ذَلِكَ فَمَا زَادَ عَلَى ثَمَنِ الْعَبْدِ وَمَالِيَّةِ كَسْبِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَوْلَى يَكُونُ لِوَارِثِهِ لَا حَقَّ فِيهِ لِغَرِيمِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ هَذَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الصِّحَّةِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ حِينَ أَقَرَّ فِي مَرَضِ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَيْنٌ وَجَبَ فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى، وَأَقَرَّ الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْمَوْلَى فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِيمَا فِي يَدِهِ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِ الْعَبْدِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى، وَلَا يَفْضُلُ عَنْ دَيْنِ الْمَوْلَى، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْعَبْدِ وَيُبْدَأُ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ وَمَالِيَّةِ رَقَبَتِهِ بِدَيْنِ الْعَبْدِ الَّذِي كَانَ فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى ثُمَّ يَقْضِي مِنْ الْفَاضِلِ دَيْنَ غَرِيمِ الْمَوْلَى، الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِيمَا فِي يَدِهِ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِ الْمَوْلَى وَالْعَبْدِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِمَا فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَصِحُّ إقْرَارُ الْعَبْدِ بِقَدْرِ الْفَاضِلِ عَنْ دَيْنِهِمَا فَيُبْدَأُ بِدَيْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ يَقْضِي دَيْنَ الْعَبْدِ الَّذِي وَجَبَ فِي حَالَةِ صِحَّةِ الْمَوْلَى ثُمَّ يَصْرِفُ الْفَاضِلَ إلَى الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْعَبْدُ فِي مَرَضِ الْمَوْلَى.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِيمَا فِي يَدِهِ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِ الْعَبْدِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْعَبْدِ هَكَذَا ذَكَر مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْكِتَابِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ، وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ وَجَبَ فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى يُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ، وَبِمَا فِي يَدِهِ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ فِي مَرَضِ مَوْلَاهُ بِدَيْنِ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَإِنَّ إقْرَارَ الْعَبْدِ صَحِيحٌ، وَيَبِيعُ الْقَاضِي رَقَبَةَ الْعَبْدِ، وَمَا فِي يَدِهِ، وَيَقْسِمُ الثَّمَنَ بَيْنَ غُرَمَاءِ الْعَبْدِ كُلِّهِمْ بِالْحِصَصِ لَا يُقَدِّمُ الْبَعْضَ عَلَى الْبَعْضِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ بِعَيْنِهِ لِإِنْسَانٍ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْمَوْلَى، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَوْلَى صَحَّ إقْرَارُهُ، وَيُبْدَأُ بِالْمُقَرِّ لَهُ بِالْعَيْنِ فَالْعَبْدُ بِمَرَضِ الْمَوْلَى إنَّمَا يَصِيرُ مَحْجُورًا عَنْ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ أَوْ بِالْعَيْنِ إذَا كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الصِّحَّةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الصِّحَّةِ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا بِمَرَضِ الْمَوْلَى عَنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنُ الصِّحَّةِ يُحِيطُ بِمَالِهِ وَبِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَمَا فِي يَدِهِ فَاسْتَقْرَضَ الْعَبْدُ فِي مَرَضِ الْمَوْلَى مِنْ رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَبَضَهَا بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا، وَقَبَضَهُ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُ الْعَبْدَ، وَمَا فِي يَدِهِ، وَيُبْدَأُ بِدَيْنِ الْعَبْدِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ يُقْضَى بِهِ دَيْنُ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُغْنِي.
وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ الْعَبْدِ فَمَرِضَ الْمَوْلَى، وَأَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ أَيْضًا بِدَيْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُ الْعَبْدَ وَيَقْسِمُ ثَمَنَهُ بَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَرَّ أَوَّلًا فِي مَرَضِ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى عَلَى نَفْسِهِ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَبْدَأُ بِدَيْنِ الْعَبْدِ فَيَقْضِيَهُ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ يَكُونُ لِغَرِيمِ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ بَدَأَ الْمَوْلَى فَأَقَرَّ بِدَيْنٍ أَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفٍ إقْرَارًا مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ الثَّلَاثَةَ يَتَحَاصُّونَ فِي ثَمَنِهِ فَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفٍ إقْرَارًا مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا ضَرَبُوا بِجَمِيعِ ذَلِكَ مَعَ غُرَمَاءِ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى أَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَانَتْ الْأَقَارِيرُ كُلُّهَا مِنْ الْمَوْلَى فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقَاضِي يَبِيعُ الْعَبْدَ وَيَقْسِمُ الثَّمَنَ بَيْنَ غُرَمَاءِ الْمَوْلَى وَغَرِيمِ الْعَبْدِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى أَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْسِمُ ثَمَنَ الْعَبْدِ بَيْنَ غَرِيمَيْ الْمَوْلَى وَبَيْنَ غَرِيمِ الْعَبْدِ بِالْحِصَصِ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْمُغْنِي.
وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ فِي مَرَضِ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَى الْعَبْدُ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ، وَقَبَضَهُ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ الْعَبْدِ فَبِيعَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ اقْتَسَمَ غُرَمَاءُ الْعَبْدِ الثَّمَنَ بَيْنَهُمْ، وَلَا شَيْءَ فِيهِ لِغَرِيمِ الْمَوْلَى، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَبْدًا وَلَكِنَّ الْمَوْلَى هُوَ الَّذِي اشْتَرَى عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا، وَقَبَضَهُ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى مِنْ مَرَضِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، وَبِيعَ الْعَبْدُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِدَيْنِ الْبَائِعِ، وَمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَ غُرَمَاءِ الْعَبْدِ، وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ الْإِذْنُ فِي صِحَّةِ الْمَوْلَى أَوْ فِي مَرَضِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِدَيْنٍ أَلْفٍ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ أَلْفٍ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute