وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ فِي التِّجَارَةِ فَوَجَبَ لَهُ عَلَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ مُكَاتَبٍ ثَمَنَ بَيْعٍ أَوْ غَصْبٍ فَأَخَّرَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَأْخِيرُهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَ عَنْهُ ثُلُثًا مِنْهُ، وَقَبَضَ ثُلُثًا، وَحَطَّ ثُلُثًا كَانَ التَّأْخِيرُ جَائِزًا، وَالْحَطُّ بَاطِلًا، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي وَجَبَ لَهُ قَرْضًا أَقْرَضَهُ فَأَخَّرَهُ عَنْ صَاحِبِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ حَالًّا كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَإِنْ رَضِيَ بِذَلِكَ كَانَ أَحْسَنَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ: وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَوَجَبَ لَهُ وَلِرَجُلٍ آخَرَ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ هُمَا فِيهِ شَرِيكَانِ فَأَخَّرَ الْعَبْدُ نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَقَدْ كَانَ الْمَالُ حَالًّا فَإِنَّ التَّأْخِيرَ بَاطِلٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمَالُ حَالٌّ عَلَى حَالِهِ مَا يَقْبِضُهُ أَحَدُهُمَا أَيُّهُمَا كَانَ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا التَّأْخِيرُ جَائِزٌ، وَمَا أَخَذَ السَّاكِتُ يَكُونُ لَهُ خَاصَّةً لَا يُشَارِكُهُ الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ كَذَا فِي الْمُغْنِي فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ كَانَ الْعَبْدُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ شَرِيكِهِ نِصْفَ مَا أَخَذَ ثُمَّ يَتْبَعَانِ الْغَرِيمَ بِالْبَاقِي، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ لَهُ الْمَقْبُوضَ، وَاخْتَارَ اتِّبَاعَ الْبَاقِي بِنَصِيبِهِ فِي الدَّيْنِ، وَلَوْ اقْتَضَى الْعَبْدُ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّ الْأَجَلِ كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الدَّيْنُ كُلُّهُ مُؤَجَّلًا فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْهُ قَبْلَ حِلِّهِ كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا فَأَجَّلَهُ الْعَبْدُ سَنَةً ثُمَّ قَبَضَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ ثُمَّ أَبْطَلَ الْغَرِيمُ الْأَجَلَ الَّذِي أَجَّلَهُ الْعَبْدُ بِرِضًا مِنْهُ قَبْلَ مُضِيِّهِ فَقَدْ بَطَلَ الْأَجَلُ، وَلَكِنْ لَا سَبِيلَ لِلْعَبْدِ عَلَى مَا قَبَضَ شَرِيكُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ شَارَكَهُ فِي الْمَقْبُوضِ إنْ شَاءَ.
وَإِنْ لَمْ يَنْقَضِ الْأَجَلُ، وَلَكِنَّ الْغَرِيمَ مَاتَ فَحَلَّ عَلَيْهِ شَارَكَ الْعَبْدُ شَرِيكَهُ فِيمَا قَبَضَ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ وَلَكِنَّهُمَا تَنَاقَضَا الْأَجَلَ ثُمَّ قَبَضَ الشَّرِيكُ حَقَّهُ كَانَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُشَارِكَهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ حَالًّا فَقَبَضَ الشَّرِيكُ حَقَّهُ ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ أَخَّرَ الْغَرِيمَ حَقَّهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِقَبْضِهِ أَوْ لَا يَعْلَمُ فَتَأْخِيرُهُ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى مَا قَبَضَ شَرِيكُهُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَإِذَا حَلَّ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ مَا قَبَضَ إنْ شَاءَ، وَلَوْ كَانَ مَالُهُمَا إلَى سَنَةٍ فَقَبَضَ الشَّرِيكُ عَاجِلًا ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ أَخَّرَ حَقَّهُ لِلْغَرِيمِ سَنَةً أُخْرَى، وَهُوَ يَعْلَمُ بِقَبْضِهِ أَوْ لَا يَعْلَمُ فَتَأْخِيرُهُ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا، وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى مَا قَبَضَ شَرِيكُهُ حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَتَانِ جَمِيعًا، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ حَالًّا فَأَخَذَ الشَّرِيكُ حَقَّهُ فَسَلَّمَهُ لَهُ الْعَبْدُ كَانَ تَسْلِيمُهُ جَائِزًا عِنْدَهُمْ حَتَّى يَتْوَى مَا عَلَى الْغَرِيمِ فَإِنْ تَوِي مَا عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَى شَرِيكه، فَيُشَارِكُهُ فِي الْمَقْبُوضِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ إلَى سَنَةٍ فَاشْتَرَى الْعَبْدُ مِنْ الْغَرِيمِ جَارِيَةً بِحِصَّتِهِ فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ بِنِصْفِ حَقِّهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدُ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا فَرَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَادَ الْمَالُ إلَى أَجَلِهِ، وَاسْتَرَدَّ الْعَبْدُ مِنْ شَرِيكِهِ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ.
وَلَوْ كَانَ رَدَّهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ بِإِقَالَةٍ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الشَّرِيكِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَعْطَاهُ، وَيَكُونُ لِلْعَبْدِ وَلِشَرِيكِهِ عَلَى الْغَرِيمِ الْخَمْسِمِائَةِ الْبَاقِيَةِ إلَى أَجَلِهَا، وَلِلْعَبْدِ عَلَى الْغَرِيمِ خَمْسُمِائَةٍ حَالَّةٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ اشْتَرَى الْجَارِيَةَ مِنْ الْغَرِيمِ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ إلَّا أَنَّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ بِنِصْفِ الْأَلْفِ هَاهُنَا فَإِنْ كَانَ حِينَ أَقَالَ الْبَيْعَ أَوْ رَدَّهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ شَرَطَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ أَنَّ الثَّمَنَ إلَى أَجَلِهِ كَانَ إلَى أَجَلِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَأَبْرَأَهُ بَائِعُهُ عَنْ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَرَدَّهُ بِالْخِيَارِ صَحَّ عِنْدَهُ كَذَا فِي الْكَافِي.
الْمَأْذُونُ فِي إقَالَةِ الْبَيْعِ كَالْحُرِّ فَإِنْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ جَارِيَةً فَزَادَتْ فِي يَدِهِ حَتَّى صَارَ الثَّمَنُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ ثُمَّ أَقَالَ الْبَيْعَ فِيهَا فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ أَمَةً بِأَلْفٍ وَقَبَضَهَا وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ عَنْهُ ثُمَّ تَقَايَلَا بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي فَلَوْ أَقَالَ الْبَيْعَ بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ بِجَارِيَةٍ أُخْرَى أَوْ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بَاطِلَةً فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا جَائِزٌ، وَلَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ لَمْ يَقْبِضْ الْجَارِيَةَ حَتَّى وَهَبَ الْبَائِعَ ثَمَنَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا فَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَالَهُ بِثَمَنٍ آخَرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَلَوْ لَمْ يَتَقَايَلَا الْبَيْعَ، وَلَكِنَّهُ رَأَى بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا فَلَمْ يَرْضَ بِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ رَآهَا فَلَمَّا رَآهَا لَمْ يَرْضَ بِهَا فَنَقَضَ الْبَيْعَ، وَقَدْ كَانَ وَهَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute