للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّبِيُّ بَعْدَمَا كَبُرَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَا يَجُوزُ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ أَنْ يَفْعَلَاهُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِذَا فَعَلَهُ أَجْنَبِيٌّ فَأَجَازَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَمَا كَبُرَ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ كَانَ فِعْلُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ جَائِزًا فِيهِ عَلَى الصَّبِيِّ فَإِذَا فَعَلَهُ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ أَجَازَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَمَا كَبُرَ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ فِي الِانْتِهَاءِ كَالْإِذْنِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ تَنْفُذُ فِي الِابْتِدَاءِ بِالْإِذْنِ مِمَّنْ قَامَ رَأْيُهُ مَقَامَ رَأْيِ الصَّبِيِّ فَتَنْفُذُ بِالْإِجَازَةِ فِي الِانْتِهَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْآذِنِ أَوْ مِنْ الصَّبِيِّ بَعْدَمَا كَبُرَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ فِي هَذَا النَّظَرِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَيْسَ لِوَصِيِّ الْأُمِّ وِلَايَةُ التِّجَارَةِ فِيمَا وَرِثَ عَنْ أُمِّهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ زَوَّجَ هَذَا الصَّبِيُّ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَنَا، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَى الصَّبِيِّ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ كَانَتْ لِلصَّبِيِّ امْرَأَةٌ فَخَلَعَهَا أَبُوهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَوْ طَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَجَازَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَمَا كَبُرَ فَهُوَ بَاطِلٌ، إذَا قَالَ حِينَ كَبُرَ: قَدْ أَوْقَعْت عَلَيْهَا الطَّلَاقَ الَّذِي أَوْقَعَ عَلَيْهَا فُلَانٌ أَوْ قَدْ أَوْقَعْت عَلَى الْعَبْدِ ذَلِكَ الْعِتْقَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فُلَانٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي: الْأَبُ وَالْوَصِيُّ يَمْلِكَانِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ مَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ مِنْ اتِّخَاذِ الضِّيَافَةِ الْيَسِيرَةِ وَالصَّدَقَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

إذَا بَاعَ الصَّبِيُّ، وَهُوَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَبَضَ الثَّمَنَ، وَدَفَعَ الْعَبْدَ ثُمَّ ضَمِنَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي مَا أَدْرَكَهُ فِي الْعَبْدِ مِنْ دَرَكٍ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدَيْ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إنْ شَاءَ عَلَى الصَّبِيِّ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْكَفِيلِ فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْكَفِيلِ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الصَّبِيِّ إنْ كَانَ كَفَلَ بِأَمْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَالضَّمَانُ عَنْهُ بَاطِلٌ إنْ كَانَ الثَّمَنُ قَدْ هَلَكَ فِي يَدِهِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فِي يَدِهِ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي فِي أَصْلِ الشِّرَاءِ، وَضَمِنَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الصَّبِيِّ ثُمَّ دَفَعَ الثَّمَنَ عَلَى لِسَانِ الْكَفِيلِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ فَالضَّمَانُ جَائِزٌ، وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الْكَفِيلَ بِالثَّمَنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ إذَا بَاعَ عَبْدًا مِنْ أَبِيهِ فَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ أَمَّا إنْ بَاعَهُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ مِقْدَارَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ أَوْ لَا يَتَغَابَنُ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، وَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ جَازَ بَيْعُهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ فِي بَعْضِ نُسِخَ الْمَأْذُونِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا إذَا بَاعَ مِنْ وَصِيِّهِ ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَقَلَّ مِقْدَارَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَالُوا: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَعَلَى الْخِلَافِ إنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ إنْ بَاعَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ مِقْدَارَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ بِأَنْ بَاعَ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِحَيْثُ يُتَغَابَنُ فِي مِثْلِهِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِهِ كَذَا فِي الْمُغْنِي.

إذَا بَاعَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ مِقْدَارَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ.

وَإِنْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ بِقَبْضِ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ أَوْ عَلَى وَصِيِّهِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا الْفَصْلِ ذَكَرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ يَجُوزُ، وَذَكَرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَالْإِقْرَارُ لِلْأَبِ أَوَالْوَصِيِّ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ فِيمَا اكْتَسَبَهُ يَجُوزُ فِيمَا وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِقَبْضِ مَالِهِ مِنْ الْوَصِيِّ، وَدَفْعُ الْوَصِيِّ مَالَهُ إلَيْهِ بَعْدَ الْإِذْنِ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ، إذَا أَقَرَّ بِدَيْنِ التِّجَارَةِ صَحَّ إقْرَارُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْغِيَاثِيَّةِ لَوْ أَذِنَ لَهُ الْوَصِيُّ فَأَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ أَوْ أَقَرَّ بِغَصْبٍ قَبْلَ الْإِذْنِ جَازَ، كَذَا لَوْ تَصَرَّفَ فِي تَرِكَةِ أَبِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>