للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْغُرَمَاءُ لَا يُطَالِبُونَ الْمُسْتَأْجِرَ بِدُيُونِهِمْ، إنَّمَا يُطَالِبُونَ الْعَبْدَ، وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ الْأَدَاءِ بِنَفْسِهِ وَبَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مُعْسِرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ، وَلَيْسَ فِي يَدِ الْعَبْدِ كَسْبٌ فَالْعَبْدُ يُبَاعُ بِدُيُونِ الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى فَإِنْ فَدَاهُ الْمَوْلَى رَجَعَ بِمَا فَدَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَالْمَوْلَى هُوَ الَّذِي يَلِي الرُّجُوعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا سَبِيل لِلْعَبْدِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَبَى الْمَوْلَى الْفِدَاءَ وَبِيعَ الْعَبْدُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَدَيْنُ الْغُرَمَاءِ مَثَلًا عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ قُسِّمَ الْأَلْفُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ، وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَى الْعَبْدِ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِمْ بَعْدَمَا بِيعَ الْعَبْدُ لَهُمْ حَتَّى يُعْتَقَ الْعَبْدُ فَإِذَا أُعْتِقَ أَتْبَعُوهُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ: وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِثَمَنِ الْعَبْدِ، ذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ.

وَيُسَلِّمُ ذَلِكَ لِلْمَوْلَى، وَلَا يَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ، وَيَنْصِبُ الْقَاضِي وَكِيلًا لِلْغُرَمَاءِ حَتَّى يُطَالِبَ الْمُسْتَأْجِرَ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِمْ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ أَنَّ الْمَوْلَى يُخَاصِمُ الْمُسْتَأْجِرَ، وَيَقْبِضُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَيُسَلِّمُ إلَى الْغُرَمَاءِ قَالَ الْحَاكِمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ فِي الرِّوَايَةِ.

وَالْمَوْلَى هُوَ الَّذِي يُخَاصِمُ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَأْذُونِ فَإِنْ امْتَنَعَ عَنْ الْخُصُومَةِ فَالْقَاضِي يَنْصِبُ وَكِيلًا كَمَا ذَكَرَ هَا هُنَا كَذَا فِي الْمُغْنِي فَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ شَيْئًا، وَتَرَكَ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ يَقْسِمُ ذَلِكَ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْغُرَمَاءِ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لِلْمَوْلَى وَتِسْعَةُ أَسْهُمٍ لِلْغُرَمَاءِ، وَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يُبَعْ بِالدَّيْنِ حَتَّى وُهِبَ لَهُ عَبْدٌ قِيمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمِ، وَأَبَى الْمَوْلَى الْفِدَاءَ يُبَاعُ الْعَبْدَانِ بِالدَّيْنِ، وَسَوَّى فِي الْكِتَابِ بَيْنَهُمَا إذَا وُهِبَ لَهُ عَبْدٌ بَعْدَمَا لَحِقَهُ دَيْنٌ وَبَيْنَمَا إذَا وُهِبَ لَهُ عَبْدٌ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ إذَا وَجَبَ بَيْعُ الْمَوْهُوبِ مَعَ الْمَأْذُونِ وَبِيعَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ مَثَلًا يُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ، وَيَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِثَمَنِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ.

وَلَا يَرْجِعُ بِثَمَنِ الْعَبْدِ الْمَوْهُوبِ، وَيَنْصِبُ الْقَاضِي وَكِيلًا لِيُطَالِبَ الْمُسْتَأْجِرَ بِتِسْعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ بَقِيَّةُ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ وَأَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ الْعَبْدِ الْمَوْهُوبِ، وَيُسَلِّمُ ذَلِكَ لِلْمَوْلَى، وَلَوْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا مِنْ ثَمَنِ الْمَأْذُونِ وَثَمَنِ الْمَوْهُوبِ وَمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ حَتَّى مَاتَ وَتَرَكَ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ قُسِّمَ ذَلِكَ عَلَى عَشْرَةِ أَسْهُمٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ، وَأَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ الْعَبْدِ الْمَوْهُوبِ، وَثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ لِلْغُرَمَاءِ فَمَا أَصَابَ ثَمَنُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فَهُوَ لِلْمَوْلَى.

