للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ وِلَايَةُ الْفَسْخِ مَعَ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفَسِخَ هُنَا بِخِلَافِ مَا إذَا فَسَخَ ابْتِدَاءً، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ كَرْمَهُ إلَى رَجُلٍ مُعَامَلَةً فَلَمْ يَعْمَلْ الرَّجُلُ فِي الْكَرْمِ عَمَلًا لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ ثِمَارِ الْكَرْمِ، وَكَذَا إذَا عَمِلَ عَمَلًا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ الْأَشْجَارَ وَالثِّمَارَ حَتَّى ضَاعَتْ الثِّمَارُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ مِنْ جُمْلَةِ الْعَمَلِ أَيْضًا فِي حَقِّ الْعَامِلِ، فَأَمَّا الْمُزَارِعُ إذَا لَمْ يَعْمَلْ فِي الزِّرَاعَةِ نَحْوَ التَّشْذِيبِ أَوْ السَّقْيِ حَتَّى انْتَقَصَ الزَّرْعُ هَلْ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْخَارِجِ؟ . فَقِيلَ: الْجَوَابُ فِيهِ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَتِهِ يَسْتَحِقُّ بِخِلَافِ الْعَامِلِ إذَا لَمْ يَعْمَلْ فِي الْكَرْمِ اُجْتُنِيَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ فَسَدَتْ حَيْثُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ لَيْسَ نَمَاءَ مِلْكِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

دَفَعَ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً سَنَةً فَحَصَدَ الزَّرْعَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ انْتَقَضَتْ الْمُزَارَعَةُ إذَا كَانَتْ بَقِيَّةُ السَّنَةِ لَا تَكْفِي لِزِرَاعَةِ شَيْءٍ آخَرَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا لِيَغْرِسَهَا النَّوَاةَ عَلَى أَنْ يُحَوِّلَ مِنْ مَوْضِعِهِ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُعَيِّنَ مَوْضِعَ التَّحْوِيلِ بِأَنْ يَقُولَ عَلَى أَنْ يُحَوِّلَ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ الْأُخْرَى أَوْ قَالَ أَنْ يُحَوِّلَ فِي هَذَا الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ فَسَدَ الْعَقْدُ سَوَاءٌ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ أَوْ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَ التَّحْوِيلِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ الْعَقْدُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ، وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا يُحَوَّلُ، وَفِي بَعْضِ الْفَتَاوَى نَحْوُ شَجَرَةِ الْبَاذِنْجَانِ وَغَيْرِهَا، دَفَعَ رَجُلٌ إلَى آخَرَ أَرْضًا خَرَابًا لِيَعْمُرَهَا الْمُزَارِعُ وَيَزْرَعَهَا الْعَامِلُ مَعَ صَاحِبِ الْأَرْضِ بِبَذْرِهِمَا ثَلَاثَ سِنِينَ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ شَرْطَ عِمَارَةِ الْأَرْضِ عَلَى الْعَامِلِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، فَإِنْ زَرَعَهَا صَاحِبُ الْأَرْضِ وَالْعَامِلُ بِبَذْرِهِمَا سَنَةً فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ، وَيَكُونُ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ بَذْرِهِمَا، وَلِلْعَامِلِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ فِيمَا عَمِلَ مِنْ عِمَارَةِ الْأَرْضِ أَجْرُ عَمَلِهِ وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ الَّذِي اشْتَغَلَ بِبَذْرِ الْمُزَارِعِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ زَرَعَ أَرْضًا عَلَى شَطِّ جَيْحُونَ وَبَلَغَ الزَّرْعُ فَجَاءَ قَوْمٌ وَزَعَمُوا أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ قَالَ: أَمَّا الزَّرْعُ فَلِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَأَمَّا رَقَبَةُ الْأَرْضِ الْمُزَارَعَةِ فَإِنْ أَثْبَتَ الْقَوْمُ كَانَ لَهُمْ وَإِلَّا فَلِمَنْ أَحْيَاهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

مُسَنَّاةٌ بَيْنَ أَرْضَيْنِ إحْدَاهُمَا أَرْفَعُ مِنْ الْأُخْرَى، وَعَلَى الْمُسَنَّاةِ أَشْجَارٌ لَا يُعْرَفُ غَارِسُهَا، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الْمَاءُ يَسْتَقِرُّ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى بِدُونِ الْمُسَنَّاةِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي إمْسَاكِ الْمَاءِ إلَى الْمُسَنَّاةِ كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمُسَنَّاةِ قَوْلَ صَاحِبِ الْأَرْضِ الْعُلْيَا مَعَ يَمِينِهِ، وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمُسَنَّاةِ قَوْلَهُ كَانَتْ الْأَشْجَارُ لَهُ مَا لَمْ يُقِمْ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ السُّفْلَى تَحْتَاجُ فِي إمْسَاكِ الْمَاءِ إلَى الْمُسَنَّاةِ كَانَتْ الْمُسَنَّاةُ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ الْأَشْجَارِ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يُصَدَّقُ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ لَهُ خَاصَّةً إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ الْيَمِينُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ أَخَذَا أَرْضًا مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ يَزْرَعَاهَا بِبَذْرِ صَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا الثُّلُثُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ الثُّلُثُ، وَبَذَرَا فَلَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ الزَّرْعِ لِآفَةٍ أَصَابَتْهُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: لَا نَعْمَلُ فِيهِ الْخَرِيفِيَّ فَعَمِلَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ عِلْمِ صَاحِبِهِ وَحَصَلَ الرَّيْعُ هَلْ لِصَاحِبِهِ فِي الرَّيْعِ الْخَرِيفِيِّ شَيْءٌ لِأَجْلِ عَمَلِهِ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ فِيمَا مَضَى فَقَالَ: لَا لَكِنْ لَوْ طَلَبَ رِضَاهُ بِشَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ أَفْضَلَ، وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْعَمَلَ لَا يُتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ فَلَا يَسْتَحِقُّ بِمُجَرَّدِ الْعَمَلِ بِدُونِ الْعَقْدِ، لَكِنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّهُ يَطْلُبُ رِضَا الْعَامِلِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

سُئِلَ عَنْ مَحْدُودٍ عُقِدَ عَلَيْهِ بَيْعُ الْوَفَاءِ فَوَقَعَ التَّقَابُضُ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الْبَدَلَيْنِ وَزَرَعَ فِيهِ الْمُشْتَرِي سِنِينَ وَأَخَذَ الْغَلَّةَ فَخَرَاجُهُ عَلَى مَنْ؟ فَقَالَ: عَلَى الْبَائِعِ إنْ نَقَصَ الْأَرْضَ بِالزِّرَاعَةِ، قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْبَائِعُ بِضَمَانِ النُّقْصَانِ هَلْ يَلْزَمُهُ الْخَرَاجُ أَيْضًا؟ فَقَالَ: نَعَمْ (خرمن كوفتن) بِنِصْفِ التِّبْنِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>