للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْخَلِيطُ عَلَى الْجَارِ فَإِنْ سَلَّمَ الشَّرِيكُ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلْخَلِيطِ وَإِذَا اجْتَمَعَ خَلِيطَانِ يُقَدَّمُ الْأَخَصُّ ثُمَّ الْأَعَمُّ وَإِنْ سَلَّمَ الْخَلِيطُ وَجَبَتْ لِلْجَارِ وَهَذَا جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ سَبَبٌ صَالِحٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ إلَّا أَنَّهُ يُرَجَّحُ الْبَعْضُ عَلَى الْبَعْضِ لِقُوَّتِهِ فِي التَّأْثِيرِ فَإِذَا سَلَّمَ الشَّرِيكُ الْتَحَقَتْ شَرِكَتُهُ بِالْعَدَمِ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فَيُرَاعَى التَّرْتِيبُ فِي الْبَاقِي كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ الْخَلْطَةُ وَالْجِوَارُ ابْتِدَاءً وَبَيَانُ هَذَا دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ طَرِيقُهَا مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَالشُّفْعَةُ لِشَرِيكِهِ فَإِنْ سَلَّمَ فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِ السِّكَّةِ كُلُّهُمْ يَسْتَوِي فِيهَا الْمُلَاصِقُ وَغَيْرُ الْمُلَاصِقِ لِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ خُلَطَاءَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ سَلَّمُوا فَالشُّفْعَةُ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَلَوْ انْشَعَبَتْ مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ سِكَّةٌ أُخْرَى غَيْرُ نَافِذَةٍ فَبِيعَتْ دَارٌ فِيهَا فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِ هَذِهِ السِّكَّةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ خُلْطَةَ أَهْلِ هَذِهِ السِّكَّةِ أَخَصُّ مِنْ خُلْطَةِ أَهْلِ السِّكَّةِ الْعُلْيَا وَإِنْ بِيعَتْ دَارٌ فِي السِّكَّةِ الْعُلْيَا فَالشُّفْعَةُ لِأَهْلِ السِّكَّةِ الْعُلْيَا وَأَهْلِ السِّكَّةِ السُّفْلَى؛ لِأَنَّ خُلْطَتَهُمْ فِي السِّكَّةِ الْعُلْيَا سَوَاءٌ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَهْلُ الدَّرْبِ يَسْتَحِقُّونَ الشُّفْعَةَ بِالطَّرِيقِ إنْ كَانَ مِلْكَهُمْ أَوْ كَانَ فِنَاءً غَيْرَ مَمْلُوكٍ وَإِنْ كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً فَبِيعَتْ دَارٌ فِيهَا فَلَا شُفْعَةَ إلَّا لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَكَذَلِكَ دَارَانِ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ نَافِذٌ غَيْرُ مَمْلُوكٍ فَبِيعَتْ إحْدَاهُمَا فَلَا شُفْعَةَ إلَّا لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا فَهِيَ فِي حُكْمِ غَيْرِ النَّافِذِ، وَالطَّرِيقُ النَّافِذُ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ مَا لَا يَمْلِكُ أَهْلُهُ سَدَّهُ وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ النَّهْرُ إذَا كَانَ صَغِيرًا تُسْقَى مِنْهُ أَرْضُونَ مَعْدُودَةٌ أَوْ كُرُومٌ مَعْدُودَةٌ فَبِيعَتْ أَرْضٌ مِنْهَا أَوْ كَرْمٌ إنْ كَانَ الشُّرَكَاءُ كُلُّهُمْ شُفَعَاءَ يَسْتَوِي الْمُلَاصِقُ وَغَيْرُ الْمُلَاصِقِ وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ كَبِيرًا فَالشُّفْعَةُ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَاخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَانَ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ فَهُوَ كَبِيرٌ وَإِنْ كَانَ لَا تَجْرِي فَهُوَ صَغِيرٌ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ عَبْدُ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِيُّ أَرَادَ بِالسُّفُنِ هَاهُنَا الشَّمَّارِيَّاتِ الَّتِي هِيَ أَصْغَرُ السُّفُنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ نُزِعَ مِنْ هَذَا النَّهْرِ نَهْرٌ آخَرُ فِيهِ أَرْضُونَ أَوْ بَسَاتِينُ أَوْ كُرُومٍ فَبِيعَتْ أَرْضٌ أَوْ بُسْتَانٌ شُرْبُهُ مِنْ هَذَا النَّهْرِ النَّازِعِ فَأَهْلُ هَذَا النَّهْرِ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ النَّهْرِ الْكَبِيرِ وَلَوْ بِيعَتْ أَرْضٌ عَلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ كَانَ أَهْلُهُ وَأَهْلُ النَّهْرِ النَّازِعِ فِي الشُّفْعَةِ سَوَاءً، لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الشُّرْبِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَإِنْ كَانَ فِنَاءٌ مُنْفَرِجٌ عَنْ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ أَوْ زُقَاقٌ أَوْ دَرْبٌ غَيْرُ نَافِذٍ فِيهِ دُورٌ فَبِيعَتْ دَارٌ مِنْهَا فَأَصْحَابُ الدُّورِ شُفَعَاءُ جَمِيعًا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ عَبْدُ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا كَانَ الْفِنَاءُ مُرَبَّعًا فَأَمَّا إذَا كَانَ مُدَوَّرًا فَالشُّفْعَةُ لِلْجَارِ الْمُلَازِقِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

بَيْتٌ فِي دَارٍ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَالْبَيْتُ لِاثْنَيْنِ وَالدَّارُ لِقَوْمٍ فَبَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْبَيْتِ فَالشُّفْعَةُ أَوَّلًا لِلشَّرِيكِ فِي الْبَيْتِ فَإِنْ سَلَّمَ فَلِلشَّرِيكِ الدَّارُ، فَإِنْ سَلَّمَ فَلِأَهْلِ السِّكَّةِ الْكُلُّ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنْ سَلَّمُوا فَلِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَهُوَ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ هَذِهِ الدَّارِ وَبَابُ دَارِهِ فِي سِكَّةٍ أُخْرَى فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ لِهَذِهِ الدَّارِ الَّتِي هَذَا الْبَيْتُ هُوَ فِيهَا جِيرَانٌ مُلَازِقُونَ فَاَلَّذِي هُوَ مُلَازِقُ هَذَا الْبَيْتِ الْمَبِيعِ وَاَلَّذِي هُوَ مُلَازِقُ لِأَقْصَى الدَّارِ لَا لِهَذَا الْبَيْتِ فِي الشُّفْعَةِ عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

دَارٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ مِنْ إنْسَانٍ فَالشُّفْعَةُ أَوَّلًا لِلشَّرِيكِ فِي الدَّارِ فَإِنْ سَلَّمَ فَلِلشَّرِيكِ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الدَّارَيْنِ فَإِنْ سَلَّمَ فَلِأَهْلِ السِّكَّةِ الْكُلُّ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنْ سَلَّمُوا فَلِلْجَارِ الَّذِي يَكُونُ ظَهْرُ هَذِهِ الدَّارِ إلَى دَارِهِ وَبَابُ تِلْكَ الدَّارِ فِي سِكَّةٍ أُخْرَى فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ ثُمَّ الْجَارُ الَّذِي هُوَ مُؤَخَّرٌ عَنْ الشَّرِيكِ فِي الطَّرِيقِ هُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ شَرِيكًا فِي الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ تَحْتَ الْحَائِطِ الَّذِي هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَمَّا إذَا كَانَ شَرِيكًا فِيهِ لَا يَكُونُ مُؤَخَّرًا بَلْ يَكُونُ مُقَدَّمًا وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ أَرْضٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ غَيْرَ مَقْسُومَةٍ بَنَيَا فِي وَسَطِهَا حَائِطًا ثُمَّ اقْتَسَمَا الْبَاقِي فَيَكُونُ الْحَائِطُ وَمَا تَحْتَ الْحَائِطِ مِنْ الْأَرْضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَكَانَ هَذَا الْجَارُ شَرِيكًا فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ أَمَّا إذَا اقْتَسَمَا الْأَرْضَ وَخَطَّا خَطًّا فِي وَسَطِهَا ثُمَّ أَعْطَى كُلٌّ مِنْهُمَا شَيْئًا حَتَّى بَنَيَا حَائِطًا فَكُلٌّ مِنْهُمَا جَارٌ لِصَاحِبِهِ فِي الْأَرْضِ شَرِيكٌ فِي الْبِنَاءِ لَا غَيْرُ، وَالشَّرِكَةُ فِي الْبِنَاءِ لَا تُوجِبُ الشُّفْعَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>