فَقَالَ: لَا، وَفِي اللَّآلِئِ وَاخْتُلِفَ فِي الَّذِي يَفْسُو فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمْ يَرَ بَعْضُهُمْ بَأْسًا، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا يَفْسُو وَيَخْرُجُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
وَلَا بَأْسَ لِلْمُحْدِثِ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَيُكْرَهُ النَّوْمُ وَالْأَكْلُ فِيهِ لِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ الِاعْتِكَافَ فَيَدْخُلَ فِيهِ وَيَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَدْرِ مَا نَوَى أَوْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَفْعَلَ مَا شَاءَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَا بَأْسَ لِلْغَرِيبِ وَلِصَاحِبِ الدَّارِ أَنْ يَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَتَوَرَّعَ فَلَا يَنَامُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
وَلَا بَأْسَ بِمَسْحِ الرِّجْلِ بِالْحَشِيشِ الْمُجْتَمِعِ فِي الْمَسْجِدِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصَّلَاةِ مَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا مِنْ وَضْعِ الْبَوَارِي فِي الْمَسْجِدِ وَمِسْحِ الْأَقْدَامِ عَلَيْهَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. دَاخِلُ الْمِحْرَابِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ عُشُّ خُطَّافٍ أَوْ خُفَّاشٍ يُقْذِرُ الْمَسْجِدَ لَا بَأْسَ بِرَمْيِهِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْفِرَاخِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ، وَفِي صَلَاةِ الْجَلَّابِيِّ لَا يَتَّخِذُ طَرِيقًا فِي الْمَسْجِدِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ بَابَانِ فَيَدْخُلَ مِنْ هَذَا وَيَخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ مُتَنَعِّلًا مَكْرُوهٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
لَا حُرْمَةَ لِتُرَابِ الْمَسْجِدِ إذَا جُمِعَ، وَلَهُ حُرْمَةٌ إذَا بُسِطَ. أَصَابَهُ الْبَرْدُ الشَّدِيدُ فِي الطَّرِيقِ فَدَخَلَ مَسْجِدًا فِيهِ خَشَبُ الْغَيْرِ، وَلَوْ لَمْ يُوقِدْ نَارًا يَهْلِكُ فَخَشَبُ الْمَسْجِدِ فِي الْإِيقَادِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ. يَجُوزُ إدْخَالُ الْحُبُوبِ وَأَثَاثِ الْبَيْتِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْخَوْفِ فِي الْفِتْنَةِ الْعَامَّةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ يَبِيعُ التَّعْوِيذَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَيَكْتُبُ فِي التَّعْوِيذِ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالْفُرْقَانَ وَيَأْخُذُ عَلَيْهِ الْمَالَ وَيَقُولُ: ادْفَعْ إلَيَّ الْهَدِيَّةَ. لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْكُبْرَى.
وَيُكْرَهُ كُلُّ عَمَلٍ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا فِي الْمَسْجِدِ، وَلَوْ جَلَسَ الْمُعَلِّمُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْوَرَّاقُ يَكْتُبُ، فَإِنْ كَانَ الْمُعَلِّمُ يُعَلِّمُ لِلْحِسْبَةِ وَالْوَرَّاقُ يَكْتُبُ لِنَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ، وَإِنْ كَانَ بِالْأُجْرَةِ يُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَقَعَ لَهُمَا الضَّرُورَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
مُبَاشَرَةُ عَقْدِ النِّكَاحِ فِي الْمَسَاجِدِ مُسْتَحَبٌّ وَاخْتِيَارُ ظَهِيرِ الدِّينِ خِلَافُ هَذَا، وَلَا يَدْخُلُ الَّذِي عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ الْمَسْجِدَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِلْمُرُورِ فَلَمَّا تَوَسَّطَهُ نَدِمَ، قِيلَ: يَخْرُجُ مِنْ بَابٍ غَيْرِ الَّذِي قَصَدَهُ، وَقِيلَ يُصَلِّي، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ فِي الْخُرُوجِ. قَالَ مَجْدُ الْأَئِمَّةِ التَّرْجُمَانِيُّ إنْ كَانَ مُحْدِثًا يَخْرُجُ مِنْ حَيْثُ دَخَلَ إعْلَامًا لِمَا جَنَى، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ
غَرْسُ الشَّجَرِ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ لِنَفْعِ النَّاسِ بِظِلِّهِ، وَلَا يُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ، وَلَا يُفَرِّقُ الصُّفُوفَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لِنَفْعِ نَفْسِهِ بِوَرَقِهِ أَوْ ثَمَرِهِ أَوْ يُفَرِّقُ الصُّفُوفَ أَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقَعُ بِهِ الْمُشَابَهَةُ بَيْنَ الْبِيعَةِ وَالْمَسْجِدِ يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
أَعْظَمُ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، ثُمَّ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ الْجَوَامِعُ، ثُمَّ مَسَاجِدُ الْمَحَالِّ، ثُمَّ مَسَاجِدُ الشَّوَارِعِ فَإِنَّهَا أَخَفُّ رُتْبَةً حَتَّى لَا يَعْتَكِفَ فِيهَا أَحَدٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا إمَامٌ مَعْلُومٌ وَمُؤَذِّنٌ، ثُمَّ مَسَاجِدُ الْبُيُوتِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ فِيهَا إلَّا لِلنِّسَاءِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
ذَكَرَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي التَّنْبِيهِ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَوَّلُهَا أَنْ يُسَلِّمَ وَقْتَ الدُّخُولِ إذَا كَانَ الْقَوْمُ جُلُوسًا غَيْرَ مَشْغُولِينَ بِدَرْسٍ وَلَا بِذِكْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحَدٌ أَوْ كَانُوا فِي الصَّلَاةِ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا، وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. وَالثَّانِي أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ. وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَلَا يَبِيعَ. وَالرَّابِعُ أَنْ لَا يَسُلَّ السَّيْفَ. وَالْخَامِسُ أَنْ لَا يَطْلُبَ الضَّالَّةَ فِيهِ. وَالسَّادِسُ أَنْ لَا يَرْفَعَ فِيهِ الصَّوْتَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَالسَّابِعُ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِيهِ مِنْ أَحَادِيثِ الدُّنْيَا. وَالثَّامِنُ أَنْ لَا يُخَطِّي رِقَابَ النَّاسِ. وَالتَّاسِعُ أَنْ لَا يُنَازِعَ فِي الْمَكَانِ. وَالْعَاشِرُ أَنْ لَا يُضَيِّقَ عَلَى أَحَدٍ فِي الصَّفِّ. وَالْحَادِيَ عَشَرَ أَنْ لَا يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي. وَالثَّانِي عَشَرَ أَنْ لَا يَبْزُقَ فِيهِ. وَالثَّالِثَ عَشَرَ أَنْ لَا يُفَرْقِعَ أَصَابِعَهُ فِيهِ. وَالرَّابِعَ عَشَرَ أَنْ يُنَزِّهَهُ عَنْ النَّجَاسَاتِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ. وَالْخَامِسَ عَشَرَ أَنْ يُكْثِرَ فِيهِ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْحَدِيثِ لَا يُبَاحُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَا بُنِيَ لِأُمُورِ الدُّنْيَا، وَفِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ الْمُبَاحَ مِنْ حَدِيثِ الدُّنْيَا فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ. قَالَ: وَلَا يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ الدُّنْيَا، وَفِي صَلَاةِ الْجَلَّابِيِّ الْكَلَامُ الْمُبَاحُ مِنْ حَدِيثِ الدُّنْيَا يَجُوزُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَشْتَغِلَ بِذَكَرِ اللَّهِ تَعَالَى - كَذَا