للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَارِثَ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ وَارِثُهُ بِالْوَلَاءِ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ كَانَ مَوْلَاهُ، وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَارِثُهُ فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا حَتَّى يُفَسَّرَ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى اسْمٌ مُشْتَرَكٌ وَكَذَا إذَا شَهِدَ أَنَّ هَذَا مَوْلَاهُ مَوْلَى عَتَاقَةٍ؛ لِأَنَّ اسْمَ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ كَمَا يَتَنَاوَلُ الْأَعْلَى يَتَنَاوَلُ الْأَسْفَلَ وَالْأَعْلَى وَارِثٌ، وَالْأَسْفَلُ لَيْسَ بِوَارِثٍ، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِي أَعْتَقَ هَذَا الْمَيِّتَ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَنَّهُ وَارِثُهُ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيَقْضِي بِالْمِيرَاثِ لِهَذَا الْمُدَّعِي، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّ الْمَيِّتَ كَانَ مُقِرًّا لِهَذَا الْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ، وَهَذَا الْمُدَّعِي أَعْتَقَهُ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا، وَيَقْضِي بِالْمِيرَاثِ لِلْمُدَّعِي، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ أَبَا هَذَا الْمُدَّعِي أَعْتَقَ أَبَا الْمَيِّتِ هَذَا، وَهُوَ يَمْلِكُهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتِقُ وَتَرَكَ ابْنَهُ هَذَا الْمُدَّعِي ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ الْمُعْتَقُ، وَتَرَكَ ابْنَهُ هَذَا الْمَيِّتِ، وَقَدْ وُلِدَ مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ قَضَى بِالْمِيرَاثِ لِلْمُدَّعِي، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ أَمَةٍ، وَقَدْ أَعْتَقَهُ مَوْلَى الْأَمَةِ كَانَ مِيرَاثُهُ لِمَوْلَى الْأَمَةِ، وَلَوْ شَهِدَا بِهَذَا، وَلَكِنْ قَالَا نُدْرِكُ أَبَا هَذَا الْمُدَّعِي الْمُعْتَقِ.

وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْنَا ذَلِكَ فَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى الْوَلَاءِ بِالتَّسَامُعِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْوَلَاءِ بِالتَّسَامُعِ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ فَادَّعَى رَجُلٌ مِيرَاثَهُ، وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَ أُمَّ هَذَا الْمَيِّتِ وَأَنَّهَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ مِنْ عَبْدِ فُلَانٍ، وَإِنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَبْدًا أَوْ مَاتَ هُوَ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا سِوَى مُعْتِقِ أُمِّهِ هَذَا الْمُدَّعِي قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا، وَقَضَى لَهُ بِالْمِيرَاثِ، فَإِنْ جَاءَ مَوْلَى الْأَبِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَ الْأَبَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ هَذَا الْوَلَدُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ وَارِثُهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ قَضَى الْقَاضِي بِالْمِيرَاثِ لِمَوْلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّ مَوْلَى الْأَبِ جَرَّ وَلَاءَ الِابْنِ إلَيْهِ بِإِعْتَاقِ الْأُمِّ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَخْطَأَ فِي الْقَضَاءِ بِالْمِيرَاثِ لِمَوْلَى الْأُمِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ ادَّعَى رَجُلَانِ وَلَاءَهُ بِالْعِتْقِ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً جُعِلَ مِيرَاثُهُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ وَقَّتَا وَقْتًا فَالسَّابِقُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْعِتْقَ فِي وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ صَاحِبُهُ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي، وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ كَانَ صَاحِبُ الْوَقْتِ الْآخَرِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَكَانَ عَقَدَ الثَّانِي نَقْضًا لِلْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ شُهُودُ صَاحِبِ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ عَقَلَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَأَشْبَهَ، وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ، وَإِذَا أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ فَقَضَى لَهُ الْقَاضِي بِمِيرَاثِهِ وَوَلَائِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ فَيَبْطُلُ قَضَاءُ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

رَجُلٌ مَاتَ وَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ لَا وَارِثَ لِأَبِيهِ، وَلَا لِهَذَا الْمَيِّتِ غَيْرُهُ، وَجَاءَ بِابْنَيْ أَخِيهِ فَشَهِدَا عَلَى ذَلِكَ قَالَ: لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِجَدِّهِمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَمْوَالًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ، وَجَاءَ رَجُلٌ، وَادَّعَى أَنَّهُ أَعْتَقَ الْمَيِّتَ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً بِمِثْلِ ذَلِكَ قَضَى بِالْمَالِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَيِّنَتِهِ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ إذْ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى وَاسْتِحْقَاقُ الْمَالِ يُبْتَنَى عَلَيْهِ، وَالْوَلَاءُ لَيْسَ شَيْئًا تُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَدُ فَلَا يُعْتَبَرُ أَحَدُهُمَا خَارِجًا وَالْآخَرُ صَاحِبُ الْيَدِ بَلْ كِلَاهُمَا خَارِجٌ فِيهِ فَيُقْضَى بَيْنَهُمَا هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ ابْنَيْنِ وَبَنَاتٍ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ هَذَا الْمَيِّتَ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَشَهِدَ ابْنَا الْمَيِّتِ بِذَلِكَ وَادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَقَرَّتْ بِنْتُهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالْوَلَاءِ لِصَاحِبِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ شَهِدَ لِلْآخَرِ ابْنٌ آخَرُ لِلْمَيِّتِ وَابْنَتَانِ لَهُ قَضَى بِالْوَلَاءِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ مِنْ الْمَوَالِي عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْعَرَبِ أَنَّهُ مَوْلَى هَذَا الْعَرَبِيِّ، وَأَنَّ هَذَا الْعَرَبِيَّ أَعْتَقَ أَبَاهُ، وَجَاءَ الْمُدَّعِي بِأَخَوَيْهِ لِأَبِيهِ يَشْهَدَانِ بِذَلِكَ وَالْعَرَبِيُّ يُنْكِرُهُ فَإِنَّ شَهَادَةَ الِابْنَيْنِ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِأَبِيهِمَا وَلِأَنْفُسِهِمَا؛ لِأَنَّ لَهُمَا فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ مَنْفَعَةً فَإِنَّهُ مَتَى ثَبَتَ، وَلَاءُ أَبِيهِمْ مِنْ الْعَرَبِيِّ ثَبَتَ وَلَاؤُهُمْ مِنْ الْعَرَبِيِّ أَيْضًا، فَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ أَجْنَبِيَّانِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْعَرَبِيُّ يَدَّعِي الْوَلَاءَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَالِابْنُ يُنْكِرُ قُبِلَتْ شَهَادَةُ أَخَوَيْهِ وَإِذَا مَاتَ رَجُلٌ فَأَخَذَ

<<  <  ج: ص:  >  >>