النَّظَرُ إلَى فَرْجِهَا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يَقُولُ: الْأَوْلَى أَنْ يَنْظُرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَتِهِ وَقْتَ الْوِقَاعِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي تَحْصِيلِ مَعْنَى اللَّذَّةِ كَذَا التَّبْيِينِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: سَأَلَتْ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ يَمَسُّ فَرْجَ امْرَأَتِهِ وَهِيَ تَمَسُّ فَرْجَهُ لِتُحَرِّكَ آلَتَهُ هَلْ تَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا؟ قَالَ: لَا وَأَرْجُو أَنْ يُعْطَى الْأَجْرَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُجَرِّدُ زَوْجَتَهُ لِلْجِمَاعِ إذَا كَانَ الْبَيْتُ صَغِيرًا مِقْدَارَ خَمْسَةِ أَذْرُعٍ أَوْ عَشَرَةِ قَالَ مَجْدُ الْأَئِمَّةِ التَّرْجُمَانِيُّ وَرُكْنُ الصَّبَّاغِيُّ وَالْحَافِظُ السَّائِلِيُّ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَجَرَّدَا فِي الْبَيْتِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْخُلَ عَلَى الزَّوْجَيْنِ مَحَارِمُهُمَا وَهُمَا فِي الْفِرَاشِ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ بِاسْتِئْذَانٍ، وَلَا يَدْخُلُونَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَكَذَا الْخَادِمُ حِينَ يَخْلُو الرَّجُلُ بِأَهْلِهِ وَكَذَا الْأَمَةُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. أَخَذَ بِيَدِ أَمَتِهِ وَأَدْخَلَهَا بَيْتًا وَأَغْلَقَ بَابًا وَعَلِمُوا أَنَّهُ يُرِيدُ وَطْئَهَا كُرِهَ وَطْءُ زَوْجَتِهِ بِحَضْرَةِ ضَرَّتِهَا أَوْ أَمَتِهِ، يُكْرَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَرِهَ لِهَذَا أَهْلُ بُخَارَى النَّوْمَ عَلَى السَّطْحِ، كَذَا فِي اللَّمَمِ.
وَأَمَّا نَظَرُهُ إلَى ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ فَنَقُولُ: يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إلَى مَوْضِعِ زِينَتِهَا الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ وَهِيَ الرَّأْسُ وَالشَّعْرُ وَالْعُنُقُ وَالصَّدْرُ وَالْأُذُنُ وَالْعَضُدُ وَالسَّاعِدُ وَالْكَفُّ وَالسَّاقُ وَالرِّجْلُ وَالْوَجْهُ، فَالرَّأْسُ مَوْضِعُ التَّاجِ وَالْإِكْلِيلِ وَالشَّعْرُ مَوْضِعُ الْعِقَاصِ وَالْعُنُقُ مَوْضِعُ الْقِلَادَةِ وَالصَّدْرُ كَذَلِكَ وَالْقِلَادَةُ الْوِشَاحُ، وَقَدْ يَنْتَهِي إلَى الصَّدْرِ وَالْأُذُنُ مَوْضِعُ الْقُرْطِ وَالْعَضُدُ مَوْضِعُ الدُّمْلُوجِ وَالسَّاعِدُ مَوْضِعُ السِّوَارِ وَالْكَفُّ مَوْضِعُ الْخَاتَمِ وَالْخِضَابِ وَالسَّاقُ مَوْضِعُ الْخَلْخَالِ وَالْقَدَمُ مَوْضِعُ الْخِضَابِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَا بَأْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ مِنْ أُمِّهِ وَابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ وَأُخْتِهِ وَكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ كَالْجَدَّاتِ وَالْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ إلَى شَعْرِهَا وَصَدْرِهَا وَذَوَائِبِهَا وَثَدْيِهَا وَعَضُدِهَا وَسَاقِهَا، وَلَا يَنْظُرُ إلَى ظَهْرِهَا وَبَطْنِهَا، وَلَا إلَى مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا إلَى أَنْ يُجَاوِزَ الرُّكْبَةَ وَكَذَا إلَى كُلِّ ذَاتِ مَحْرَمٍ بِرَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ كَزَوْجَةِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِنْ عَلَا وَزَوْجَةِ ابْنِ الِابْنِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ.
وَإِنْ سَفَلُوا وَابْنَةِ الْمَرْأَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِأُمِّهَا فَهِيَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِالزِّنَا اخْتَلَفُوا فِيهَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَثْبُتُ فِيهَا إبَاحَةُ النَّظَرِ وَالْمَسِّ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ تَثْبُتُ إبَاحَةُ النَّظَرِ وَالْمَسِّ لِثُبُوتِ الْحُرْمَةِ الْمُؤَبَّدَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَا حَلَّ النَّظَرُ إلَيْهِ حَلَّ مَسُّهُ وَنَظَرُهُ وَغَمْزُهُ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ وَلَكِنْ إنَّمَا يُبَاحُ النَّظَرُ إذَا كَانَ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ الشَّهْوَةَ، فَأَمَّا إذَا كَانَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الشَّهْوَةَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ، وَكَذَلِكَ الْمَسُّ إنَّمَا يُبَاحُ لَهُ إذَا أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا الشَّهْوَةَ، وَأَمَّا إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَيْهَا الشَّهْوَةَ فَلَا يَحِلُّ الْمَسُّ لَهُ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَنْظُرَ إلَى بَطْنِهَا أَوْ إلَى ظَهْرِهَا، وَلَا إلَى جَنْبِهَا، وَلَا يَمَسُّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلِلِابْنِ أَنْ يَغْمِزَ بَطْنَ أُمِّهِ وَظَهْرَهَا خِدْمَةً لَهَا مِنْ وَرَاءِ الثِّيَابِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَمِعْتُ الشَّيْخَ الْإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْمِزَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ إلَى السَّاقِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَغْمِزَ الْفَخْذَ وَيَمَسَّهُ وَرَاءَ الثَّوْبِ وَيَقُولُ: يَغْمِزُ الرَّجُلُ رِجْلَ وَالِدَيْهِ، وَلَا يَغْمِزُ فَخْذَ وَالِدَيْهِ وَالْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُبِيحُ أَنْ يَغْمِزَ الْفَخْذَ وَيَمَسَّهَا وَرَاءَ الثَّوْبِ وَغَيْرَهَا، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا وَيَخْلُوَ بِهَا يَعْنِي بِمَحَارِمِهِ إذَا أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَشْتَهِيهَا أَوْ تَشْتَهِيه إنْ سَافَرَ بِهَا أَوْ خَلَا بِهَا أَوْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فَلَا يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى حَمْلِهَا وَإِنْزَالِهَا فِي السَّفَرِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذَ بَطْنَهَا وَظَهْرَهَا مِنْ وَرَاءِ الثِّيَابِ، فَإِنْ خَافَ الشَّهْوَةَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَيْهَا فَلْيَجْتَنِبْ بِجَهْدِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَجْتَنِبَ أَصْلًا مَتَى أَمْكَنَهَا الرُّكُوبُ وَالنُّزُولُ بِنَفْسِهَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهَا ذَلِكَ تَكَلَّفَ الْمَحْرَمُ فِي ذَلِكَ زِيَادَةَ تَكَلُّفٍ بِالثِّيَابِ حَتَّى لَا يَصِلَ إلَيْهِ حَرَارَةُ بَدَنِهَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ تَكَلَّفَ الْمَحْرَمُ لِدَفْعِ الشَّهْوَةِ عَنْ قَلْبِهِ يَعْنِي لَا يَقْصِدُ بِهَا فِعْلَ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَأَمَّا النَّظَرُ إلَى أَمَةِ الْغَيْرِ فَهُوَ كَنَظَرِهِ إلَى ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إلَى ظَهْرِهَا وَبَطْنِهَا كَمَا فِي حَقِّ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الرَّازِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لَا يَنْظُرُ إلَى مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا إلَى رُكْبَتِهَا، وَلَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إلَى مَا وَرَاءَ ذَلِكَ، وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْأَمَةِ وَالْمُسْتَسْعَاةُ كَالْمُكَاتَبَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute