للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَقَطَتْ عَنْ الْمُضَحِّي حَيْثُ أَخَذَهَا مَذْبُوحَةً، فَكَأَنَّهُ بَاعَهَا بِالْقِيمَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ عَلَى الْمُضَحِّي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا مَذْبُوحَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا مَذْبُوحَةً لَكِنَّ الْمُشْتَرِي صَالَحَهُ عَلَيْهَا مَذْبُوحَةً مِنْ الْقِيمَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ بَاعَهَا بِتِلْكَ الْقِيمَةِ لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ وَهَبَ لَهُ شَاةً هِبَةً فَاسِدَةً فَضَحَّى بِهَا فَالْوَاهِبُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا حَيَّةً وَتَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ وَيَأْكُلُ مِنْهَا، وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَدَّهَا وَاسْتَرَدَّ قِيمَةَ النُّقْصَانِ وَيَضْمَنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ قِيمَتَهَا فَيَتَصَدَّقُ بِهَا إذَا كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ لَوْ وَهَبَ شَاةً مِنْ رَجُلٍ فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَضَحَّى بِهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَالْغُرَمَاءُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا اسْتَرَدُّوا عَيْنَهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوهُ قِيمَتَهَا فَتَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ، فَإِذَا رَدَّهَا فَقَدْ أَسْقَطَ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً بِثَوْبٍ فَضَحَّى بِهَا ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ بِالثَّوْبِ عَيْبًا فَرَدَّهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الشَّاةِ وَلَا يَتَصَدَّقُ الْمُضَحِّي وَيَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَدَّهَا نَاقِصَةً مَذْبُوحَةً، فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَكْثَرَ يَتَصَدَّقُ بِالثَّوْبِ كَأَنَّهُ بَاعَهَا بِالثَّوْبِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيَمُهُ الشَّاةِ أَكْثَرَ مِنْهُ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَةِ الشَّاةِ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ فَبِرَدِّهَا أَسْقَطَ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ كَأَنَّهُ بَاعَهَا بِثَمَنِ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ قِيمَتِهَا، وَلَوْ وَجَدَ بِالشَّاةِ عَيْبًا فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبِلَهَا وَرَدَّ الثَّمَنَ وَيَتَصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إلَّا حِصَّةَ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ النُّقْصَانَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ وَرَدَّ حِصَّةَ الْعَيْبِ، وَلَا يَتَصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ النُّقْصَانَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْقُرْبَةِ وَإِنَّمَا دَخَلَ فِي الْقُرْبَةِ مَا ذُبِحَ، وَقَدْ ذُبِحَ نَاقِصًا إلَّا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ هَذَا الْعَيْبِ عَدْلٌ لِلصَّيْدِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ شَاةً فَضَحَّى بِهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ ذَبَحَهَا لِمُتْعَةٍ أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ، ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي الْهِبَةِ صَحَّ الرُّجُوعُ وَجَازَتْ الْأُضْحِيَّةُ وَالْمُتْعَةُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ وَلَيْسَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَالْمُتْعَةِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

مَرِيضٌ وَهَبَ لِإِنْسَانٍ شَاةً فَضَحَّى بِهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ مِنْ مَرَضِهِ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهَا فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يُضَمِّنُوهُ ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا حَيَّةً أَوْ يَأْخُذُوا ثُلُثَيْهَا مَذْبُوحَةً، وَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهَا مَذْبُوحَةً، وَجَازَتْ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ ضَحَّى بِمِلْكِ نَفْسِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ: رَجُلٌ اشْتَرَى خَمْسَ شِيَاهٍ فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ وَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهَا فَذَبَحَ رَجُلٌ وَاحِدَةً مِنْهَا يَوْمَ الْأَضْحَى بِغَيْرِ أَمْرِهِ بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ يَعْنِي أُضْحِيَّةَ صَاحِبِ الشَّاةِ، فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَمَّا لَمْ يُعَيِّنْهَا لَمْ يَأْذَنْ بِذَبْحِ عَيْنِهَا دَلَالَةً، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

فِي الْمُنْتَقَى لَوْ غَصَبَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ وَذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ وَضَمِنَ الْقِيمَةَ لِصَاحِبِهَا أَجْزَأَهُ مَا صَنَعَ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِسَابِقِ الْغَصْبِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

لَوْ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ شَاةً فَضَحَّى بِهَا لَا يَجُوزُ، وَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا نَاقِصَةً وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا حَيَّةً، فَتَصِيرُ الشَّاةُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ فَتَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى شَاةً فَضَحَّى بِهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ، فَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ جَازَ، وَإِنْ اسْتَرَدَّ الشَّاةَ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَلَوْ أَوْدَعَ رَجُلٌ رَجُلًا شَاةً فَضَحَّى بِهَا الْمُسْتَوْدَعُ عَنْ نَفْسِهِ يَوْمَ النَّحْرِ فَاخْتَارَ صَاحِبُهَا الْقِيمَةَ وَرَضِيَ بِهَا فَأَخَذَهَا فَإِنَّهَا لَا تُجْزِي الْمُسْتَوْدَعَ عَنْ أُضْحِيَّتِهِ، وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْتَهُ فِي الْوَدِيعَةِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ بِأَنْ اسْتَعَارَ نَاقَةً أَوْ ثَوْرًا أَوْ بَقَرًا أَوْ اسْتَأْجَرَهُ فَضَحَّى بِهِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ سَوَاءٌ أَخَذَهَا الْمَالِكُ أَوْ ضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَلَوْ كَانَتْ الشَّاةُ رَهْنًا فَضَحَّى بِهَا، ثُمَّ ضَمِنَهَا لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ.

رَجُلٌ دَعَا قَصَّابًا لِيُضَحِّيَ لَهُ فَضَحَّى الْقَصَّابُ عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ عَنْ الْآمِرِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

اشْتَرَى أُضْحِيَّةً وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِذَبْحِهَا فَذَبَحَهَا وَقَالَ: تَرَكْتُ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا ضَمِنَ الذَّابِحُ قِيمَةَ الشَّاةِ لِلْآمِرِ وَيَشْتَرِي الْآمِرُ بِقِيمَتِهَا شَاةً وَيُضَحِّي وَيَتَصَدَّقُ بِلَحْمِهَا، وَلَا يَأْكُلُ هَذَا إذَا كَانَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ بَاقِيَةً، وَإِنْ مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَمَرَ رَجُلٌ رَجُلًا أَنْ يَذْبَحَ شَاةً لَهُ فَلَمْ يَذْبَحْهَا الْمَأْمُورُ

<<  <  ج: ص:  >  >>