للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ شَرَطَ بَعْضَ أَعْمَالِ الْمُزَارَعَةِ عَلَى الْمُزَارِعِ وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْرُبَهَا وَيَزْرَعَهَا وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ السَّقْيِ فَهَذَا عَلَى سِتَّةِ أَوْجُهٍ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَيْثُ لَا تُخْرِجُ شَيْئًا بِدُونِ السَّقْيِ أَوْ تُخْرِجُ شَيْئًا وَلَكِنْ لَا يُرْغَبُ فِيهِ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الْأَرْضِ وَفِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَرَاضِي تُخْرِجُ شَيْئًا مَرْغُوبًا فِيهِ بِدُونِ السَّقْيِ إلَّا أَنَّهُ يَيْبَسُ بِدُونِ السَّقْيِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَيْثُ تُخْرِجُ شَيْئًا مَرْغُوبًا فِيهِ مِنْ مِثْلِهَا وَلَا يَيْبَسُ بِدُونِ السَّقْيِ بِأَنْ كَانَتْ الْأَرْضُ فِي بَلْدَةٍ كَثِيرَةِ الْمَطَرِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ السَّقْيُ يُؤَثِّرُ فِي زِيَادَةِ الْجَوْدَةِ فِي الْخَارِجِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ جَائِزَةً، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَا يَدْرِي أَنَّ السَّقْيَ هَلْ يُؤَثِّرُ فِي جَوْدَةِ الْخَارِجِ بِأَنْ كَانَ لَا يَدْرِي أَنَّ الْمَطَرَ يَقِلُّ أَوْ يَكْثُرُ، الْوَجْهُ الثَّانِي إذَا شَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْضَ الْأَعْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ السَّقْيَ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْبَاقِي فَهَذَا عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا إنْ عَلِمَ يَقِينًا أَنَّ السَّقْيَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْخَارِجِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ شَرَطَ فِيهَا عَمَلَ رَبِّ الْأَرْضِ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ لَا يُفْسِدُ وَكُلُّ شَرْطٍ لَا يُفْسِدُ وُجُودُهُ وَالْعَدَمُ بِمَنْزِلَةٍ وَلَوْ عُدِمَ الشَّرْطُ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ جَائِزَةً، وَكَذَلِكَ إذَا صَارَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ شَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ السَّقْيَ عَلَى نَفْسِهِ وَالْبَاقِي عَلَى الْعَامِلِ فَهَذَا وَمَا لَوْ شَرَطَ السَّقْيَ عَلَى نَفْسِهِ وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي سَوَاءٌ، الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فَشَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْضَ الْأَعْمَالِ عَلَى الْمُزَارِعِ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْذُرَهَا وَسَكَتَ عَنْ السَّقْيِ مَثَلًا فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ، وَإِذَا شَرَطَ بَعْضَ الْأَعْمَالِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَعْضَ عَلَى الْعَامِلِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ وَقَدْ شَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْضَ الْعَمَلِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ شَرَطَ الْبَعْضَ عَلَى نَفْسِهِ وَالْبَعْضَ عَلَى الْعَامِلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ أَرْضَهُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ الْمُزَارِعُ بِبَذْرِ نَفْسِهِ هَذِهِ السَّنَةَ مَا بَدَا لَهُ مِنْ غَلَّةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَعَلَى أَنَّ الَّذِي يَلِي طَرْحَ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ رَبُّ الْأَرْضِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ أَرْضًا وَبَذْرًا إلَى رَجُلٍ مُزَارَعَةً وَقَالَ لَهُ: مَا زَرَعْتَهَا بِكِرَابٍ فَبِكَذَا أَوْ بِغَيْرِ كِرَابٍ فَبِكَذَا وَبِكِرَابٍ وَثَنَيَانِ فَبِكَذَا فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: مَا زَرَعْتَ فِيهَا بِكِرَابٍ فَبِكَذَا وَبِغَيْرِ كِرَابٍ فَبِكَذَا فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: مَا زَرَعْتَ مِنْهَا بِكِرَابٍ فَبِكَذَا وَمَا زَرَعْتَ مِنْهَا بِغَيْرِ كِرَابٍ فَبِكَذَا فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَأَيُّ عَمَلٍ اخْتَارَهُ الْمُزَارِعُ كَانَ لَهُ مَا شَرَطَ بِإِزَائِهِ قَالُوا: مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ خَطَأٌ لَا وَجْهَ لِتَصْحِيحِهِ وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً مَتَى ذَكَرَ كَلِمَةَ مِنْ لِأَنَّ كَلِمَةَ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ فَقَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَزْرَعَ الْبَعْضَ بِكِرَابٍ وَالْبَعْضَ بِغَيْرِ كِرَابٍ وَذَلِكَ الْبَعْضُ مَجْهُولٌ لَا يُدْرَى وَأَوْجَبَ ذَلِكَ فَسَادَ الْمُزَارَعَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا مَسَائِلُ ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ فَمِنْ جُمْلَتِهَا إذَا قَالَ الدَّافِعُ: مَا زَرَعْتَ مِنْهَا حِنْطَةً فَلَكَ كَذَا وَمَا زَرَعْتَ مِنْهَا شَعِيرًا فَلَكَ كَذَا وَمَا زَرَعْتَ مِنْهَا سِمْسِمًا فَلَكَ كَذَا فَالْمُزَارَعَةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ فَاسِدَةٌ وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ إذَا قَالَ الدَّافِعُ: مَا زَرَعْتَ مِنْهَا فِي جُمَادَى الْأُولَى فَلَكَ كَذَا وَمَا زَرَعْتَ مِنْهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ فَلَكَ كَذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ: مَا زَرَعْتَ مِنْهَا بِمَاءِ السَّمَاءِ فَلَكَ كَذَا وَمَا زَرَعْتَ مِنْهَا بِغَرْبٍ أَوْ دَالِيَةٍ فَلَكَ كَذَا فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِرَابِ قَوْلُهُمَا وَمَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ كَانَ يَرَى جَوَازَ الْمُزَارَعَةِ لِأَنَّ كَلِمَةَ مِنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلتَّبْعِيضِ وَعِنْدَهُمَا لِلصِّلَةِ فَصَارَ حَاصِلُ الْجَوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>