وَمَا أَصَابَ ثَمَانِيَةِ آلَافٍ دِرْهَم فَهُوَ لِلْغُرَمَاءِ، كَذَلِكَ مَا أَصَابَ ثَمَنُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَهُوَ لِلْغُرَمَاءِ لَا يَكُونُ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ سَبِيلٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ أَنَّ الْغُرَمَاءَ لَمْ يَقْبِضُوا شَيْئًا مِنْ دُيُونِهِمْ حَتَّى وَهَبُوا ذَلِكَ لِلْعَبْدِ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْهُ بَعْدَمَا بِيعَ الْعَبْدُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ بَعْدَمَا مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يُبَعْ، وَإِنْ بِيعَ فَالْمَوْلَى يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِذَلِكَ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ حِينَ اسْتَأْجَرَ اسْتَأْجَرَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ الْبَزَّ خَاصَّةً وَيَبِيعَ فَاشْتَرَى الْبَزَّ وَبَاعَ فَمَا رَبِحَ فِيهِ فَهُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَمَا كَانَ مِنْ وَضِيعَةٍ فَهُوَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَوْ اشْتَرَى الْخَزَّ وَبَاعَ.

وَرَبِحَ فِيهِ فَهُوَ لِلْمَوْلَى لَا يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَمَا كَانَ مِنْ وَضِيعَةٍ فَهُوَ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ يُبَاعُ فِيهِ، وَلَا يَكُونُ عَلَى الْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ مِنْ رَجُلٍ كُرَّ حِنْطَةٍ يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ بِثَمَانِينَ دِرْهَمًا فَصَبَّ الْعَبْدُ فِيهِ مَاءً قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَأَفْسَدَهُ فَصَارَ يُسَاوِي ثَمَانِينَ دِرْهَمًا ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ بَعْدَ ذَلِكَ صَبَّ فِيهِ مَاءً فَأَفْسَدَهُ فَصَارَ يُسَاوِي سِتِّينَ دِرْهَمًا فَالْمَأْذُونُ بِالْخِيَارِ فَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَ الْكُرِّ أَخَذَهُ بِأَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ دِرْهَمًا، وَإِنْ تَرَكَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِمَا أَفْسَدَهُ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي صَبَّ فِيهِ الْمَاءَ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُشْتَرِي صَبَّ فِيهِ الْمَاءَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِهِ، وَيُؤَدِّي أَرْبَعَةً وَسِتِّينَ دِرْهَمًا، كَذَلِكَ هَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ، وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَرَضًا أَفْسَدَهُ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا ثُمَّ أَفْسَدَهُ الْبَائِعُ فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَخَذَهُ وَسَقَطَ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ بِحِسَابِ مَا نَقَصَهُ الْبَائِعُ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ، وَأَدَّى مِنْ الثَّمَنِ بِحِسَابِ مَا نَقَصَهُ الْمُشْتَرِي.

وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَفْسَدَهُ بَعْدَ الْبَائِعِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَسَقَطَ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ بِحِسَابِ مَا نَقَصَهُ الْبَائِعُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْمَالُ لِلْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْمَوْلَى فَرَهَنَهُ بِهِ رَهْنًا، وَوَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فَضَاعَ، وَذَهَبَ بِمَا فِيهِ بَرِئَ الْمَوْلَى مِنْ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُغْنِي.

إذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ كُرَّ تَمْرٍ جَيِّدٍ بِعَيْنِهِ بِكُرٍّ رَدِيءٍ بِعَيْنِهِ فَصَبَّ الْعَبْدُ فِي الْكُرِّ الَّذِي اشْتَرَاهُ مَاءً فَأَفْسَدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>