وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَالْأَفْضَلُ لَلْمُسَلِّمِ أَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَالْمُجِيبُ كَذَلِكَ يَرُدُّ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَى الْبَرَكَاتِ شَيْءٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لِكُلِّ شَيْءٍ مُنْتَهَى وَمُنْتَهَى السَّلَامِ الْبَرَكَاتُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَأْتِي بِوَاوِ الْعَطْفِ فِي قَوْلِهِ: وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ، وَإِنْ حَذَفَ وَاوَ الْعَطْفِ فَقَالَ: عَلَيْكُمْ السَّلَامُ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ قَالَ الْمُبْتَدِئُ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَوْ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَلِلْمُجِيبِ أَنْ يَقُولَ فِي الصُّورَتَيْنِ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وَلَكِنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ أَوْلَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا دَخَلَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَوْمٍ، فَإِنْ تَرَكُوا السَّلَامَ فَكُلُّهُمْ آثِمُونَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ سَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ جَازَ عَنْهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ سَلَّمَ كُلُّهُمْ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ تَرَكُوا الْجَوَابَ فَكُلُّهُمْ آثِمُونَ، وَإِنْ رَدَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَجْزَأَهُمْ وَبِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ أَجَابَ كُلُّهُمْ فَهُوَ أَفْضَلُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(فِي فَتَاوَى آهُو) رَجُلٌ أَتَى قَوْمًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ رَدُّهُ، فَإِنْ سَلَّمَ ثَانِيًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ ثَانِيًا، وَكَذَلِكَ التَّشْمِيتُ لَمْ يَجِبْ ثَانِيًا وَيُسْتَحَبُّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَفِي النَّوَازِلِ رَجُلٌ جَالِسٌ مَعَ قَوْمٍ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ فَرَدَّهُ بَعْضُ الْقَوْمِ يَنُوبُ ذَلِكَ عَنْ الَّذِي سَلَّمَ عَلَيْهِ الْمُسَلِّمُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْجَوَابُ، يُرِيدُ بِهِ إذَا أَشَارَ إلَيْهِمْ وَلَمْ يُسَمِّ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ التَّسْلِيمُ عَلَى الْكُلِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يُشَارَ إلَى الْجَمَاعَةِ بِخِطَابِ الْوَاحِدِ هَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ ذَلِكَ الرَّجُلَ، فَأَمَّا إذَا سَمَّاهُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا زَيْدُ فَأَجَابَهُ غَيْرُ زَيْدٍ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْ زَيْدٍ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ وَأَشَارَ إلَى زَيْدٍ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ التَّسْلِيمُ عَلَى الْكُلِّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَرَّ عَلَى قَوْمٍ يَأْكُلُونَ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا وَعَرَفَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَهُ سَلَّمَ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
السَّائِلُ إذَا سَلَّمَ لَا يَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
السَّائِلُ إذَا أَتَى بَابَ دَارٍ إنْسَانٍ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ لَا يَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا سَلَّمَ عَلَى الْقَاضِي فِي الْمَحْكَمَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمِصْرِيِّ وَالْقَرَوِيِّ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُسَلِّمُ الَّذِي جَاءَ مِنْ الْمِصْرِ عَلَى الَّذِي يَسْتَقْبِلُهُ مِنْ الْقُرَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى الْقَلْبِ، وَيُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي وَالْقَائِمُ عَلَى الْقَاعِدِ وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ، وَالصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيُسَلِّمُ الْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ وَيُسَلِّمُ الَّذِي يَأْتِيكَ مِنْ خَلْفِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الرَّجُلُ مَعَ الْمَرْأَةِ إذَا الْتَقَيَا سَلَّمَ الرَّجُلُ أَوَّلًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
اسْتَقْبَلَهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ فِي الْحُكْمِ لَا فِي الدِّيَانَةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا الْتَقَيَا فَأَفْضَلُهُمَا أَسْبَقُهُمَا، فَإِنْ سَلَّمَا مَعًا يَرُدُّ كُلُّ وَاحِدٍ وَيُسْتَحَبُّ الرَّدُّ مَعَ الطَّهَارَةِ وَيُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ يُسَلِّمُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُسَلِّمُ فِي كُلِّ دَخْلَةٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ.
اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى الصِّبْيَانِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: التَّسْلِيمُ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَأَمَّا التَّسْلِيمُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسَلِّمِ حَاجَةٌ إلَى الذِّمِّيِّ، وَإِذَا كَانَ لَهُ حَاجَةٌ فَلَا بَأْسَ بِالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، وَلَا بَأْسَ بِرَدِّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَكِنْ لَا يُزَادُ عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَيْكُمْ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ مَرَرْتَ بِقَوْمٍ وَفِيهِمْ كُفَّارٌ فَأَنْتَ بِالْخِيَارِ إنْ شِئْت قُلْتَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَتُرِيدُ بِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
السَّلَامُ تَحِيَّةُ الزَّائِرِينَ، وَاَلَّذِينَ جَلَسُوا فِي الْمَسْجِدِ لِلْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحِ أَوْ لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ مَا جَلَسُوا فِيهِ لِدُخُولِ الزَّائِرِينَ عَلَيْهِمْ فَلَيْسَ هَذَا أَوَانَ السَّلَامِ فَلَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ الدَّاخِلُ وَسِعَهُمْ أَنْ لَا يُجِيبُوهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
يُكْرَهُ السَّلَامُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ جَهْرًا، وَكَذَا عِنْدَ مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ، وَعِنْدَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ أَيْضًا، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
إنْ سَلَّمَ فِي حَالَةِ التِّلَاوَةِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَهُوَ اخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ، وَهَكَذَا اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.