للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِمَا وَإِنَّمَا ثَبَتَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَقَرَّا بِهِ وَفِي الْجَامِعِ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ الْخِيَارَ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالشَّرْطِ وَالْبَائِعُ يَدَّعِي إحْدَاثَ الشَّرْطِ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ وَالشَّفِيعُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلَانِ تَبَايَعَا فَطَلَبَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِحَضْرَتِهِمَا فَقَالَ الْبَائِعُ كَانَ الْبَيْعُ بَيْنَنَا بَيْعَ مُعَامَلَةٍ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ لَا يَصْدُقَانِ عَلَى الشَّفِيعِ بَلْ الْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى جَوَازَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْحَالُ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ الْمَبِيعُ كَثِيرَ الْقِيمَةِ، وَقَدْ بِيعَ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ لَا يُبَاعُ بِهِ مِثْلُهُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْقَوْلُ لَهُمَا وَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

فِي الْمُنْتَقَى بَاعَ دَارًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ وَالْبَائِعُ تَصَادَقَا أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ فَاسِدًا وَقَالَ الشَّفِيعُ كَانَ جَائِزًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ وَلَا أُصَدِّقُهُمَا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ بِشَيْءٍ وَلَوْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، أَجْعَلُ الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلَ الَّذِي يَدَّعِي الصِّحَّةَ فَإِذَا زَعَمَا أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ فَاسِدًا بِشَيْءٍ أَجْعَلُ الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ فَإِنِّي أُصَدِّقُهُمَا وَلَا أَجْعَلُ لِلشَّفِيعِ شُفْعَةً. يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ الْبَائِعَ مَعَ الْمُشْتَرِي إذَا اتَّفَقَا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ بِسَبَبٍ لَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِيمَا بَيْنَهُمَا فِي فَسَادِ الْعَقْدِ بِذَلِكَ السَّبَبِ لَا يُصَدَّقُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْجَوَازَ نَحْوَ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا أَجَلًا فَاسِدًا أَوْ خِيَارًا فَاسِدًا فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْفَسَادِ بِذَلِكَ السَّبَبِ لَا يُصَدَّقَانِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ.

وَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ بِسَبَبٍ لَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا بَيْنَهُمَا فِي فَسَادِ الْبَيْعِ بِذَلِكَ السَّبَبِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْفَسَادِ بِذَلِكَ السَّبَبِ يُصَدَّقَانِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ وَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمُنْتَقَى فَقَالَ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِعْتَنِيهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ فَقَالَ الْبَائِعُ صَدَقْت لَمْ أُصَدِّقْهُمَا عَلَى الشَّفِيعِ وَلَوْ قَالَ بِعْتنِيهَا بِخَمْرٍ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ هَذَا هُوَ لَفْظُ الْمُنْتَقَى وَجَعَلَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُنْتَقَى قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ قَالَ الْقُدُورِيُّ كَأَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَعْتَبِرُ هَذَا الِاخْتِلَافَ بِالِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتنِيهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ وَقَالَ الْبَائِعُ لَا بَلْ بِعْتهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتنِيهَا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِخَمْرٍ لَا جَوَازُ لَهُ بِحَالٍ وَإِنَّمَا يُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْجَوَازَ فِي عَقْدٍ لَهُ جَوَازٌ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ بِأَجَلٍ فَاسِدٍ أَوْ بِأَلْفٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْفَسَادِ وَكَذَّبَهُمَا الشَّفِيعُ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَكَذَّبَهُمَا فِيهِ الشَّفِيعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

اشْتَرَى عُشْرَ الضَّيْعَةِ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ ثُمَّ بَقِيَّتَهَا بِثَمَنٍ قَلِيلٍ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فِي الْعُشْرِ دُونِ الْبَاقِي فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ مَا أَرَدْت بِذَلِكَ إبْطَالَ شُفْعَتِي لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ اسْتَحْلَفَهُ بِاَللَّهِ مَا كَانَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ تَلْجِئَةً فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْنًى لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ وَهُوَ خَصْمٌ، وَهُوَ تَأْوِيلُ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الِاسْتِحْلَافَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ إبْطَالَ الشُّفْعَةِ لَهُ ذَلِكَ أَيْ إذَا ادَّعَى أَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ كَانَ تَلْجِئَةً كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

فِي الْأَجْنَاسِ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ لِابْنِي الصَّغِيرِ وَأَنْكَرَ شُفْعَةَ الشَّفِيعِ فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الشَّفِيعُ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ ابْنًا صَغِيرًا وَإِنْ أَنْكَرَ أَنَّ لَهُ ابْنًا يَحْلِفُ الشَّفِيعُ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ لَهُ ابْنًا صَغِيرًا وَإِنْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا، وَقَدْ سَلَّمَ الدَّارَ إلَيْهِ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الْخُصُومَةِ وَقَبِلَ تَسْلِيمَ الدَّارِ وَهُوَ خَصْمٌ لِلشَّفِيعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ امْرَأَةٍ فَأَرَادَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا إلَّا مَنْ لَهُ الشُّفْعَةُ فَإِنَّ شَهَادَتَهُمْ لَا تَجُوزُ عَلَيْهَا إنْ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا شَهِدَ ابْنَا الْبَائِعِ عَلَى الشَّفِيعِ بِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ وَالدَّارِ فِي يَدِ الْبَائِعِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ يَدَّعِي تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ كَانَ يَجْحَدُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لَا يَجُرَّانِ إلَى أَبِيهِمَا مَغْنَمًا وَلَا يَدْفَعَانِ عَنْهُ مَغْرَمًا وَإِذَا شَهِدَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>