اشْتَرَى جَارِيَةَ هَذَا الرَّجُلِ، وَهِيَ بِكْرٌ فَافْتَضَّهَا لَزِمَهُ الْعُقْرُ كَغَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ، وَيُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ جَارِيَةً بِكْرًا فَافْتَضَّهَا رَجُلٌ فِي يَدِهِ ثُمَّ هَرَبَ كَانَ لِمَوْلَاهَا أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ بِعُقْرِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالِافْتِضَاضِ بِالنِّكَاحِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ لَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ فِي الِافْتِضَاضِ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ بُدِئَ بِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ أَخَذَهُ مَوْلَى الْأَمَةِ مِنْ عُقْرِهَا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْبَغِي أَنْ يُضْرَبَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ مَعَ الْغُرَمَاءِ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى أَوْ كَذَّبَهُ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَرَّ أَنَّهُ وَطِئَهَا بِنِكَاحٍ، وَجَحَدَ الْمَوْلَى أَنْ يَكُونَ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يُؤَاخَذْ بِالْمَهْرِ حَتَّى يُعْتَقَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا أَقَرَّ لِعَبْدٍ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ أَوْدَعَهُ أَوْ قَالَ: إنَّهُ حُرٌّ لَمْ يُمْلَكْ قَطُّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْمَأْذُونَ إذَا أَقَرَّ بِحُرِّيَّةٍ طَارِئَةٍ لِمَا فِي يَدِهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَمَتَى أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ الثَّابِتَةِ بِالظَّاهِرِ صَحَّ إقْرَارُهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مُقِرًّا بِحُرِّيَّةٍ طَارِئَةٍ إذَا ظَهَرَ فِي الْعَبْدِ الْمُقِرِّ بِهِ أَمَارَاتُ الرِّقِّ وَعَلَامَاتُهُ، وَذَلِكَ بِأَنْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِأَنَّ هَذَا مَمْلُوكٌ وَرَقِيقٌ وَصَدَّقَهُ الْمَمْلُوكُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَأْذُونِ إنَّهُ مَمْلُوكٌ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ بِهَذَا إقْرَارٌ بِحُرِّيَّةٍ طَارِئَةٍ فَلَا يَصِحُّ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ فِي الْعَبْدِ الْمُقَرِّ بِهِ أَمَارَاتُ الرِّقِّ وَعَلَامَاتُهُ فَأَقَرَّ الْمَأْذُونُ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ فَهَذَا إقْرَارٌ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ لَا بِحُرِّيَّةٍ طَارِئَةٍ فَيَصِحُّ مِنْ الْمَأْذُونِ وَفِيمَا إذَا قَالَ: هَذَا الْعَبْدُ ابْنُ فُلَانٍ أَوْدَعَهُ فُلَانٌ، وَلَمْ يَظْهَرْ فِي الْعَبْدِ الْمُقَرِّ بِهِ أَمَارَاتُ الرِّقِّ فَإِذَا قَالَ: إنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ أَوْ قَالَ: إنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ كَانَ هَذَا إقْرَارًا بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ فَيَصِحُّ مِنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ وَقَبَضَهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ سَاكِتٌ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ أَوْ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ لَمْ يُمْلَكْ قَطُّ لَمْ يُصَدَّقْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ لِفُلَانٍ غَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيرٌ بُدِئَ بِاَلَّذِي أَقَرَّ بِهِ بِعَيْنِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ بِدُيُونٍ كَثِيرَةٍ فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يَشْتَرِكُونَ فِيمَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ الْكَسْبِ، وَفِي ثَمَنِ رَقَبَتِهِ إذَا بِيعَ، وَلَا يَكُونُ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ الْغُرَمَاءِ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْمُتَأَخِّرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا، وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ الْبَائِعَ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ إيَّاهُ أَوْ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَالْعَبْدُ مَمْلُوكٌ عَلَى حَالِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِالتَّدْبِيرِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَأَقَرَّ بِوِلَادَتِهَا مِنْ الْبَائِعِ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ انْتَقَضَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا، وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ بَاعَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنِّي، وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ، وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّ الْمَأْذُونَ لَا يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى لَا يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ، وَيُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى يُؤْمَرَ بِدَفْعِ الْعَبْدِ إلَى فُلَانٍ، وَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِمَا ادَّعَاهُ الْمَأْذُونُ رَجَعَ الْمَأْذُونُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْمَأْذُونُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ أَوْ حَلَّفَ الْمَأْذُونُ الْبَائِعَ عَلَى مَا ادَّعَى، وَنَكَلَ رَجَعَ الْمَأْذُونُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ فَأَقَرَّ بِشَيْءٍ فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ لِمَوْلَاهُ أَوْ لِابْنِ مَوْلَاهُ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ لِعَبْدٍ لَهُ تَاجِرٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ أَوْ لِمُكَاتَبِ مَوْلَاهُ أَوْ لِأُمِّ وَلَدِهِ فَإِقْرَارُهُ لِمَوْلَاهُ وَمُكَاتَبِهِ وَعَبْدِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ بَاطِلٌ فَأَمَّا إقْرَارُهُ لِابْنِ مَوْلَاهُ أَوْ لِأَبِيهِ فَجَائِزٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ كَانَ إقْرَارُهُ جَائِزًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنْ لَحِقَهُ دَيْنٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَبْطُلُ حُكْمُ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ شَيْءٌ إنْ كَانَ هُوَ الْمَوْلَى أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ عَبْدَهُ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ كَانَ أَقَرَّ لِمُكَاتَبِ مَوْلَاهُ أَوْ لِأَبِيهِ ثُمَّ لَحِقَهُ دَيْنٌ اشْتَرَكُوا فِي ذَلِكَ، وَإِذَا أَقَرَّ الْمَأْذُونُ لِابْنِهِ، وَهُوَ حُرٌّ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ لِزَوْجَتِهِ وَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ مُكَاتَبِ ابْنِهِ أَوْ لِعَبْدِ ابْنِهِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِقْرَارُهُ لِهَؤُلَاءِ بَاطِلٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِهِمَا إقْرَارُهُ لِهَؤُلَاءِ جَائِزٌ، وَيُشَارِكُونَ الْغُرَمَاءَ فِي كَسْبِهِ.
وَإِذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ دَيْنٌ فَأَذِنَ لِجَارِيَةٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلَحِقَهَا دَيْنٌ إنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ لَهَا الْوَدِيعَةِ فِي يَدِهِ صُدِّقَ عَلَى ذَلِكَ، وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute