ فِي دَيْنِهِ وَقَدْ أَبَى الْمَوْلَى أَنْ يَفْدِيَهُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فِي الْقِيَاسِ، وَإِنْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ مُكَاتَبٍ آخَرَ لِمَوْلَاهُ لَمْ يُقْطَعْ كَمَا لَوْ سَرَقَ مِنْ مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ إنْ سَرَقَ مِنْ عَبْدٍ كَانَ بَيْنَ مَوْلَاهُ وَبَيْنَ آخَرَ، وَقَدْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَإِذَا سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ مُضَارِبِ مَوْلَاهُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لَا يُقْطَعُ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مَالَ رَجُلٍ لِمَوْلَاهُ عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ دَيْنٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ قِيلَ لَهُ أَدِّ الْمَالَ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى عَلَى نُجُومِهِ، فَإِنْ حَرَّرُوهُ عَتَقَ وَسَقَطَ مَالُ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَلَدٍ حُرٍّ فَجَاءَ رَجُلٌ بِوَدِيعَةٍ فَقَالَ هَذِهِ لِلْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ تُؤَدَّى مِنْهَا الْمُكَاتَبَةُ ثُمَّ إقْرَارُ الرَّجُلِ الْوَدِيعَةِ لِلْمُكَاتَبِ صَحِيحٌ فِي حَقِّهِ فَتُؤَدَّى مِنْهَا الْمُكَاتَبَةُ، وَلَكِنْ لَا يُصَدَّقُ عَلَى جَرِّ الْوَلَاءِ قَالَ: أَرَأَيْت لَوْ قَالَ الْمَوْلَى بِنَفْسِهِ: هَذِهِ وَدِيعَةٌ عِنْدِي لِلْمُكَاتَبِ أَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مِثْلِ الْكِتَابَةِ أَوْ قَالَ: قَدْ كُنْت اسْتَوْفَيْت الْكِتَابَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَكَانَ يُصَدَّقُ فِي جَرِّ وَلَاءِ الْوَلَدِ إلَيْهِ فَكَذَلِكَ غَيْرُهُ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ إنْ تَبَرَّعَ إنْسَانٌ عَنْهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ، وَإِذَا تَرَكَ الْمُكَاتَبُ أُمَّ وَلَدٍ، وَلَيْسَ مَعَهَا وَلَدٌ بِيعَتْ فِي الْمُكَاتَبَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ سَعَتْ فِيهَا إلَى الْأَجَلِ الَّذِي كَانَ لِلْمُكَاتَبِ صَغِيرًا كَانَ وَلَدُهَا أَوْ كَبِيرًا، وَإِنْ كَانَ تَرَكَ مَالًا لَمْ يُؤَخَّرْ إلَى أَجَلِهِ، وَصَارَ حَالًّا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَالُ أُمِّ الْوَلَدِ بِغَيْرِ الْوَلَدِ كَحَالِهَا مَعَ الْوَلَدِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ حَتَّى تَسْعَى فِيهَا إلَى الْأَجَلِ، وَإِذَا تَرَكَ الْمُكَاتَبُ وَلَدَيْنِ وُلِدَا لَهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَمُكَاتَبَةٌ سَعَيَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَأَيُّهُمَا أَدَّاهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ، وَأَيُّهُمَا أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى عَتَقَ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، وَعَلَى الْآخَرِ أَنْ يَسْعَى فِي جَمِيعِ الْمُكَاتَبَةِ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَى الْأَبِ، وَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا أَيَّهُمَا شَاءُوا بِجَمِيعِ الدِّينِ، وَلَا يَرْجِعْ الَّذِي يُؤَدِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>